كتابة السيناريو بين هيمنغواي وجورج مارتن
عبدالرحمن كمال
تعد كتابة السيناريو شكلًا فنيًا يمزج بين رواية القصص والحوار والعناصر المرئية لإنشاء روايات مقنعة. وإذا كنت كاتب سيناريو مبتدئًا أو متمرسًا، فإن فهم المبادئ الأساسية لهذه الحرفة أمر ضروري.
ومع انتشار صناعة السينما، انتشرت الدورات والورش التدريبية للحصول على الخبرات في الكتابة. كما ظهرت العديد من الدراسات والكتب والمقالات التي تقدم مجموعة من مبادئ كتابة السيناريو، كقواعد توجيهية تساعد الكتّاب على صياغة قصص جذابة ومتماسكة ومؤثرة.
لا جدال أن محاولة إعداد قائمة شاملة لقواعد كتابة السيناريو وتعريفاتها، أمر غاية في الصعوبة، وإن كان هذا لا يمنع وجود مجموعة لا غنى عن معرفتها لكل هاوٍ يعتزم التحول إلى محترف.
من هذه القواعد، مبدأ يمكن أن نسميه “اعرض ولا تخبر”، وكان من أشهر مناصريه الروائي الأميركي الراحل إرنست هيمنغواي. وفقًا لهذه القاعدة، فإن كاتب السيناريو مطالب بنقل قصته من خلال الأحداث، والألفاظ، والأفكار، والحواس، والمشاعر، بدلًا من التصريح المباشر والتلخيص والتوصيف. يتعلق الأمر بالسماح للجمهور برؤية القصة تتكشف بدلًا من إخبارهم بما يحدث.
قاعدة أخرى باتت شعارًا للعديد من كتاب السيناريو، ألا وهي «ابدأ متأخرًا، وغادر مبكرًا»، وهي قاعدة يمكن للكاتب تطبيقها بطرحه سؤالًا على نفسه: ما هي آخر لحظة ممكنة في العمل يمكن الدخول فيها إلى المشهد؟ ما هي أقرب لحظة يمكن الخروج من المشهد فيها؟
إذًا، كيف يمكنك تحديد وقت الدخول والخروج من المشهد؟ ابدأ بطرح هذا السؤال: ما هو الشيء المصيري الذي يجب تضمينه في المشهد؟ إذا كان هذا الجزء من العمل أو ذاك لا يبدو مهمًا لمشهد ما، فمن المحتمل أن تتمكن من بدء المشهد بعده أو قبله. لكن احترس، في بعض الأحيان ما تحذفه من المشهد لا يقل أهمية عما تختار الاحتفاظ به.
هناك أيضًا قاعدة “بنية الثلاث فصول”، وهي نموذج سردي يستخدم على نطاق واسع في كتابة السيناريو. الفصل الأول يجهز القصة ويقدم الشخصيات والصراعات، والفصل الثاني يطور هذه الصراعات، والفصل الثالث يحلها.
أيضًا، هناك قاعدة “منحنى الشخصية”، وتعني التحول أو الرحلة الداخلية للشخصية على مدار القصة. يعد منحنى الشخصية المحدد جيدًا، أمرًا ضروريًا لخلق العمق والترابط في الشخصيات.
ولا ننسى قاعدة “الصراع هو المفتاح” التي تركز على أهمية الصراع في قيادة القصة. من الضروري أن يحتوي كل مشهد على شكل من أشكال الصراع للحفاظ على التوتر ودفع السرد إلى الأمام.
ومن القواعد التي اكتسبت صيتًا، لا سيما بعد مسلسل “صراع العروش” للكاتب جورج أر مارتن، قاعدة «اقتل أحباءك» التي تطالب الكاتب بأن يكون مستعدًا للتخلص من المشاهد أو السطور أو الشخصيات المحبوبة إذا كانت لا تخدم القصة الشاملة.
هذا غيض من فيض، قواعد عديدة تعمل بمثابة بوصلة لكتاب السيناريو الذين يتنقلون في التضاريس المعقدة لسرد القصص. ورغم أنها توفر إطارًا لصياغة روايات مقنعة، فمن المهم أن تتذكر أنها ليست قواعد صارمة، بل مجرد مبادئ توجيهية لتعزيز الإبداع.