«حلم الطفولة يكتمل في البرنابيو».. مبابي يعانق ظلّ رونالدو ويُعيد كتابة عامه التاريخي بقميص ريال مدريد
الترند العربي – متابعات
في ليلة حملت رمزية خاصة، لم تكن مجرد فوز جديد لريال مدريد في الدوري الإسباني، ولم تكن مجرد هدف يُضاف إلى سجل كيليان مبابي، بل كانت لحظة اعتراف علني من نجم الحاضر بأسطورة الماضي. مبابي، الذي لطالما تحدث عن كريستيانو رونالدو بوصفه قدوته الأولى، اختار أن يحتفل بمعادلة رقمه التاريخي بالطريقة الأكثر صدقًا وتأثيرًا: صورة أيقونية تجمعه ببطله، واحتفال يستدعي ذاكرة الحلم الأول.
الحدث تجاوز حدود مباراة أمام إشبيلية، وتحول إلى مشهد إنساني ورياضي مكثف، يُجسّد رحلة لاعب بدأ طفلًا يحلم بارتداء قميص ريال مدريد، ليجد نفسه اليوم واقفًا على خطى أحد أعظم من مرّوا في تاريخ النادي.
مباراة إشبيلية.. أكثر من ثلاث نقاط
على أرضية سانتياغو برنابيو، دخل ريال مدريد مواجهة إشبيلية وهو يدرك أن الفوز ضرورة للحفاظ على موقعه في سباق الدوري. المباراة انتهت بثنائية نظيفة، لكن الهدف الثاني كان كافيًا ليخطف الأضواء كاملة.
مبابي، بنزعته الهجومية المعتادة، تحرك بذكاء داخل منطقة الجزاء، واستثمر لحظة ارتباك دفاعي ليُسجل هدفًا بدا عاديًا في ظاهره، لكنه في عمقه حمل رقمًا تاريخيًا، إذ عادل به حصيلة كريستيانو رونالدو كأكثر لاعب سجل أهدافًا لريال مدريد في عام واحد، بواقع 59 هدفًا.
بهذا الهدف، لم يعادل مبابي رقمًا فحسب، بل وضع اسمه مباشرة في سطر واحد مع أسطورة صنعت حقبة كاملة في تاريخ النادي الملكي.

59 هدفًا.. رقم يتجاوز الإحصاء
حين سجل كريستيانو رونالدو 59 هدفًا في عام 2013، بدا الرقم آنذاك أقرب إلى الخيال. كان ذلك الموسم ذروة انفجار “الدون” التهديفي، وجزءًا من حقبة هيمنت فيها أرقام غير مسبوقة على كرة القدم الحديثة.
أن يأتي لاعب في جيله الجديد، وفي موسمه الأول مع ريال مدريد، ليعادل هذا الرقم، فالأمر يتجاوز حدود المقارنة الرقمية، ويدخل في سياق رمزي أعمق، يتعلق بالمسؤولية، والتاريخ، وتوقعات الجماهير.
مبابي لم يحطم الرقم، لكنه وقف عند حدّه، في موقف يحمل دلالة احترام أكثر مما يحمل نزعة تحدٍ.
الاحتفال الذي قال كل شيء
بعد صافرة النهاية، لم يحتفل مبابي بأسلوب صاخب أو استعراضي. اختار صورة واحدة، وأسلوبًا واحدًا، وكلمات قليلة، لكنها كانت كافية لتلخيص القصة كاملة.
نشر صورته الأيقونية مع كريستيانو رونالدو، تلك الصورة التي التقطت له وهو طفل خلال زيارة مبكرة لنادي ريال مدريد، إلى جانب لقطات من احتفاله في المباراة على طريقة “الدون”، ثم أرفقها بتعليق بسيط:
“آمن بأحلامك، تحية كبيرة لكريستيانو رونالدو”.
بهذه العبارة، بدا مبابي وكأنه يكتب رسالة إلى نفسه قبل سنوات، ويغلق دائرة الحلم التي بدأت في طفولته، واكتملت اليوم على أرض البرنابيو.

من طفل في الفالديبيباس إلى نجم البرنابيو
قصة مبابي مع ريال مدريد ليست وليدة هذا الموسم. هي قصة طويلة بدأت منذ زيارته للنادي وهو صغير، حين التقطت له الصور بجوار رونالدو، وهو يبتسم بعينين مليئتين بالطموح.
سنوات طويلة مرّت، تنقل خلالها بين موناكو وباريس، وصنع لنفسه اسمًا عالميًا، قبل أن يصل أخيرًا إلى النادي الذي لطالما حلم به. معادلة رقم رونالدو في عامه الأول ليست مصادفة، بل تتويج لمسار طويل من الإعداد الذهني والبدني.
الموسم الأول.. اختبار الشخصية
الدخول إلى ريال مدريد ليس مجرد انتقال كروي، بل اختبار نفسي هائل. التاريخ، الضغوط، المقارنات، والجماهير التي لا ترضى إلا بالكمال.
مبابي، منذ أول مباراة، بدا مدركًا لهذه المعادلة. لم يتعامل مع الموسم بوصفه مرحلة تأقلم، بل كفرصة لإثبات الذات. هدفًا بعد آخر، صنع سرديته الخاصة، دون أن يتنكر لتأثير من سبقوه.
معادلة رقم رونالدو جاءت في هذا السياق، كدليل على أنه لم يأتِ ليملأ فراغًا، بل ليصنع فصلًا جديدًا.
لماذا لم يكسر الرقم؟
من الناحية الحسابية، لن يتمكن مبابي من كسر رقم رونالدو هذا العام، إذ كانت مباراة إشبيلية هي الأخيرة لريال مدريد في عام 2026. لكن هذا التوقف عند الرقم ذاته، لا يقل قيمة عن تجاوزه.
الوقوف عند 59 هدفًا، مع رسالة احترام صريحة للأسطورة، منح الحدث بعدًا أخلاقيًا وإنسانيًا، وجعل المقارنة أقل صدامية، وأكثر انسجامًا مع روح النادي.

رونالدو.. الحاضر الغائب
رغم وجوده اليوم في الدوري السعودي مع النصر، ظل اسم كريستيانو رونالدو حاضرًا بقوة في البرنابيو. ليس فقط عبر الأرقام، بل عبر التأثير النفسي والرمزي.
مبابي نفسه أكد في أكثر من مناسبة أن رونالدو هو قدوته الأولى، وأنه استلهم منه الانضباط، والطموح، والعقلية التنافسية. الاحتفال الأخير كان تأكيدًا علنيًا لهذا الارتباط، وليس مجرد مجاملة إعلامية.
ريال مدريد.. صناعة الاستمرارية
ما يميز ريال مدريد عبر تاريخه هو قدرته على تجديد نفسه دون أن يفقد هويته. من دي ستيفانو إلى كريستيانو، ومن كريستيانو إلى مبابي، هناك خيط غير مرئي يربط بين الأجيال.
معادلة مبابي لرقم رونالدو في عامه الأول تعكس هذه الفلسفة. النادي لا يعيش على الماضي، لكنه لا يقطعه أيضًا. يترك للأرقام أن تنتقل، وللرموز أن تُعاد صياغتها.
تصريحات مبابي.. صدق بلا تصنّع
في حديثه لقناة ريال مدريد الرسمية، لم يُخفِ مبابي مشاعره. وصف اليوم بأنه مميز، ليس فقط لأنه سجل هدفًا أو عادل رقمًا تاريخيًا، بل لأنه تزامن مع يوم ميلاده.
اللعب بقميص ريال مدريد، كما قال، كان حلمه منذ الطفولة، ومعادلة إنجاز رونالدو في موسمه الأول جعلته يشعر بسعادة خاصة. هذه العفوية في التعبير منحت اللحظة صدقًا إضافيًا، وأبعدتها عن أي استعراض مصطنع.
الاحتفال كرسالة للأجيال
الصورة التي نشرها مبابي لا تخاطب الجماهير فقط، بل تخاطب جيلًا كاملًا من اللاعبين الصغار. رسالة مفادها أن الأحلام ليست شعارات، بل مسارات طويلة تحتاج إلى صبر، وعمل، وإيمان.
حين يقول “آمن بأحلامك”، فهو لا يردد عبارة إنشائية، بل يستحضر تجربة شخصية عاشها بكل تفاصيلها، من صورة طفل في أكاديمية، إلى نجم يعادل رقم أسطورة.
ريال مدريد في سباق الدوري
بعيدًا عن الرمزية، الفوز على إشبيلية رفع رصيد ريال مدريد إلى 42 نقطة، ليواصل ملاحقته للصدارة. الفريق بدا متماسكًا، ومبابي أحد أعمدته الأساسية، ليس فقط بأهدافه، بل بتأثيره المعنوي داخل الملعب.
إشبيلية، من جانبه، تجمد رصيده عند 20 نقطة، في مركز لا يليق بتاريخ النادي، لكنه لم يكن محور الحديث في تلك الليلة.
الموسم المقبل.. ما بعد المعادلة
معادلة الرقم ليست نهاية القصة، بل بدايتها. السؤال الآن لم يعد حول قدرة مبابي على الوصول، بل حول قدرته على الاستمرار، وكسر أرقام أخرى، وصناعة إرث خاص به داخل أسوار البرنابيو.
الجماهير، التي اعتادت المقارنات القاسية، قد تمنحه هامشًا من الصبر، لكنها في الوقت ذاته سترفع سقف التوقعات. ومبابي يبدو مستعدًا لهذا التحدي.
من الاحترام إلى التنافس
اللافت في قصة مبابي مع رونالدو أنها لم تُقدَّم بوصفها صراع أجيال، بل حوارًا صامتًا بين القدوة والتلميذ. احترام واضح، دون إنكار للطموح في تجاوز كل ما سبق.
هذا التوازن بين الاحترام والرغبة في التقدم هو ما يمنح مبابي صورة مختلفة عن كثير من النجوم الذين اصطدموا بإرث من سبقوهم.
رمزية الزي الأبيض
ارتداء قميص ريال مدريد يحمل وزنًا خاصًا. الأبيض هنا ليس لونًا، بل تاريخًا. أن يعادل مبابي رقمًا تاريخيًا بهذا القميص، وفي عامه الأول، يضعه مبكرًا في دائرة الرموز، لا الضيوف العابرين.
الاحتفال، والصورة، والتصريحات، كلها بدت منسجمة مع هذه الرمزية، دون مبالغة أو افتعال.
رسالة إلى كريستيانو
حتى وإن لم يرد رونالدو علنًا، فإن الرسالة وصلت. تلميذ يعترف بفضل معلمه، ويقف عند رقمه باحترام، قبل أن يستعد لتحديات جديدة.
في كرة القدم الحديثة، حيث تضخّم الأنا أحيانًا على حساب القيم، جاءت هذه اللحظة لتعيد التوازن، وتذكّر بأن العظمة لا تُبنى فقط بالأرقام، بل بالاعتراف بمن صنع الطريق.
ما الرقم الذي عادله مبابي؟
عادل رقم كريستيانو رونالدو كأكثر لاعب سجل أهدافًا لريال مدريد في عام واحد، بواقع 59 هدفًا.
في أي مباراة تحقق الإنجاز؟
في مباراة ريال مدريد أمام إشبيلية ضمن منافسات الدوري الإسباني.
هل سيتمكن مبابي من كسر الرقم هذا العام؟
لا، لأن المباراة كانت الأخيرة لريال مدريد في عام 2026.
كيف احتفل مبابي بالإنجاز؟
احتفل على طريقة كريستيانو رونالدو، ونشر صورته الأيقونية معه وهو طفل، مع رسالة احترام واضحة.
ماذا قال مبابي عن رونالدو؟
أكد أنه قدوته منذ الطفولة، وأن معادلة رقمه في موسمه الأول مع ريال مدريد أمر يجعله سعيدًا للغاية.
اقرأ أيضًا: «آلة الأهداف لا تتوقف».. إيرلينغ هالاند يحطم رقم كريستيانو رونالدو ويعيد كتابة تاريخ البريميرليغ



