الذكاء الاصطناعي التوليدي.. تحدي الابتكار لا تهديد البشرية
عمر غازي
في عالم اليوم، يواجه البعض حالة من القلق والتوتر بسبب تطورات الذكاء الاصطناعي التوليدي وما يمكن أن ينجم عنها من تأثيرات على سوق العمل. يعتقد البعض أن هذه التقنيات ستتسبب في تجاوز الإنسان واستغنائه عنه، إلا أن هذا التفكير يعتبر قاصرا وغير جديد. في الواقع، يمكن تصنيف هذا الخوف ضمن مظاهر “مقاومة التغيير” التي تمثل حالة طبيعية لدى معظم البشر.
لمن يستعرض صفحات التاريخ، يتضح أن هذه المخاوف تتكرر في مختلف المراحل التاريخية؛ ففي الفترة التي صاحبت اندلاع الثورة الصناعية والاعتماد على الآلات، شهدنا إلغاء العديد من الوظائف اليدوية التي حلت الآلة مكانها. لكن عند توسيع منظورنا، نجد أن الثورة الصناعية أنتجت العديد من الوظائف والمهن الجديدة وفتحت آفاقاً لا نهاية لها للتطور والنماء.
بالطبع، هذا ما سيحدث مع الذكاء الاصطناعي أيضاً. فهو صنيعة الإنسان ونتاج عقله وفكره، ولن يتطور إلا بالمزيد من الباحثين والمتخصصين والعاملين في هذا المجال. لذا، ما يتوجب علينا توقعه هو تغيير في طبيعة الوظائف والطلب عليها، وليس انتهاء الأعمال البشرية.
في الواقع، لا يهدد الذكاء الاصطناعي سوق العمل؛ بل يهدد من لا يتواءم معه. حتى الأعمال التي سينجزها الذكاء الاصطناعي ستحتاج إلى عامل بشري لمراجعتها وتقييمها، مما يعني أن السوق سيحتاج أكثر إلى أصحاب الخبرات والمهارات النوعية والخبراء. هذا التأثير يمكن أن يشمل مجالات متنوعة مثل التحرير الصحفي، البحث العلمي، المحاماة وغيرها.
في الختام، يمكننا القول إن الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس خطراً على سوق العمل، وقد يتضرر منه في البداية القليل ممن لا يستطيعون التكيف مع المتغيرات بسهولة. ومع ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي يمثل تحدياً للابتكار والتطوير، ويدعو الجميع إلى ضرورة التأقلم مع هذه التغييرات والاستفادة منها بأفضل طريقة ممكنة. باعتباره نتاج عقل الإنسان، فإن الذكاء الاصطناعي يعكس قدراتنا وطموحاتنا، ويعزز مكانتنا كمبتكرين ومُحدثين للتغيير. لنتعلم إذاً كيف نستغل هذه التقنيات الجديدة لتحسين حياتنا وتعزيز مكانتنا في هذا العالم المتغير باستمرار.