منوعات

شاهد.. مذنب ATLAS ينقسم إلى ثلاث أنوية ومرصد عربي يوثّق الظاهرة بدقّة

الترند بالعربي – متابعات

في حدث فلكي نادر يفتح بابًا واسعًا للأسئلة العلمية حول سلوك المذنبات وخصائصها أثناء الاقتراب من الشمس، وثّق مرصد الختم الفلكي التابع لمركز الفلك الدولي في أبوظبي لحظة انقسام مذنب ATLAS إلى ثلاث أنوية كاملة، في ساعات الفجر الأولى من يوم السبت 15 نوفمبر 2025، وسط اهتمام واسع من المجتمع العلمي العربي والدولي، نظرًا لندرة هذا النوع من الانقسامات وسرعة تطوّره خلال أيام قليلة فقط.

ولم يكن هذا الانقسام حدثًا عابرًا، بل جزءًا من مسار طويل من الرصد والمتابعة العلمية الدقيقة التي قام بها المرصد الإماراتي، والذي أظهر قدرة تكنولوجية وفنية متقدّمة تسمح بتوثيق أدق الظواهر الفلكية، خاصة في وقت تتسارع فيه بيانات المذنبات ويزداد نشاطها قرب الشمس. ومع أن انقسام المذنبات ليس ظاهرة جديدة بحد ذاتها، فإن ما حدث لـ C/2025 K1 (ATLAS) يُعد من الحالات النادرة التي رُصدت فيها ثلاثة أنوية واضحة خلال فترة قصيرة للغاية، وبأدلة تصويرية عالية الجودة.

يأتي هذا الحدث في وقت يشهد فيه العالم اهتمامًا متزايدًا برصد الأجرام السماوية المتحركة، لما تحمله من معلومات أساسية تساعد العلماء على فهم أصل النظام الشمسي وتطور مواده الأولية، خاصة أن المذنبات تُعد من أقدم الأجسام التي احتفظت بتركيبتها منذ تشكّل النظام قبل 4.6 مليارات سنة.

وفي هذا التقرير الموسّع، نروي القصة الكاملة لانقسام المذنب، وظروفه العلمية، وكيف وثّق المرصد العربي الحدث لحظة بلحظة، وما يعنيه ذلك للمجتمع الفلكي في العالم العربي.

شاهد.. مذنب ATLAS ينقسم إلى ثلاث أنوية ومرصد عربي يوثّق الظاهرة بدقّة
شاهد.. مذنب ATLAS ينقسم إلى ثلاث أنوية ومرصد عربي يوثّق الظاهرة بدقّة

انقسام نادر يُعيد تشكيل صورة المذنبات

شهد المذنب C/2025 K1 (ATLAS) أول مؤشرات الانقسام في 10 نوفمبر 2025، حين بدأت تلسكوبات مرصد الختم في رصد نواتين واضحتين، لتؤكّد بذلك أن الحدث لم يكن مجرد اضطراب في الذيل أو تفتت بسيط في المادة، بل انقسام فعلي في النواة الصلبة. وبعد ثلاثة أيام فقط، وتحديدًا في 13 نوفمبر، ظهرت ثلاث أنوية كاملة للمرة الأولى، وهو ما دفع فريق الرصد لإجراء أرصاد متتالية على مدار الليل لتأكيد الحالة.

ويُعد انقسام المذنبات من الظواهر غير المتوقعة التي قد تحدث لأسباب مختلفة، أبرزها:

  • درجة الحرارة العالية عند الاقتراب من الشمس
  • الضغط الناتج عن بخار الجليد الداخلي
  • التصادم مع جسيمات صغيرة
  • الضعف البنيوي في تركيبة النواة

لكن ما يجعل حدث ATLAS استثنائيًا هو سرعة الانقسام وتواليه، مما يشير إلى ضغط داخلي أو اختلال في بنية النواة كان يتشكل منذ فترة طويلة، وظهر فور وصول المذنب إلى نقطة الحضيض الشمسي في أكتوبر الماضي.

شاهد.. مذنب ATLAS ينقسم إلى ثلاث أنوية ومرصد عربي يوثّق الظاهرة بدقّة
شاهد.. مذنب ATLAS ينقسم إلى ثلاث أنوية ومرصد عربي يوثّق الظاهرة بدقّة

قدرات عربية غير مسبوقة في رصد الظواهر الفلكية

أظهر مرصد الختم، الواقع في منطقة الختم بأبوظبي، مستوى متقدمًا في رصد وتتبع الأجرام السماوية المتحركة، من خلال استخدام تلسكوب بقطر 14 إنش، مع كاميرا ASI2600MM Pro، وهي واحدة من أفضل الكاميرات المخصصة للتصوير الفلكي المتقدّم.

وبحسب المهندس محمد شوكت عودة، مدير مركز الفلك الدولي، فإن عملية الرصد نُفذت عند الساعة 01:30 بتوقيت غرينتش، حيث تم التصوير بالأبيض والأسود لتعزيز وضوح تفاصيل النواة، وتسجيل حركة الأنوية الثلاثة مقارنة بالنجوم الخلفية.

وأكد عودة أن المرصد اتّبع بروتوكولات علمية دقيقة لتحديد مواقع الأنوية الثلاثة، عبر مقارنة صور متعددة بفواصل زمنية قصيرة، وتحليل بيانات الحركة باستخدام البرمجيات الفلكية، وهو ما مكّن من تحديد موقع كل نواة بدقة متناهية.

شاهد.. مذنب ATLAS ينقسم إلى ثلاث أنوية ومرصد عربي يوثّق الظاهرة بدقّة
شاهد.. مذنب ATLAS ينقسم إلى ثلاث أنوية ومرصد عربي يوثّق الظاهرة بدقّة

تسجيل دولي رسمي للانقسام

لم يكن الحدث مجرد تسجيل بصري، بل وثّقه مركز الكويكبات الصغيرة التابع للاتحاد الفلكي الدولي (IAU MPC)، والذي سجّل النواة الثانية كجرم منفصل تحت الرمز:

C/2025 K1-B (ATLAS)

هذا التسجيل يعطي شرعية علمية للحدث، ويؤكد أن ما رآه المرصد الإماراتي ليس مجرد تشويه بصري أو انعكاس ضوئي، بل انقسام حقيقي ومعترف به دوليًا.

كما أوضحت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا في نشرتها حول المذنب، أن:

  • النواة الأولى ستمر قرب الأرض يوم 24 نوفمبر الساعة 17:06 بتوقيت غرينتش
  • النواة الثانية ستمر بعد 30 دقيقة عند 17:35 بتوقيت غرينتش

هذه الفروق الزمنية بين مرور النواتين تساعد العلماء على دراسة أثر الانقسام على المدارات، وفهم تأثير القوى الخارجية على مسار المذنب بعد التفكك.

شاهد.. مذنب ATLAS ينقسم إلى ثلاث أنوية ومرصد عربي يوثّق الظاهرة بدقّة
شاهد.. مذنب ATLAS ينقسم إلى ثلاث أنوية ومرصد عربي يوثّق الظاهرة بدقّة

لماذا تنقسم المذنبات؟

لطالما أثار موضوع انقسام المذنبات فضول العلماء، خاصة أن النواة – رغم صلابتها – تتكون من خليط هشّ من الجليد والصخور والغبار، ما يجعلها قابلة للتفتت تحت ظروف متعددة.

تتضمن الأسباب المحتملة:

1. زيادة التسخين الشمسي

عند الاقتراب من الشمس، ترتفع حرارة سطح المذنب إلى درجات تؤدي إلى تبخر الجليد الداخلي، مما يولد ضغطًا هائلًا يمكن أن يشقّ النواة.

2. دوران غير مستقر

بعض المذنبات تدور بسرعة عالية، ومع فقدان جزء من كتلتها أثناء التسامي، قد يتعرض توازنها للاضطراب، ما يؤدي إلى التصدع والانشطار.

3. تراكم الغازات خلال ملايين السنين

يشبه الأمر عبوة مضغوطة، فإذا كانت النواة مختومة بالجليد، قد يؤدي تراكم الغاز الداخلي إلى انفجارات صغيرة تؤدي للانقسام.

4. صدمات مع حطام فضائي صغير

قد تتعرض النواة لضربة من صخرة صغيرة أو جسيم مجري يؤدي إلى إضعاف بنيتها.

كل هذه الأسباب تمثل احتمالات، لكن انقسام ATLAS وظهور ثلاث أنوية خلال أيام قليلة يشير إلى أن السبب الرئيسي محتمل أن يكون ضعفًا داخليًا في البنية الجليدية للمذنب أدى إلى انهيار متتابع.

شاهد.. مذنب ATLAS ينقسم إلى ثلاث أنوية ومرصد عربي يوثّق الظاهرة بدقّة
شاهد.. مذنب ATLAS ينقسم إلى ثلاث أنوية ومرصد عربي يوثّق الظاهرة بدقّة

مرصد الختم يقدّم مادة علمية نادرة للباحثين

جاءت الصور التي التقطها المرصد لتشكّل مادة قيّمة للباحثين، لعدة أسباب:

  • وضوح الأنوية الثلاثة ضمن إطار واحد
  • ثبات النجوم في الخلفية مما يساعد على تحديد الحركة
  • تعدد اللقطات الزمنية لتوثيق المسار
  • الحصول على صور بألوان غير حقيقية لتمييز الغازات

كما وثّق المرصد:

  • فيديو يُظهر حركة المذنب بين النجوم
  • فيديو مكبّر يُظهر الأنوية الثلاثة وهي تتحرك
  • صور واسعة تُظهر الذيل الأطول للمذنب
  • صور تحليلية توضّح توزيع الأجرام حوله

هذه المواد لا تقتصر قيمتها على التوثيق، بل تُستخدم في:

  • تحليل مستويات الانفصال
  • قياس سرعات الأنوية
  • مقارنة النشاط قبل وبعد الانقسام
  • بناء نماذج ثلاثية الأبعاد لمسار المذنب
شاهد.. مذنب ATLAS ينقسم إلى ثلاث أنوية ومرصد عربي يوثّق الظاهرة بدقّة
شاهد.. مذنب ATLAS ينقسم إلى ثلاث أنوية ومرصد عربي يوثّق الظاهرة بدقّة

ماذا يعني الحدث للمجتمع العلمي العربي؟

يحمل انقسام المذنب ATLAS أهمية خاصة للعالم العربي، لأنه يوثق:

1. قدرة المراصد العربية على رصد ظواهر عالمية نادرة

لم يكن من السهل توثيق الحدث بهذا الوضوح، لكن مرصد الختم أظهر امتلاك المنطقة تجهيزات تضاهي المراصد العالمية.

2. مساهمة فعلية في الأبحاث الدولية

عندما تُسجل بيانات مرصد عربي في نشرات الاتحاد الفلكي الدولي ووكالة ناسا، فهذا يعني أن المجتمع العلمي العربي أصبح جزءًا من سلسلة الرصد العالمي.

3. تحفيز الهواة والطلاب

مثل هذه الأحداث تُعد مصادر تعليمية ثرية للطلاب، وللمهتمين بعلم الفلك، وتشجع على تأسيس مجموعات رصد وتعليم في المنطقة.

4. تعميق مفهوم الأمن الفضائي العلمي

فكلما زادت القدرة على رصد الأجرام المتحركة، زادت قدرة الدول على فهم المخاطر المحتملة من الأجسام القريبة من الأرض.

شاهد.. مذنب ATLAS ينقسم إلى ثلاث أنوية ومرصد عربي يوثّق الظاهرة بدقّة
شاهد.. مذنب ATLAS ينقسم إلى ثلاث أنوية ومرصد عربي يوثّق الظاهرة بدقّة

الفرق بين هذا المذنب ومذنب ATLAS القديم

أشار مركز الفلك الدولي إلى أن المذنب
C/2025 K1 (ATLAS)
يختلف عن المذنب ATLAS/3I الذي أُثير حوله جدل كبير قبل سنوات وتداول البعض إشاعات أنه مركبة فضائية أو جسمًا غير طبيعي.

لكن التوضيحات العلمية أكدت:

  • المذنب الحالي هو جسم طبيعي 100%
  • تم اكتشافه في مايو 2025
  • اكتشفته شبكة “أطلس” المخصصة لمراقبة الأجسام القريبة من الأرض

هذه التوضيحات ساهمت في تفادي انتشار الشائعات، وربطت المعلومات العلمية بمصادر رسمية.

كيف يرى العلماء أهمية الانقسام؟

يرى الباحثون أن انقسام ATLAS يقدم فرصة فريدة لدراسة:

  • التغيرات البنيوية داخل نواة المذنب
  • تأثير الشمس على المواد البدائية
  • علاقة الانقسام بتغير المسار المداري
  • طبيعة الجليد الداخلي ولونه وتركيبه
  • مقدار الغاز المتحرر أثناء الانقسام

كما يفتح الباب لدراسة فكرة “الحقول الجاذبية الصغيرة” داخل المذنبات، ومدى قدرتها على الاحتفاظ بأنويتها بعد الانفصال.

ماذا يعني مرور الأنوية قرب الأرض؟

مرور نواتين للمذنب يوم 24 نوفمبر يعني:

  • إمكانية رصد المذنب بتلسكوبات الهواة
  • فرصة للحصول على صور جديدة
  • حركة واضحة في السماء يمكن تتبعها
  • تأكيد الانقسام من مراصد أخرى

لكن العلماء يؤكدون أن المذنب لا يشكل أي خطر على الأرض، لأن مداره بعيد بما يكفي ولا يقترب من المنطقة الخطرة.

مشاهد ليلية تخطف الأنفاس

أظهرت المقاطع المسجلة من المرصد:

  • ذيلًا طويلًا يمتد عشرات الآلاف من الكيلومترات
  • وميضًا مستمرًا ناتجًا عن الغبار والغاز
  • حركة بطيئة لكنها ثابتة للأنوية الثلاثة
  • خلفية من النجوم تساعد على قياس الحركة بدقة
  • مناطق تفكك غبارية دقيقة حول النواة الرئيسية

كما أبرزت الصور الملوّنة بدرجات الرمادي تفاصيل إضافية لم تُرصد في الصور الملونة.

تفاعل واسع في الوسط الفلكي العربي

لاقى هذا الإنجاز احتفاءً واسعًا لدى:

  • الجمعيات الفلكية
  • هواة التصوير الفلكي
  • الأقسام الجامعية
  • برامج تعليم الفضاء
  • المنتديات العلمية

وتم تداول الصور على نطاق واسع، خاصة أن الحدث يوثّق لحظة لا تتكرر كثيرًا.

خطوات الرصد التي اعتمد عليها المرصد

اتبعت فرق الرصد العملية التالية:

  1. تحديد موقع المذنب باستخدام قواعد بيانات NASA
  2. توجيه التلسكوب تلقائيًا إلى الإحداثيات
  3. التقاط سلسلة من الصور بفواصل زمنية قصيرة
  4. معالجة الصور لإزالة تشويش الغلاف الجوي
  5. مقارنة المسارات لتحديد الانقسام
  6. إرسال النتائج إلى الاتحاد الفلكي الدولي
  7. نشر الصور والمقاطع مع شرح علمي شامل

هذه الخطوات تعكس احترافية عالية في الرصد والتحليل

هل يشكل المذنب خطرًا على الأرض؟

لا، مرور الأنوية سيكون بعيدًا وآمنًا تمامًا.

هل يمكن رؤية المذنب بالعين المجردة؟

لا يمكن رؤيته بدون تلسكوب، لكنه قد يظهر للهواة بتلسكوبات متوسطة.

هل ستنفصل الأنوية مجددًا؟

محتمل جدًا، فالمذنبات بعد الانقسام تصبح غير مستقرة.

هل يتكرر هذا الحدث كثيرًا؟

نادر جدًا، وقد يمر سنوات قبل مشاهدة حالة مشابهة.

هل يمكن أن تندمج الأنوية مرة أخرى؟

لا، بعد الانفصال تفقد كل نواة تماسكها مع الأخرى.

اقرأ أيضًا: أمطار حائل تعيد رسم المشهد الطبيعي وتستنفر الجهود.. ليلة استثنائية على وقع السيول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى