“جسر الملك فهد.. شريان الخليج الذي لا يهدأ: 33 مليون رحلة بين السعودية والبحرين في عام واحد”
الترند العربي – متابعات
حركة غير مسبوقة على جسر الملك فهد
شهد عام 2024 تسجيل رقم قياسي في حركة العبور بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين عبر جسر الملك فهد، حيث بلغ عدد الزيارات المتبادلة أكثر من 33 مليون زيارة خلال عام واحد، ما يعكس النمو المتسارع في حجم التنقل البشري والتجاري بين البلدين الشقيقين، وتزايد أهمية هذا المعبر التاريخي بوصفه أحد أكثر المنافذ البرية نشاطًا على مستوى الشرق الأوسط.
ويُعد هذا الارتفاع في الحركة مؤشراً واضحاً على تنامي العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية بين المملكة والبحرين، خصوصًا مع التطورات التي تشهدها البنية التحتية والخدمات المقدمة على الجسر من قبل المؤسسة العامة لجسر الملك فهد.

جسر الملك فهد.. معبر استراتيجي ورمز وحدوي
افتتح جسر الملك فهد في عام 1986م، ومنذ ذلك التاريخ أصبح أكثر من مجرد طريق يربط دولتين، بل تحول إلى رمز للتكامل الخليجي وواجهة حضارية تعكس عمق الروابط بين الشعبين السعودي والبحريني. يمتد الجسر على مسافة تقارب 25 كيلومترًا، ويتألف من أربع حارات رئيسية في كل اتجاه، إضافة إلى الجسر العلوي للمسافرين ومنطقة الخدمات التجارية.
ويشهد الجسر باستمرار عمليات تطوير شاملة تشمل البوابات الذكية، والتوسعة في مناطق الإجراءات الجمركية، وتحسين مسارات الشاحنات والحافلات، الأمر الذي ساهم في تقليص فترات الانتظار بشكل كبير خلال فترات الذروة.

33 مليون زيارة.. مؤشر على عمق التواصل
أشارت الهيئة العامة للإحصاء في تقريرها السنوي لمؤشرات النقل والمرور لعام 2024 إلى أن منفذ جسر الملك فهد استحوذ على ما نسبته 49.9% من إجمالي حركة المسافرين عبر المنافذ البرية في المملكة، وذلك من أصل 65.9 مليون راكب عبروا الحدود خلال العام.
هذه النسبة الضخمة تؤكد أن الجسر لا يُعد مجرد طريق عبور، بل شريانًا اقتصاديًا واجتماعيًا رئيسيًا يربط الملايين يوميًا لأغراض متعددة تشمل السياحة، التجارة، التعليم، والرعاية الصحية.
كما أظهر التقرير أن حركة المسافرين عبر الجسر شهدت زيادة متواصلة خلال النصف الثاني من العام، خاصة في مواسم الإجازات الرسمية والعطلات المدرسية، وهو ما يعكس تزايد اعتماد المواطنين والمقيمين على هذا المنفذ الحيوي للسفر بين البلدين.

السياحة تقود النمو في الحركة البرية
ساهمت النهضة السياحية في السعودية ضمن مستهدفات رؤية 2030 في تعزيز حركة التنقل عبر جسر الملك فهد، إذ باتت المملكة وجهة رئيسية للسياحة الداخلية والإقليمية، في حين تعد البحرين محطة مفضلة للسياحة القصيرة لسكان المنطقة الشرقية والزوار الخليجيين.
ووفقًا لتقارير وزارة السياحة السعودية، فإن عام 2024 شهد تسجيل أكثر من 100 مليون زيارة داخلية ودولية للمملكة، ما جعلها واحدة من أسرع الأسواق نموًا في الشرق الأوسط. وتُعد المنافذ البرية، وعلى رأسها جسر الملك فهد، شريانًا رئيسيًا لهذا النشاط، حيث تسهّل الانتقال السلس بين الوجهتين وتدعم اقتصاد الخدمات الفندقية والمطاعم والنقل البري.
تسهيلات رقمية وتنظيمية تعزز تجربة العبور
ضمن جهود الإدارة العامة للمرور وهيئة الجمارك السعودية، شهدت بوابات جسر الملك فهد إطلاق عدد من المبادرات الرقمية التي سهّلت على المسافرين إنجاز إجراءاتهم إلكترونيًا قبل الوصول، بما في ذلك التصاريح المسبقة، ودفع الرسوم إلكترونيًا، وتقنيات المسار السريع للحافلات والعائلات.
كما تم اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي في مراقبة الحركة وتحليل البيانات المرورية لتفادي الازدحامات وتوجيه المركبات وفق الكثافة اللحظية، ما أسهم في تحسين كفاءة العبور وتقليل زمن الانتظار بنسبة وصلت إلى 35%.
هذه التطورات التقنية جعلت الجسر نموذجًا ناجحًا لتطبيق التحول الرقمي في قطاع النقل، ضمن مستهدفات رؤية 2030 التي تسعى إلى جعل المملكة مركزًا عالميًا للخدمات الذكية المتكاملة.
روابط تجارية تتجاوز الحدود
إلى جانب الحركة البشرية، يشهد جسر الملك فهد نشاطًا تجاريًا متزايدًا، حيث تمر عبره آلاف الشاحنات يوميًا محملة بالبضائع والمنتجات الغذائية والصناعية بين المملكتين، ما يجعله بوابة اقتصادية أساسية في سلاسل الإمداد الخليجية.
وتشير تقديرات مجلس التنمية الاقتصادية البحريني إلى أن أكثر من 65% من التبادل التجاري البري بين البحرين والسعودية يتم عبر هذا الجسر، بقيمة سنوية تتجاوز 4 مليارات دولار. وتتنوع السلع المنقولة بين المواد الإنشائية، والمنتجات البتروكيماوية، والمعدات التقنية، إضافة إلى المنتجات الزراعية والغذائية.
هذا التكامل التجاري عزز من موقع الجسر كمعبر رئيسي لدعم التكامل الخليجي، وساهم في رفع كفاءة النقل وتخفيض كلفة اللوجستيات بين البلدين.
مشاريع توسعية مستقبلية
تعمل المؤسسة العامة لجسر الملك فهد بالتعاون مع الجهات السعودية والبحرينية على تنفيذ خطة تطوير شاملة تهدف إلى مضاعفة الطاقة الاستيعابية للمعبر بحلول عام 2030، وتشمل إنشاء جسر الملك حمد الموازي الذي سيربط شبكة السكك الحديدية بين البلدين، إلى جانب توسعة بوابات الدخول والخروج، وإضافة مسارات ذكية مخصصة للحافلات السياحية والشحن السريع.
هذه المشاريع الطموحة تهدف إلى تعزيز موقع الجسر كمنصة ربط إقليمي بين الخليج العربي وبقية الأسواق الآسيوية، وكممر رئيسي ضمن شبكة النقل المتكامل في مجلس التعاون الخليجي.
1.2 مليون رخصة قيادة جديدة.. مؤشرات تحول اجتماعي
تقرير الهيئة لم يقتصر على جسر الملك فهد فقط، بل شمل أيضًا مؤشرات لافتة في مجال إصدار رخص القيادة، حيث بلغ عدد الرخص الجديدة خلال عام 2024 أكثر من 1.2 مليون رخصة، بنسبة زيادة 6.6% مقارنة بالعام السابق.
هذا النمو يعكس التحول الاجتماعي المتسارع في المملكة، وتنامي الوعي بأهمية القيادة الآمنة، فضلًا عن توسّع برامج التدريب وتعدد مدارس تعليم القيادة المجهزة بأحدث التقنيات الرقمية، ما يعزز من سلامة الطرق ويزيد من كفاءة قطاع النقل.
انعكاسات اقتصادية واجتماعية
الارتفاع الكبير في حركة التنقل بين المملكة والبحرين يحمل انعكاسات اقتصادية واجتماعية واسعة، إذ يساهم في تنشيط قطاع الضيافة والسياحة والفندقة والمطاعم، إلى جانب تحفيز أسواق التجزئة والترفيه، خاصة في المدن الحدودية مثل الخبر والظهران والمنامة.
كما أن الجسر أصبح عامل جذب للعائلات التي تبحث عن تجربة سفر قصيرة وسلسة، مدعومة بخدمات عالية المستوى في الجانبين، ما يجعل الرحلة عبره جزءًا من تجربة متكاملة في السياحة الخليجية.
تعزيز التكامل الخليجي
في إطار التعاون بين دول مجلس التعاون، يمثل جسر الملك فهد نموذجًا للتكامل الخليجي العملي، إذ يربط بين شعبين تجمعهما العلاقات التاريخية والعائلية، ويمثل تجربة ناجحة في إدارة المنافذ المشتركة.
وتعمل كل من السعودية والبحرين على تطوير منظومات مشتركة في مجالات الجمارك، الأمن، والخدمات اللوجستية، ما يجعل هذا المعبر شاهدًا حيًا على تطور العمل الخليجي المشترك.
رؤية 2030 والنقل الذكي
تحظى مشاريع النقل البري بتركيز خاص ضمن رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى بناء شبكة نقل مستدامة وذكية تواكب التحول الاقتصادي. ويأتي جسر الملك فهد كمثال على تطبيق الرؤية في الميدان، حيث يجمع بين البنية التحتية الحديثة، والخدمات الذكية، والكفاءة التشغيلية، بما يعزز مكانة المملكة كمركز عبور إقليمي.
كما يشكّل المشروع المستقبلي للربط السككي بين البلدين خطوة جديدة نحو نقل آمن ومستدام يقلل من انبعاثات الكربون ويدعم مبادرات المملكة في التحول الأخضر.
ما هو عدد الزيارات المسجلة عبر جسر الملك فهد عام 2024؟
بلغ عدد الزيارات المتبادلة بين السعودية والبحرين أكثر من 33 مليون زيارة خلال عام 2024، وهو أعلى معدل حركة في تاريخ الجسر.
ما أهمية جسر الملك فهد اقتصاديًا؟
يُعد الجسر شريانًا اقتصاديًا أساسيًا للتبادل التجاري الخليجي، حيث تمر عبره أكثر من 65% من حركة الشاحنات بين البلدين، مما يعزز دور المملكة كمركز لوجستي إقليمي.
هل هناك خطط لتوسعة الجسر؟
نعم، يجري العمل على مشروع جسر الملك حمد الموازي الذي سيتضمن خطًا للسكك الحديدية، إلى جانب تطوير مناطق الخدمات والتوسع في المسارات الذكية.
كيف ساهمت رؤية 2030 في تطوير قطاع النقل؟
رؤية السعودية 2030 ركزت على بناء منظومة نقل متكاملة تعتمد على التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، وجسر الملك فهد يُعد نموذجًا بارزًا في هذا التحول عبر البوابات الذكية وأنظمة المراقبة المتقدمة.
اقرأ أيضًا: أصغر جسر في العالم ينقلك بين دولتين وزمنين مختلفين في ثوان

