الذهب تحت تأثير ظاهرة “فومو”.. اندفاع غير مسبوق يربك الأسواق الآسيوية

تشهد الأسواق الآسيوية موجة غير مسبوقة من الإقبال على شراء الذهب، مع تسارع المستهلكين إلى اقتناء المعدن النفيس قبل أن يقفز إلى مستويات أعلى، ما أجبر عددًا من كبريات الشركات في اليابان وكوريا الجنوبية على وقف المبيعات مؤقتًا بسبب نقص المعروض وارتفاع الأسعار التاريخي.
سباق الشراء يشعل “حُمى الذهب”
أدى الارتفاع المتواصل في أسعار الذهب عالميًا إلى تحوّل الأسواق الآسيوية إلى مراكز طلب محمومة، إذ هرع المستثمرون والمستهلكون إلى الشراء مدفوعين بالخوف من مزيد من الارتفاعات، وسط توتر الأوضاع التجارية والغموض السياسي العالمي.

وتُشير مؤشرات الأسواق إلى أن الأسعار صعدت إلى مستويات تاريخية لم تشهدها المنطقة منذ أكثر من عقد، ما دفع بعض المتاجر إلى تعليق المبيعات لتفادي نقص الإمدادات.
تعليق مبيعات الذهب في اليابان
أعلنت شركة “تاناكا جروب للمعادن الثمينة” – إحدى أكبر شركات تجارة الذهب في اليابان – وقفًا مؤقتًا لمبيعات سبائك الذهب التي تتراوح بين 5 و50 جرامًا، وسبائك البلاتين بين 5 و10 جرامات لمدة شهر، نظرًا للعجز عن تلبية الطلب الهائل.
وأكدت الشركة أنها ستواصل عرض السبائك الأكبر من 100 جرام فقط، في خطوة تهدف إلى ضبط السوق مؤقتًا إلى حين استقرار مستويات العرض والطلب.

ندرة المعروض في كوريا الجنوبية
وفي كوريا الجنوبية، تكرّر المشهد نفسه مع ارتفاع الطلب على السبائك الصغيرة والمجوهرات الاستثمارية.
وكشفت تقارير مالية أن أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفعت بأكثر من 18٪ مقارنة بالأسواق العالمية، ما جعل العثور على السبائك الصغيرة شبه مستحيل.
وأعلنت “مؤسسة كوريا للسك والأوراق المالية” وقف بيع جميع السبائك التي تقل أوزانها عن كيلوغرام واحد اعتبارًا من 20 أكتوبر الجاري وحتى يناير 2026، بينما سمحت بعض البنوك مثل “شينهان” و**”نونجهيوب”** ببيع سبائك بوزن 1 كيلوجرام فقط.

كما قررت بورصة الذهب الكورية حظر بيع سبائك الفضة – التي أصبحت بديلًا شائعًا – اعتبارًا من الأسبوع المقبل.
“فومو” يشعل الأسواق
أصبحت ظاهرة “فومو – FOMO” (الخوف من تفويت الفرصة) السمة الأبرز في سلوك المشترين الآسيويين، حيث يسارع المستهلكون إلى شراء الذهب على الرغم من ارتفاع الأسعار، اعتقادًا بأن الأسعار قد تواصل الصعود إلى مستويات غير مسبوقة.
هذا السلوك النفسي دفع الأسواق إلى حالة من الطلب المفرط، وأجبر الشركات على تقييد المبيعات للحفاظ على التوازن، في وقتٍ لا تُظهر فيه الأسعار أي مؤشرات على التراجع.
تهريب وتحوّل استثماري نحو المعادن الأخرى
ساهمت الأسعار القياسية ونقص المعروض في تحفيز تهريب الذهب إلى الهند – ثاني أكبر مستهلك للمعدن في العالم – استعدادًا لموسم المهرجانات، في ظل الطلب الكبير على الحُليّ والمجوهرات.
كما بدأ المستثمرون في التحوّل نحو الفضة والبلاتين كبدائل مؤقتة، في محاولة لتقليل المخاطر الناتجة عن ارتفاع سعر الذهب.

عوامل اقتصادية وراء “الجنون الذهبي”
يرى محللون أن أسباب الارتفاع الحاد في الطلب لا تقتصر على العامل النفسي فقط، بل ترتبط بعدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية.
وأوضح ريكاردو إيفانجليستا، كبير المحللين في شركة “أكتيف تريدز”، أن “التوقعات الهبوطية للدولار الأمريكي، وخفض أسعار الفائدة المحتمل، وابتعاد المستثمرين عن الأصول الأمريكية، إلى جانب تصاعد حرب الرسوم الجمركية، كلها تدعم ارتفاع الذهب”.
وأشار إلى أن البنوك المركزية حول العالم تلعب دورًا كبيرًا في هذا الاتجاه، إذ تسعى إلى زيادة احتياطياتها من الذهب وتقليل اعتمادها على الدولار خلال السنوات الخمس المقبلة، بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي.
أرقام قياسية في الأسواق العالمية
بلغ سعر الذهب العالمي 4239 دولارًا للأوقية، وهو أعلى مستوى منذ بداية العام، مدفوعًا بموجة تحوط غير مسبوقة من قبل المستثمرين، وسط مخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي وتزايد النزاعات التجارية.

ما سبب تعليق شركات الذهب في آسيا مبيعاتها؟
السبب الرئيسي هو الطلب الكبير الذي تجاوز قدرة الشركات على تلبية المعروض، ما تسبب في ندرة السبائك الصغيرة.
ما معنى ظاهرة فومو (FOMO)؟
هي اختصار لعبارة Fear of Missing Out، وتعني الخوف من تفويت فرصة الشراء، وتؤدي عادة إلى اندفاع المستهلكين نحو الشراء دون تريّث.
هل يمكن أن تتراجع أسعار الذهب قريبًا؟
يرى المحللون أن الأسعار قد تظل مرتفعة على المدى القريب بسبب ضعف الدولار وازدياد المخاطر الجيوسياسية.
لماذا تشتري البنوك المركزية كميات أكبر من الذهب؟
لأنها تسعى إلى تنويع احتياطياتها وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي كأصل رئيسي.
اقرأ أيضًا: