آراء

صحراء سوليوود في: حادي العيس!

غفران قسَّام

حادي رحلة العيس الموسيقية!

لَما أَناخوا قُبَيلَ الصُبحِ عيسَهُم وحملوها وسارت في الدجى الإِبِلُ
عبر دروب العيس السينمائية وقرص الشمس الذهبي ذي اللقطة المُنجَزة بوضوح، يفتتح المُخرج عبد الله سحرتي فيلمه “حادي العيس” The Camel Singer من إنتاج 2023م، ويسرد حكايات الإبل العربية وفي العالم. إذ تتماهي مع الجمهور بتقديم طابع الصحراء العربية بفنيات موسيقية وبصرية سينمائية تتشابك مع تأصيل الهوية العربية عن الإبل العربية، وحياتها، وهودجها، وألوانها، وسلالالتها، وحوافرها، ووبرها، وأشعارها بأسلوب وثائقي توثق لمناطق النياق في المملكة، وملاكها، والمنظمات الدولية التي ترعاها وتفعل ثقافاتها بفعاليات سنوية وأكاديمية وثقافية وغيرها.

عبر أثير السينما في “حادي العيس”، ودخول المَشاهد من قمم الجبال إلى رحاب الكثبان والتلال الرملية، تناغمت أوتار الباس والعود والناي لتقدم لوحات موسيقية مؤثرة ومتتالية تفتح مآذن الروح في القلب والفكر عن حكاية حادي رحلة العيس التي سببها عاطفي؛ ليدخل عبرها المُخرج نحو مشاهده التوثيقية التي تشرح عدة خطوط رحلات للإبل بدءًا بحادي رحلة العقير وما فيها من تفاصيل الإبل اليومية، ثم تاريخية رحلة الشتاء والصيف مع خط حادي رحلة الرمال الحمرا، فالعلاقة التبادلية بين الإبل والإنسان، ثم أهمية الإبل اقتصاديًا في حياة الإنسان البدوي الذي ما زال في العصر الحديث يرعى نعمة الإبل ويحافظ عليها، ثم مناقشة مستقبل الإبل عبر الفعاليات السنوية وتوعية الصغار والجيل النشء بها.

بقيت الحكاية العاطفية عن حادي رحلة العيس في صحراء سوليوود! عاد إليها المُخرج خاتمة الفيلم، ليؤدي عبر الموسيقى وغناء القصيد دور مضاعفة الأثر الدرامي عن الحوار الذي كتبه بداية الفيلم بين المرأة ومحبوبها، وشرح الشعور الخفي خلف ما تقوله الشخصيات:

وَوَدعَت بِبَنانٍ خِلتُهُ عَنَمًا فَقُلتُ: لا حَمَلَت رِجلاكَ يا جَمَلُ
يا حادِيَ العيسِ عَرج كَي أُوَدعَهم يا حادِيَ العيسِ في تِرحالِكَ الأَجَلُ
حادي رحلة العقير، وحادي رحلة الرمال الحمرا، وحادي رحلة أبا القر… جميعها تشير إلى دلالة الإبل الطروب التي تحب صوت الغناء الذي يساعدها على تحمل مشقة السير في الصحراء. لهذا، تنامى السردُ الفيلمي فيها عبر الموسيقى التصويرية التي حددت الإيقاع الفيلمي لحركة النوق، ووقع آثار قدميها البطيئة والسريعة في التراب الناعم، وتتبعت رسم طريقها مع طريق مائي لسفينة ورقية لطفل صغير، منذ الفجر إلى غروب الشمس عبر زمن سينمائي قصير، لا يتجاوز الثلاثين دقيقة لتصل النياق نهاية لديارها، وتصل السفينة الورقية لصاحبها الطفل اليانع. ولعل المُخرج يتعالق مع حكاية السفينة بمسمى الإبل المعروف أنها سفينة الصحراء كما عززها برؤية ثقافية عارفة عنها بحضور صاحب السمو الأمير سلطان بن سعود الكبير، نائب رئيس المنظمة الدولية للإبل عن دولة المقر المملكة العربية السعودية.

يبرز حضور الأداء الإخراجي للفيلم الوثائقي في “حادي العيس” بقالب حكائي نوعي ينقل الثقافة المحلية والعربية برؤية بصرية موسيقية عالمية أليفة، تفاعل معها الجمهور تقديرًا بعد عرضها في صالات سينما مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الثالثة لهذا العام. ويُذكر أن الفيلم حائز على شهادة تقدير من لجنة تحكيم مهرجان الشارقة السينمائي الدولي، وهو من بحث وكتابة: د. شريف عجوة وعبدالله سحرتي، وإنتاج “إثراء”.

باحثة دكتوراه مهتمة بالدراما والسينما

المصدر: سوليوود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى