آراء

السينما الحرة

إيمان محمد 

السينما أو الشاشة الكبيرة، هي وسيلة ساحرة، تسلِّط الضوء على قضايا الإنسان بداخل المجتمعات المختلفة صوتًا وصورة، وتنقلنا إلى الإحساس بما يشعر به الآخرون في حالات القهر والظلم والفقد، وتشعرنا بالحب والسعادة والبهجة أيضًا ما ينتج بداخلنا «الإحساس» الفوري بهذه القضايا، والذي يعتبر النواة الرئيسية لتكوين الوعي الحقيقي لدى الجمهور، الوعي الحقيقي الذي لا يأبه للأحزاب والتيارات والتوجهات السياسية، والوعي الذي لا تتحكم فيه الرقابة بالمنع أو التقييد والتخويف من كلمة «الحرية»، التي إغلاقها لن يؤدي إلى كبتها، بل على العكس سيؤدي إلى انفجارها في أمكنة أخرى تهدد أمن وأمان المجتمعات فكريًا وجسديًا.

وفقًا لهذا المفهوم المبسط عن السينما، تفتح السينما السعودية دور عرضها مع بداية شهر أغسطس لعرض فيلم «باربي» الذي تعدت عائدات أرباحه الخارجية في أسبوعين فقط أكثر من مليار دولار، وفي فترة قياسية أدخل مخرجة الفيلم «غريتا غيروغ»، التاريخ، وهو من إنتاج من شركة وارنر براذر بيكتشرز.

ومنذ إعلان طرحه في 21 يوليو، ثارت موجة عنيفة من الاعتراضات قبل عرضه أدت إلى منع ظهوره في بعض الدول العربية كالكويت ولبنان والجزائر؛ باعتبار أنه مادة تهدم الأسرة، وتنمي العداء بين المرأة والرجل، وتروج للمثلية، بحسب ما نشر في مواقع التواصل الاجتماعي من بعض الآراء المتطرفة من أفراد المجتمع والمجتمعات المجاورة، التي لم تغب عن حضور الفيلم منذ انطلاق عرضه في دور السينما السعودية، وكذلك لم تغب الآراء الحقيقية والمتخصصة في نقد فيلم «باربي»، والتي اعتبرته مادة تقدم جرعة وعي للطرفين الذكوري والنسوي على حد السواء، ومادة تعيدنا لفهم ذاتنا من جديد، وإلى تعزيز السلام والتفاهم بين الجنسين المرأة والرجل.

أمَّا الآراء المختلفة والمتطرفة والمتحدة في نفس الوقت نحو الفيلم بعد انحيازها إلى مرجعيات سياسية ودينية متطرفة، فيأتي التساؤل عن دور السينما العربية في إحداث مثل هذا الحراك الفكري، خاصة بعد توفر المساحة والظروف والدعم والسقف المنطقي في التعبير، وهي زاخرة بالمفكرين والأدباء والكتاب المبدعين.

بعد عرض فيلم «باربي» سيستوعب المجتمع الشعبي أن قصص الطلاق لم تزد، وأن المنازل لم تهدم، وأن الكراهية بين الطرفين موجودة قبل أن تلد مخرجة الفيلم، وأن الفيلم فكرة مكررة ولكن بأسلوب جديد ومبتكر، وأن السينما متنفس نرى فيها ذاتنا بوضوح وتجلي إذا انعدمت الرؤيا أو فقدت.

أملي بعد عرضه أن يكون بداية ملهمة لقصص متعطشين لرؤيتها في سينمانا السعودية الواعدة بسرد روايات مجتمعها، وإلقاء الضوء على همومه ومشاكله والقضايا الإنسانية والتطرف التي أثرت في أفراد المجتمع.

المصدر: سوليوود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى