أكذوبة الذكاء الاصطناعي
إيهاب صابر
نسمع ونقرأ عن الذكاء الاصطناعي والثورة التكنولوجية المقبلة، وفناء آلاف الوظائف نتيجة لهذا التحول المهول الذي سوف يحدث في حياتنا الشخصية والعملية، وبناء عليه ظهرت الكثير من التطبيقات في مجالات عدة، مقتحمة حياتنا دون سابق إنذار.
نحن نستخدم الذكاء الاصطناعي منذ فترة وليس بجديد علينا، بالنسبة لي كصحفي، استخدمه في التحليل اللغوي للنصوص منذ سنوات، وذلك لتسهيل عملية تحرير الأخبار وتوليد المحتوى الإخباري بشكل أسرع وأكثر دقة، وتحليل النص واستخراج أفكار تصلح لموضوعات صحفية، وعملية توليد النصوص الآلية للموضوعات ميزة ليست بجديدة، وليس مثلما يشاع الآن أنها انتشرت مع زحف تطبيق شات «جي بي تي»، وغيره من التطبيقات القائمة على توليد النصوص للهواتف وأجهزة الكمبيوتر.
مصطلح الذكاء الاصطناعي سبق وانتشر في القرن الماضي، لكن لم يأخذ شهرة مثل هذه الأيام، نتيجة عدم انتشار التكنولوجية وتفاقم مشكلة الأمية وارتفاع تكلفة استخدامها وغيرها من الأسباب، كما أنّ الذكاء الاصطناعي قائمًا على البيانات التي يُدخلها الإنسان فلا يجري توليد معلوماته من فراغ.
كما أنّ مخاطر الذكاء الاصطناعي مرعبة، إذ أنه خلال الفترة القصيرة الماضية، انتشرت الصور المزيفة والنصوص المفبركة وحتى الفيديوهات المعدلة عن طريق تقنية «التزوير العميق»، أشخاص أصبحوا في أماكن لم يزوروها قط، كلمات مسموعة لم تقال يوما ما، نصوص لم ينزل بها أصحابها من سلطان، والضحية في النهاية هو المواطن العادي الذي لا يجيد التحقق مما يشاهد أو يسمع أو يقرأ.
الذكاء الاصطناعي أشبه بتطبيق «ثريدز» حديث العهد، الذي يعد المنافس الجديد لمنصة «تويتر» الرقمية، ولم يصل إلى شكله النهائي حتى الآن، تمامًا مثل الذكاء الاصطناعي الذي نستخدمه هذه الأيام، فهو في طور التحديث والتجريب حتى يصبح أداة يُعتمد عليها، حتى لو أصبح مثل تطبيق ثريدز الذي وصل عدد مستخدميه في 18 ساعة إلى 30 مليونًا، سوف يأتي يوم ما ويصبح الذكاء الاصطناعي مثل تطبيقات الدردشة القديمة مثل «ياهو» ما لم يجد طريقة للولوج لحياة البشر اقتصاديا وصناعيا وأمنيا وتعليميا.
لا تنصدموا بالذكاء الاصطناعي، ولا تهولوا من إمكاناته ولا تخافوا من المستقبل، فاليوم هو مستقبل الأمس، والتغيير لا يحدث بين ليلة وضحاها، ولكن استعدوا للمستقبل بالعمل والتعلم الآن.