فاطمة العدلاني
أغلى ما يملكه الإنسان هي روحه ونفسه وذاته وشخصيته!
الروح هي البصمة التي لا تتكرر مرتين أبد الدهر، الطابع الذي يألف ويتآلف ويختلف،
كما قال صلى الله عليه وسلم (الأرواح جُنود مُجندة، فما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف)، وكما أن لكل إنسان كينونته التي تُعبر عنه دون دخل منه كبعض الصفات المكتسبة إلا أن بعضها أيضا له دخل كبير بها بل حتى رؤية البشر له ما هي إلا انعكاس رؤيته لنفسه، وطبقا للدراسات العالمية في بعض أساليب الحرب مثلا أن يتم منهجه أسلوب الحرب النفسية قبل وبعد الحرب العسكرية.
وعندما نقول حرب نفسية نكون أكثر عمقا من الحرب المعنوية وكما قيل في كتب فنون الحرب أن الحرب النفسية تستهدف الذات من جانب ذات العدو للتحطيم ومن جانب آخر ذات المُحارب لتقويتها، أما الحرب المعنوية تستهدف الشخصية ليفتر حماسها بعد أولي الصعاب.
الحرب النفسية تحتاج دراسة واعية لاهتمامات ومطالب وثقافة العدو لمحاربة العدو بالحرب النفسية التي تعمل على اهتزاز الأنا للعدو وتأهيل الأنا المُحاربة لتحطيم العدو المهتز نفسيا عسكريا، وقد تكون الحرب النفسية أحيانا غاية للعدو وليست مجرد وسيلة للنصر.
تخيل أن تكون ضمن فعاليات واستراتيجيات الحرب هو العامل النفسي فماذا عن محطمي العزيمة مثبطي الإرادة إذا لم يكن الذات النفسية تعرف قدرّها وتؤمن بها لكانت النتيجة لا تُحمد عُقباها على الفرد من حتى بعض تراكمات يومية فقط.
إذا اعتقد بعض الناس عن شخص أنه كاذب ولكنه ليس كذلك فإذا اختار الجمع المواجهة للشخص بقول أحدهم له أنت كاذب، في المرة الأولى سيوضح الأمر ويشرح أنه لم يكن كذلك، في المرة الثانية مع آخر سيحلف، في المرة الثالثة سيبدأ يختار ألا يبرر، في المرة الرابعة سيرتبك وتعتليه الظنون حول نفسه، في المرة الخامسة سيشك في الحقيقة، في المرة السادسة محتمل بشكل كبير أن تتغير الوقائع ويعتقد بالفعل أنه كاذب وذلك ليس جهلا بالحقيقة ولكنها فقط الحرب النفسية.
فرط جهل الإنسان بنفسه ضعف يظلم نفسه بها، القوة في تقدير الذات تبني سبل الحياة الناصفة …. لذلك قال الامام علي بن ابي طالب (لا تدعن جهل الناس بك يغلب علمك بنفسك)
قناعات الشخص حول نفسه كصوته النابع داخله (أنا ذو قيمة، أنا جيد، أنا محبوب، أنا ذو مكانة) كل هذا ينعكس في ذاته الحقيقية التي تظهر للناس فاذا أعتقد أنه محبوب وتصرف إثر ذلك ظهر للناس قناعته أنه محبوب وأصبح بالفعل كذلك، وإذا تصرف إثر قناعته أنه ذو مكانه وقيمة ومؤّثر بدأ البشر يرون ذلك الشعور الغير ملموس بشكل واضح ومذهل كيف يصبح بالفعل كذلك ويعتقد ويؤمن الناس بذلك ويصبح واقعا، وفي كل مؤرخات البحث وعلم النفس شروح طويلة عن كينونة الثقة بالنفس وأثرها في الشخص والأفراد من حوله وعن قوانين الجذب الكوني وعن كل واقع نبع من إيمان الشخص بنفسه وإفراضه ذلك علي المجتمع باللاوعي، ولم أجد أنسب من ما قاله الرافعي” مقامك حيث أقمت نفسك لا حيث أقامك الناس فالناس لا تزن ولا تعدل”
وفي الواقع لا أدري كيف يُمكن للشخص أن يؤمن به آخر وهو لا يؤمن بنفسه؟