آراء

تجربة فنية مش مهمة

نرمين يُسر
تبيَّن لنا أن عدد مشاهدات برومو فيلم “مهمة مش مهمة” وصل إلى أربعة ملايين مشاهدة في غضون أيام من طرحه، فكان لا بدَّ من التقصي عن هذا الفيلم السعودي المصري، وماذا يدور عنه، متمنين المزيد من التعاون الناجح. ولكن في حقيقة الأمر سوف تجد الإحباط المتمثل في عدة عناصر مهمة لأي عمل سينمائي كوميدي، وهي وجود الكوميديا نفسها كأحد الأسس المتفق عليها، فماذا قدَّم هذا العمل سوى ضياع وقت المشاهدين لسماع أفيهات مستهلكة ونكات مصطنعة من أجل اغتصاب الضحكات من أفواه المشاهدين.

الفيلم يدور حول الشاب السعودي عيضة “عبدالمجيد الرهيدي” الذي يتمنى تحقيق حلمه بالفوز في مسابقات رالي السيارات، وفي الأصل هو لا يمكنه التحكم في قيادة السيارات وتسبب في وفاة والده “أحمد الشحري” أثناء فترة تعليمه القيادة. تتمنى والدة عيضة “هالة فاخر” لابنها أن يحصل على وظيفة في الرياض حيث موطن والده. يسافر بعد توسط ابن خالته زكريا “مصطفى البنا” “أسوأ من قام بالتمثيل” السائق في شركة لنقل الأموال للعمل في شركة الأستاذ نياظي “بيومي فؤاد” مصاحبًا معه في الرحلة خاله فرحات “أحمد فتحي”، إذ يطلب نياظي منهم القيام بنقل 100 مليون يورو. الذي يبدو ميلودراما لافتعال الصدف والأحداث بالرغم من استحالة نقل المبلغ إلا عن طريق التحويلات البنكية. يقابل عيضة فتاة أعجبته كارولين عزمي في استراحة الطريق وينبهر بجمالها، ومن ثم أكملت طريقها مع زكريا وعيضة ودعتهما لحضور حفل غنائي لها، إذ غاب الجميع عن الوعي جراء مشروب «الجوافة»، وبالطبع تمت سرقة السيارة.

وكان من الجائز أن تخرج هذه القصة على أكمل وجه، إلا أن الاستسهال وغياب الإخلاص السينمائي جعل من تحقيق قصة الشاب في فيلم يمكنه العرض للجمهور مستحيلاً، لكنه سيبقى فترة على المنصات بعد رفعه من دور العرض.

ما يلفت الأنظار في افتتاحية الفيلم هو ما يعتاده المجتمع السعودي والمصري بتبادل الجملة الشهيرة التي تسمعها من أصدقائنا السعوديين عندما يعلمون أني مصرية «اني اخوالي مصريين»، مما يضفي على السامعين إحساسًا بالحميمية والامتنان والانتماء.

غير أن بعد المشهد الافتتاحي بدقائق، والذي كان عبارة عن خطبة تعريفية مباشرة عن أن هذه أختي وهذا ولدها، توفي زوجها السعودي الفقير الذي يعمل مدربًا لقيادة السيارات، هل عرفتم الآن؟ وكأن مؤلف الفيلم، أو عفوًا المؤلفين الأربعة اتفقوا على تقديم العائلة بهذا الشكل المباشر وبهذه الطريقة الفجة! وهم محمد محرز وأمين جمال وفاروق الشعيبي ومحمود حمدان، إلا أن المخرج ورب العمل أيمن العلي لم يعترض على أحداث فيلم سوف ينسب لاسمه إلى الأبد، أو حتى الأموال لم تتحدث وتوقف مهزلة كهذه من هدر أموال المنتج أيمن يوسف وشركة الجذور.

لا يوجد الكثير ليُقال عن عناصر الإنتاج والتصوير، ولا أي فنيات تقنية سوى الكروما الجرافيكية التي ألصقها المونتير خارج نافذة مكتب نياظي، والتي بدت عجيبة ومقحمة على مشهد النافذة الخارجي.. عفوًا، لماذا بيومي فؤاد الذي لا يصلح سوى شخصية كاريكاتورية في دور دكتور ربيع في المسلسل الهزلي «الكبير»؟

أخيرًا، ليس من السيئ محاولة التجريب الذي هو الأساس الأول للأعمال الفنية والسينمائية الأولية لمدارس السينما جميعًا. لكن في الحقيقة المهزلة أن يخرج علينا هذا المنتوج الرديء الذي لا يليق بسينما مصرية مر عليها 125 سنة، أو تجارب سعودية رائعة ومتفائلة لديها نظرة مستقبلية مهنية وهامة، وشاركت في المهرجانات العالمية خلال سنوات قليلة منذ عرضها السينمائي الأول.

المصدر: سوليوود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى