عمر غازيكُتاب الترند العربي

لماذا يعتقد الرجل أن المرأة تعقد الأمور؟

عمر غازي

على طاولة النقاش الزوجي، جلس “ياسر” وزوجته “نجلاء” يتحدثان عن خططهم المستقبلية، كان ياسر يفضل أن تكون خططهم بسيطة ومباشرة: “لنبدأ بادخار مبلغ ثابت كل شهر”، بينما بادرت نجلاء بطرح أسئلة متعددة: “كيف سنوازن بين الادخار والاحتياجات الأخرى؟”، “هل لدينا خطة إذا طرأت أي مصاريف غير متوقعة؟”، “ما هي الأولويات؟”، في النهاية، شعر ياسر بالإحباط، وقال بنبرة حادة: “لماذا تعقدين الأمر؟ الأمر بسيط!”.

هذا المشهد ليس مجرد اختلاف بسيط في الحوار، بل هو انعكاس لطبيعة التفكير بين الرجال والنساء، الرجال بطبيعتهم يميلون إلى البساطة والتركيز على الحلول السريعة، بينما النساء يفضلن النظر إلى الصورة الكاملة والتعامل مع التفاصيل، هذه الفروق ليست عيبًا في أي من الطرفين، بل هي جزء من التكوين النفسي والاجتماعي لكل جنس، حيث أظهرت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد عام 2020 أن الرجال غالبًا ما يتخذون قراراتهم بناءً على الأهداف النهائية، بينما تركز النساء على العوامل المحيطة لتحقيق استدامة طويلة الأمد في القرار.

لكن ما يغفل عنه الكثيرون هو أن بساطة التفكير لدى الرجال قد تكون مفتاحًا لحل المشكلات في المواقف التي تتطلب سرعة التنفيذ، ففي العلاقات الزوجية، على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد عام 2019 أن القرارات المباشرة والسريعة التي يتخذها الرجال تساهم في تقليل التوتر في 40% من الخلافات الزوجية، حيث يتمكن الرجل من تقديم حلول عملية بعيدًا عن التشعب الذي قد يؤدي إلى تعقيد الأمور دون داعٍ.

النساء، من جهتهن، يملن إلى تحليل المواقف بدقة وربط الأحداث ببعضها البعض، مما يمنحهن قدرة على استشراف المشاكل المحتملة وإيجاد حلول استباقية، هذا التباين يظهر في مواقف الحياة اليومية، حيث يرى الرجل أن اختصار الوقت والجهد أولوية، بينما ترى المرأة أن التفكير في التفاصيل ضرورة لضمان نجاح القرار على المدى الطويل، دراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2021 أوضحت أن الرجال يميلون إلى اتخاذ قرارات في العمل أسرع بنسبة 25% من النساء، بينما النساء يحققن دقة أعلى بنسبة 30% عند التعامل مع قضايا معقدة.

لكن الاختلاف لا يعني التفوق أو النقص، بل يعني أن كل جنس لديه نقاط قوة وضعف تتكامل عند العمل معًا، البساطة التي يتمتع بها الرجل ليست سذاجة، كما أن تعقيد المرأة للأمور ليس عبئًا، بل هما طريقتان مختلفتان لتحقيق أهداف مختلفة، ففي العلاقات الزوجية، قد يحتاج الطرفان إلى الجمع بين البساطة والتفصيل لضمان استقرار العلاقة وتحقيق السعادة المشتركة.

وهنا يكمن السؤال: هل يمكن أن يُفهم هذا الاختلاف على أنه مصدر تكامل، أم أن سوء الفهم سيظل يخلق فجوة في التواصل بين الجنسين؟ ما يبدو واضحًا أن الرجل والمرأة، رغم اختلافهما، يقدمان للحياة تنوعًا يجعلها أكثر ثراءً وتشويقًا، حتى لو لم يتمكنا من فهم بعضهما البعض بشكل كامل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى