مغربل: الدوري السعودي مشروع عالمي… وصلاح قرار الأندية
مغربل: الدوري السعودي مشروع عالمي… وصلاح قرار الأندية
الترند العربي – متابعات
في لحظة تعكس حجم التحول الذي تشهده كرة القدم السعودية، أكد عمر مغربل، الرئيس التنفيذي لرابطة الدوري السعودي للمحترفين، أن النجم المصري محمد صلاح مرحّب به في دوري روشن، مشددًا في الوقت ذاته على أن قرار التعاقد مع أي لاعب يظل شأنًا خاصًا بالأندية، وليس من اختصاص الرابطة، في تصريح يختزل فلسفة الحوكمة الجديدة التي تُدار بها المنظومة الكروية في المملكة.
جاءت تصريحات مغربل خلال مشاركته في منتدى كرة القدم العالمي، ضمن جلسة حوارية حملت عنوان «النموذج السعودي: بناء دوريات مستدامة من خلال التطوير والحوكمة والخصخصة»، وهي جلسة لم تكن مجرد نقاش تقني، بل منصة كشفت ملامح مشروع رياضي متكامل، يتجاوز فكرة استقطاب النجوم إلى بناء دوري طويل الأمد، قادر على المنافسة والاستدامة عالميًا.

صلاح مرحّب به… لكن القرار بيد الأندية
أوضح مغربل أن الدوري السعودي بات اليوم وجهة جاذبة لأفضل لاعبي العالم، وأن وجود اسم بحجم محمد صلاح ضمن دائرة الاهتمام الإعلامي أمر طبيعي في ظل القفزات التي حققها دوري روشن خلال السنوات الأخيرة، لكنه شدد بوضوح على أن الرابطة لا تتدخل في اختيار اللاعبين أو التفاوض معهم.
وأكد أن دور الرابطة يتمثل في تمكين الأندية، عبر أطر تنظيمية واضحة، وحوكمة مالية وإدارية تضمن اتخاذ قرارات مدروسة تخدم مصلحة النادي والدوري معًا، مشيرًا إلى أن هذا النموذج يمنح الأندية استقلالية أكبر، ويعزز مسؤوليتها في بناء فرقها وفق احتياجاتها الفنية والاستراتيجية.

من دوري محلي إلى منتج عالمي
استعرض مغربل رحلة التحول التي مر بها الدوري السعودي، موضحًا أن الاستراتيجية منذ بدايتها لم تكن عشوائية أو آنية، بل وُضعت وفق رؤية طويلة المدى، قائمة على مراحل واضحة ومؤشرات أداء دقيقة، تبدأ بفتح الدوري أمام العالم، ولا تنتهي عند استقطاب النجوم.
وأشار إلى أن جائحة كورونا، التي أربكت كرة القدم عالميًا، تحولت في السعودية إلى فرصة لإعادة تقديم الدوري بصورة مختلفة، حيث جرى استثمار اللحظة لتعزيز الحضور الدولي، وبناء شراكات جديدة، ورفع مستوى الاحترافية داخل الأندية.

المرحلة الأولى… كسر الحواجز العالمية
في المرحلة الأولى من المشروع، كان الهدف الأساسي هو كسر الصورة النمطية عن الدوري السعودي، وفتح الأبواب أمام لاعبين عالميين، ومدربين، وخبرات إدارية، ما أدى إلى تدفق غير مسبوق للأسماء الكبيرة، وتحول الدوري إلى حديث الإعلام الرياضي العالمي.
ويرى مغربل أن هذه المرحلة حققت أهدافها بنجاح، إذ لم يعد الدوري يُنظر إليه كوجهة مؤقتة، بل كخيار مهني حقيقي، يتيح للاعبين المنافسة، والتطور، وتحقيق طموحات رياضية ومالية في آن واحد.
المرحلة الحالية… البناء من الداخل
مع الانتقال إلى المرحلة الراهنة، تغيّر التركيز نحو تطوير البنية التحتية، وتعزيز قدرات الأندية المؤسسية، وتحسين الحوكمة، ورفع جودة تجربة الجماهير، إلى جانب توسيع القاعدة التجارية للدوري.
وأوضح مغربل أن هذا التحول لا يعني تراجع الطموح، بل هو انتقال طبيعي بين مراحل الخطة نفسها، حيث أصبح الهدف بناء منظومة متكاملة، لا تعتمد فقط على الأسماء اللامعة، بل على أسس إدارية وفنية واقتصادية متينة.
الحوكمة… العمود الفقري للدوري
أكد مغربل أن الحوكمة تمثل حجر الأساس في مشروع الدوري السعودي، موضحًا أن الرابطة تعمل على وضع أطر تنظيمية تضمن الشفافية، والاستدامة المالية، والعدالة التنافسية، بما يخلق بيئة صحية للأندية، ويمنع القرارات الارتجالية.
وأشار إلى أن تمكين الأندية لا يعني تركها دون ضوابط، بل دعمها بأنظمة واضحة تساعدها على النمو، وتحفزها على الاستثمار طويل الأمد، سواء في المواهب المحلية أو البنية التحتية أو التسويق.
التحديات… فرص مقنّعة
تطرق مغربل إلى التحديات التي تواجه مسيرة التحول، مؤكدًا أن كل تحدٍ يُنظر إليه داخل الرابطة باعتباره فرصة جديدة للتطوير، وليس عائقًا.
وأوضح أن التحديات تتنوع بين تنظيمية، وبشرية، وتشغيلية، لكن التعامل معها يتم بعقلية مرنة، تستفيد من التجربة العالمية، وتُكيّف الحلول مع خصوصية البيئة السعودية، في ظل دعم حكومي واضح، وإرادة مؤسسية قوية.
الجمهور في قلب المشروع
أولى مغربل اهتمامًا خاصًا بملف الحضور الجماهيري، ردًا على بعض الانتقادات التي ترد من وسائل إعلام غربية، مؤكدًا أن الأرقام الفعلية تُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في نسب الحضور، سواء في المباريات الكبرى أو لقاءات الأندية المتوسطة.
وشدد على أن الرابطة لا تكتفي بما تحقق، بل تعمل باستمرار على تحسين تجربة المشجع، عبر توحيد منصة بيع التذاكر، وإطلاق نظام لتقييم الجماهير بعد كل مباراة، بهدف رصد الملاحظات وتطوير الخدمات.
تجربة الملعب… أكثر من 90 دقيقة
ضمن رؤية شاملة لتجربة المشجع، أشار مغربل إلى شراكات جديدة لتحسين خدمات الأطعمة والمشروبات داخل الملاعب، وتطوير المرافق، بما يجعل الذهاب إلى المباراة تجربة متكاملة، وليس مجرد حضور رياضي.
ويرى أن هذه الخطوات تسهم في تعزيز العلاقة بين الجمهور وأنديته، وتحوّل الملاعب إلى فضاءات اجتماعية وترفيهية، تتجاوز حدود المباراة نفسها.
البنية التحتية… استثمار للمستقبل
في جانب البنية التحتية، أكد مغربل أن الدعم الكبير من وزارة الرياضة، إلى جانب الطلب المتزايد على الرياضة، أسهما في تسريع مشاريع تطوير الملاعب والمنشآت الرياضية.
وأشار إلى نموذج «نادي واحد، ملعب واحد»، الذي بدأت بعض الأندية في تطبيقه، حيث حصلت ثلاثة أندية في أحد المواسم على ملاعبها الخاصة ضمن مجمع واحد، ما يعزز الهوية، ويفتح آفاقًا تجارية جديدة.
البث والنقل… رواية القصة السعودية
تحدث مغربل عن التغيرات التي يشهدها قطاع البث الرياضي، موضحًا أن الرابطة أعادت التفكير في نموذج النقل التقليدي، في ظل تغير اهتمامات الجمهور، خاصة فئة الشباب.
وأوضح أن الشراكة مع منصة «إيماني» جاءت بهدف التركيز على رواية القصص، وليس مجرد بث المباريات، للوصول إلى جماهير جديدة، محليًا وعالميًا، إلى جانب التعاون مع منصات محلية وإقليمية.
التجربة الفرنسية… نافذة جديدة
أشار مغربل إلى تجربة التعاون في فرنسا مع صانع المحتوى زاك ناني، والتي حققت أرقام مشاهدة كبيرة، معتبرًا أن هذه المبادرات تفتح نوافذ غير تقليدية للوصول إلى جمهور عالمي، وتعكس مرونة الرابطة في الابتكار.
وأكد أن الرابطة باتت تمتلك رفاهية التجربة والتعلم السريع، مستفيدة من النجاحات والإخفاقات على حد سواء، للوصول إلى النموذج الأمثل في الوقت المناسب.
الدوري كقصة وطنية
يرى مغربل أن الهدف النهائي لا يقتصر على بناء دوري قوي فنيًا، بل تقديم قصة سعودية ملهمة للعالم، تعكس حجم التحول الذي تعيشه المملكة في مختلف القطاعات، ومنها الرياضة.
وأوضح أن هذا يتطلب فهمًا عميقًا لمعنى التحول، وقدرة على طرح الأسئلة الصحيحة، والعمل بخطط طويلة المدى، بعيدًا عن الحلول السريعة.
العمل خلف الكواليس
في ختام حديثه، أشاد مغربل بفريق العمل في رابطة الدوري السعودي، مؤكدًا أن كثيرًا من الجهود التي تُبذل خلف الكواليس لا تظهر للإعلام، لكنها تشكل العمود الفقري لهذا التحول.
وشدد على أن العمل لا ينبع فقط من حب كرة القدم، بل من الإيمان بدور الرياضة كأداة تنموية، وعنصر فاعل في مسيرة التحول الوطني.
مع اقتراب استحقاقات كبرى، أبرزها استضافة كأس العالم، يرى مغربل أن الفرص أمام الدوري السعودي لا حدود لها، وأن ما تحقق حتى الآن ليس سوى بداية لمرحلة أكبر.
وأكد أن الرابطة ماضية في تعزيز تنافسية الدوري، وجاذبيته، وبناء منظومة رياضية راسخة، قادرة على تقديم كرة القدم السعودية للعالم بالصورة التي تستحقها، كدوري لا يكتفي باستقطاب النجوم، بل يصنع مستقبل اللعبة في المنطقة.
اقرأ أيضًا: قيادة المملكة تعزّي المغرب في ضحايا انهيار مبنيين بمدينة فاس

