طالبة من جامعة جازان تحصد الذهب في “SGiE 2025” بابتكار لمعالجة المياه بتقنيات إنترنت الأشياء
الترند بالعربي – متابعات
في إنجاز علمي يليق بمكانة الجامعات السعودية في ساحات الابتكار العالمية، تمكنت الطالبة جنا حسين معشي من جامعة جازان من إحراز الميدالية الذهبية والجائزة الكبرى الخاصة من HIUF خلال مشاركتها في المعرض السعودي العالمي للاختراعات والابتكارات SGiE 2025، عبر مشروع علمي متقدم يجمع بين الهندسة الكيميائية وتقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في مجال معالجة المياه الرمادية. وقد حظي هذا الإنجاز باهتمام واسع في الوسط الأكاديمي، ليس فقط لقيمته العلمية، بل لما يمثّله من دلالة على نضوج البيئة الجامعية السعودية وقدرتها على إنتاج حلول تطبيقية تواكب تطلعات رؤية المملكة 2030 في مجالات الاستدامة والابتكار وحوكمة الموارد الطبيعية.
يأتي هذا التتويج في سياق متسارع من النجاحات التي يحققها شباب المملكة في مختلف المنصات العلمية الدولية، ما يعكس ثقة عالمية في جودة التعليم العالي السعودي، وقدرته على مدّ السوق بكفاءات قادرة على الابتكار والتطوير والتجديد. ومثل هذه المشاركة لا تُعد مجرد منافسة علمية، بل هي نافذة تُظهر للعالم حجم الاستثمار البحثي الذي تقوم به الجامعات السعودية، والقدرة على تقديم حلول عملية قابلة للتطبيق، خصوصًا في القطاعات الحيوية مثل المياه والطاقة والبيئة.
فكرة الابتكار: معالجة ذكية لمورد حيوي وحلّ تحدٍ عالمي
يشكّل نقص المياه واحدة من أعقد التحديات البيئية التي تواجه دول العالم، وتعاني كثير من الدول من ضغوط متزايدة في إدارة الموارد المائية، نتيجة النمو السكاني وتسارع التمدد الحضري. وفي ظل هذه التحديات الملحّة، جاء ابتكار الطالبة جنا معشي ليقدّم نظامًا ذكيًا لمعالجة المياه الرمادية وإعادة تدويرها في الري الزراعي، معتمدًا على حساسات إلكترونية وتقنيات إنترنت الأشياء لرفع كفاءة الاستخدام وتقليل الهدر وتحسين جودة المياه المعالجة.
يرتكز المشروع على معالجة المياه الناتجة عن الاستخدامات البشرية اليومية غير الملوثة بالصرف الصحي مثل مياه المغاسل والاستحمام، وتحويلها إلى مصدر مفيد يمكن الاعتماد عليه في ري المساحات الخضراء والحدائق المنزلية، مع ضمان جودة المياه وفق المعايير المعترف بها دوليًا. وقد أظهرت التجارب الأولية قدرة النظام على تقليص الهدر المائي بنسبة تتراوح بين 40% و60% لدى استخدامه بشكل متواصل، وهي أرقام لافتة بالنظر إلى ارتفاع معدلات الاستهلاك المائي في المجتمعات الحديثة.
تقنيات إنترنت الأشياء في خدمة البيئة
يُعد توظيف إنترنت الأشياء (IoT) في قطاع المياه نقلة نوعية، خصوصًا أنه يتيح مراقبة الأنظمة بشكل آلي ومستمر، وتحليل البيانات، وإصدار تنبيهات فورية عند حدوث أي تغيرات في جودة المياه. واعتمدت الطالبة في تصميم ابتكارها على منظومة متكاملة تشمل:
– حساسات متقدمة لقياس مستوى العكارة ودرجة الحموضة
– نظام فلترة متعدد المراحل يعتمد على الفحم المنشّط والأغشية الدقيقة
– وحدات تحكم رقمية تتصل بتطبيق ذكي
– تقنية تحليل البيانات لاستنتاج الأنماط التشغيلية
– وحدة تشغيل تلقائي تتحكم بفتح وإغلاق الصمامات حسب مستويات المعالجة
وبهذا الدمج بين الهندسة الكيميائية والتقنيات الرقمية، قدّم المشروع نموذجًا رائدًا في الإدارة الذكية للمياه، يمكن تطويره ليصبح جزءًا من مشاريع الإسكان، والمنشآت التعليمية، والحدائق العامة، وحتى المجتمعات الريفية التي تحتاج إلى حلول منخفضة التكلفة ومرتفعة الكفاءة.
التتويج العلمي: شهادة دولية على جودة البحث السعودي
أثار مشروع جنا معشي إعجاب لجنة التحكيم في معرض SGiE 2025، نظرًا لطابعه العملي وقدرته على التطبيق، وكونه يقدم حلًا مباشرًا لأحد أبرز التحديات البيئية في المنطقة. وقد نافس المشروع عشرات الابتكارات المقدمة من جامعات ومراكز بحثية داخل وخارج المملكة، قبل أن يحصد الميدالية الذهبية والجائزة الكبرى الخاصة من HIUF، ما يؤكد أنه لم يكن مجرد مشروع بحثي، بل يمثل رؤية علمية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
وأكدت لجنة التقييم أن المشروع تميز بقدرته على الدمج بين الهندسة والابتكار والبرمجة والتشغيل الذاتي، مع طرح آليات واضحة لإمكانية تطبيقه تجاريًا عبر وحدات جاهزة التركيب في المنازل والمزارع الصغيرة، وهو ما يمنح الابتكار إضافة اقتصادية مهمة.
جامعة جازان.. بيئة تعليمية تحتضن الإبداع
لم يأت نجاح الطالبة جنا معشي من فراغ، بل هو نتيجة بيئة جامعية احترافية تولي اهتمامًا كبيرًا للبحث العلمي وتوفير معامل مجهّزة بأحدث التقنيات. وفي هذا السياق، عبّر الدكتور محمد عريشي، رئيس قسم الهندسة الكيميائية بجامعة جازان، عن بالغ فخره بإنجاز الطالبة، مؤكدًا أن المشروع يجسد روح الابتكار في الجيل الجديد، ويعكس مدى قدرة الجامعة على إعداد كوادر علمية على أعلى مستوى.
وأشار إلى أن قسم الهندسة الكيميائية يقدّم دعمًا كبيرًا للطلاب في التدريب الميداني وتطوير مهاراتهم البحثية، إضافة إلى الشراكات المتعددة مع الجامعات المحلية والدولية، ما ساهم في إنتاج مشاريع قادرة على المنافسة عالميًا.
رؤية المملكة 2030 ودعم مسار البحث العلمي
يأتي هذا الإنجاز متناغمًا مع توجهات رؤية المملكة 2030، التي خصصت جزءًا كبيرًا من برامجها لدعم الابتكار، وتمكين الشباب، وتعزيز دور الجامعات في بناء اقتصاد معرفي، وتحقيق الاكتفاء في التقنيات الحيوية، وبناء منظومات بحثية تواكب أفضل الممارسات العالمية.
وتعد معالجة المياه من أهم القطاعات التي تستهدفها رؤية 2030 نظرًا لارتباطها بالأمن المائي والبيئي والاقتصادي. ويمثل هذا المشروع مثالًا واضحًا على حلول تقنية محلية الصنع يمكن أن تنتقل من المختبرات الجامعية إلى فضاءات الاستثمار الصناعي.
ابتكار يخدم المجتمع والبيئة
اتفق الخبراء على أن النظام المبتكر يقدم مردودًا بيئيًا كبيرًا يمكن توظيفه على نطاق واسع في:
– تقليل الضغط على محطات التحلية
– دعم مشاريع التشجير وزيادة الغطاء النباتي
– الحد من الهدر المائي في المنازل
– تحسين جودة الحياة في المجتمعات الحضرية
– رفع كفاءة عمليات الري في المزارع
ويعيد هذا الإنجاز التأكيد على أهمية دور الطالبات والطلاب في رسم مستقبل البحث العلمي في المملكة، ورفع مستوى الوعي المجتمعي حول أهمية ترشيد المياه واستخدام التقنيات الذكية.
قصص الإلهام.. ودور الجامعة في تمكين المبدعين
مثّلت قصة جنا معشي رسالة قوية لجميع الطالبات والطلاب بأن الإبداع لا يحتاج سوى بيئة حاضنة وإصرار شخصي، مؤكدة في تصريحاتها أن هذا النجاح ما كان ليتحقق لولا الدعم الكبير الذي تلقّته من الجامعة وأساتذتها وأهلها.
كما شددت على رغبتها في تطوير النموذج الأولي للمشروع ليصبح منتجًا جاهزًا للاستخدام في البيوت والمزارع، مع تحسين تقنيات القياس والتحكم بما يجعله أكثر ملاءمة لمختلف البيئات.
ما أهمية معالجة المياه الرمادية؟
تتيح معالجة المياه الرمادية الاستفادة من المياه المستخدمة منزليًا في الري، مما يقلل الهدر ويرفع كفاءة الاستهلاك.
هل يمكن تطبيق هذا الابتكار على نطاق واسع؟
نعم، ويمكن استخدامه في المنازل، المدارس، الحدائق، والمشاريع الزراعية الصغيرة، مع القدرة على تطويره صناعيًا.
ما الذي ميّز مشروع جنا معشي عن منافسيه؟
دمجه الدقيق بين الهندسة الكيميائية وإنترنت الأشياء، والقدرة على التطبيق الفعلي، ودقة البناء العلمي.
ما دور جامعة جازان في دعم الابتكار؟
توفر الجامعة معامل بحثية حديثة، وبرامج تدريبية، ودعمًا كاملًا للمشاريع المبتكرة التي تمثل المملكة في المحافل الدولية.
اقرأ أيضًا: تحضيرًا لكأس العرب 2025.. طرح تذاكر مباراة الأخضر أمام الجزائر
