منوعات

“العطش يقترب من طهران ومشهد.. جفاف تاريخي يهدد 14 مليون إيراني وسدود البلاد تقترب من الانهيار”

الترند العربي – متابعات

إيران تواجه أخطر أزمة مياه في تاريخها الحديث

تدخل إيران مرحلة حرجة من الجفاف غير المسبوق، حيث تتراجع مستويات المياه في السدود إلى حدود تنذر بكارثة إنسانية، وسط تحذيرات رسمية من نزوح جماعي محتمل من العاصمة طهران إذا استمرت الأزمة على هذا النحو.
فقد أظهرت التقارير الرسمية أن مخزون المياه في السدود الرئيسية المغذية لمدينتي مشهد وطهران انخفض إلى أقل من 3% من طاقتها، ما يهدد بانقطاع المياه عن ملايين السكان خلال الأسابيع القادمة.

"العطش يقترب من طهران ومشهد.. جفاف تاريخي يهدد 14 مليون إيراني وسدود البلاد تقترب من الانهيار"
“العطش يقترب من طهران ومشهد.. جفاف تاريخي يهدد 14 مليون إيراني وسدود البلاد تقترب من الانهيار”

مشهد المقدسة.. مدينة تقترب من العطش الكامل

في مدينة مشهد، التي تُعد مركزًا دينيًا وسياحيًا بارزًا في إيران، تتجلى آثار الجفاف بصورة مأساوية.
فبحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية “إسنا” عن حسين إسماعيليان، المسؤول عن مؤسسة المياه في المدينة، فإن مخزون السدود الأربعة التي تغذي مشهد انخفض إلى 40 مليون متر مكعب فقط، بعدما كان 189 مليونًا في الفترة ذاتها من العام الماضي.
ويستهلك سكان المدينة، الذين يبلغ عددهم نحو 4 ملايين نسمة، ما يقارب 700 ألف متر مكعب من المياه يوميًا، ما يعني أن الموارد المتبقية بالكاد تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية لفترة قصيرة.

وتقع مشهد في منطقة قاحلة على بعد 900 كيلومتر شرق طهران، وتعتمد بشكل كبير على الأمطار الموسمية وذوبان الثلوج، غير أن غياب الهطول المطري في 15 محافظة إيرانية هذا الخريف جعل الأزمة تتفاقم بصورة غير مسبوقة.

"العطش يقترب من طهران ومشهد.. جفاف تاريخي يهدد 14 مليون إيراني وسدود البلاد تقترب من الانهيار"
“العطش يقترب من طهران ومشهد.. جفاف تاريخي يهدد 14 مليون إيراني وسدود البلاد تقترب من الانهيار”

طهران.. العاصمة على حافة أزمة وجودية

الوضع في طهران لا يقل خطورة عن مشهد، إذ أكدت شركة مياه طهران أن أحد السدود الخمسة المغذية للمدينة جفّ تمامًا، بينما تراجع منسوب المياه في سد “أمير كبير” من 86 مليون متر مكعب إلى 14 مليونًا فقط خلال عام واحد.
وقال بهزاد بارسا، المدير العام لشركة مياه طهران، إن نسبة هطول الأمطار انخفضت 100% مقارنة بالعام الماضي، محذرًا من أن العاصمة تواجه خطر “أزمة عطش” حقيقية إذا لم تتساقط الأمطار قريبًا.

وأعلنت السلطات الإيرانية البدء في تقنين المياه ليلاً، في خطوة تهدف لتقليل الاستهلاك وحماية ما تبقى من المخزون، بينما تشير التوقعات الجوية إلى غياب الأمطار لعشرة أيام إضافية على الأقل.

تحذير رئاسي: “الرحيل من طهران”

في خطوة تعكس عمق الأزمة، أصدر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تحذيرًا لافتًا، قائلاً إن سكان العاصمة – وعددهم نحو 10 ملايين نسمة – قد يضطرون لمغادرتها بحلول نهاية العام إذا استمر الجفاف.
ورغم أنه لم يوضح آلية تنفيذ هذا التحذير، فإن التصريح يعكس حجم القلق داخل أروقة الحكومة، خاصة مع تراجع مستويات المياه الجوفية وغياب الحلول العاجلة.

ويرى محللون أن هذا التحذير هو الأكثر خطورة في تاريخ الجمهورية الإسلامية، لأنه يشير إلى احتمال نزوح داخلي ضخم قد يؤدي إلى اختلالات اجتماعية واقتصادية يصعب السيطرة عليها.

"العطش يقترب من طهران ومشهد.. جفاف تاريخي يهدد 14 مليون إيراني وسدود البلاد تقترب من الانهيار"
“العطش يقترب من طهران ومشهد.. جفاف تاريخي يهدد 14 مليون إيراني وسدود البلاد تقترب من الانهيار”

19 سدًا جفّت بالكامل

بحسب تقرير لوكالة “مهر” الإيرانية في أكتوبر الماضي، فقد جفّت 19 سدًا كبيرًا بالكامل من أصل نحو 190 سدًا في البلاد، وهو ما يمثل 10% من إجمالي السعة التخزينية الوطنية.
هذا الجفاف الواسع يعكس هشاشة البنية المائية في إيران، التي تعتمد أساسًا على ذوبان الثلوج والأمطار الموسمية، دون وجود بنية تحتية كافية لحصاد المياه أو إعادة تدويرها.

وقال خبير المياه الإيراني “بهمن نيكزاد” في تصريح لوسائل الإعلام المحلية:

“نحن نواجه أزمة هيكلية، فسياسات بناء السدود الكثيفة خلال العقود الماضية استنزفت الموارد الجوفية بدل أن تحميها، والآن ندفع الثمن.”

الأسباب: تغيّر المناخ وسوء الإدارة

تُجمع التقارير البيئية الدولية على أن إيران من بين أكثر الدول تضررًا من تغيّر المناخ في الشرق الأوسط، حيث ارتفعت درجات الحرارة بمعدل 2.5 درجة مئوية خلال العقدين الماضيين، وتراجعت الأمطار بنسبة 50% في بعض المناطق.
لكنّ الخبراء يشيرون إلى أن العامل البشري لعب دورًا أكبر في تفاقم الأزمة، من خلال سوء إدارة الموارد المائية وزراعة محاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه مثل الأرز والبطيخ في مناطق شبه صحراوية.

ويقول الدكتور “فرهاد كريمي”، الباحث في شؤون البيئة في جامعة شيراز:

“التغير المناخي هو العامل الخارجي، لكن الإفراط في السحب من المياه الجوفية وسوء تخطيط شبكات الري هو السبب الداخلي للأزمة.”

المدن الكبرى أمام خطر النزوح

تُظهر صور حديثة من وكالة ناسا انخفاضًا حادًا في مستويات المياه الجوفية في شمال وشرق إيران، ما يؤكد أن البلاد تتجه نحو “الفقر المائي المطلق”.
وتحذر منظمات بيئية من أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى نزوح ملايين السكان من المدن الكبرى نحو الشمال الغربي بحثًا عن موارد مائية أفضل، ما يخلق تحديات اقتصادية وأمنية جديدة.

في هذا السياق، نقلت صحيفة “شرق” الإيرانية عن مسؤولين محليين قولهم إن بعض القرى في محافظة كرمان أُخليت بالكامل بعد جفاف الآبار، وأن السلطات بدأت بتوزيع المياه عبر شاحنات متنقلة لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية.

خطة حكومية عاجلة لمواجهة الكارثة

أطلقت الحكومة الإيرانية خطة طوارئ وطنية لإدارة المياه تشمل:

  • تقنين الاستهلاك في المدن الكبرى.
  • استخدام تقنيات حديثة لتحلية المياه في الجنوب.
  • تعزيز مشاريع حصاد مياه الأمطار.
  • إصلاح أنظمة الري في الزراعة لتقليل الفاقد.

كما أعلن وزير الطاقة علي أكبر محرابيان عن بدء مفاوضات مع دول الجوار لتبادل المياه عبر مشاريع إقليمية، تشمل التعاون مع تركيا وتركمانستان في إدارة الأنهار المشتركة.

البعد البيئي والاقتصادي للأزمة

تؤكد تقارير برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن استمرار الجفاف سيؤدي إلى انكماش القطاع الزراعي الإيراني بنسبة 12% خلال عام 2026، وانخفاض إنتاج القمح بنسبة 30%.
كما تشير التقديرات إلى أن الخسائر الاقتصادية المباشرة قد تتجاوز 15 مليار دولار سنويًا نتيجة تراجع الإنتاج الزراعي ونزوح السكان من المناطق المتضررة.

إيران بين تحدي البقاء والإصلاح

يرى الخبراء أن الأزمة الحالية تمثل لحظة حاسمة لإيران، إذ لم تعد المسألة مرتبطة فقط بندرة المياه، بل بقدرة الدولة على إعادة هيكلة سياستها المائية، وضمان استمرار الحياة في مدنها الكبرى.
ويؤكد تقرير حديث لمركز الدراسات البيئية بطهران أن البلاد تحتاج إلى عقد كامل من الإصلاحات الجذرية تشمل تعديل نمط الاستهلاك، وتطوير البنية التحتية، وتبني التكنولوجيا الحديثة في إدارة الموارد.


ما أبرز أسباب الجفاف في إيران؟
يعود الجفاف إلى تغيرات مناخية حادة وسوء إدارة للموارد المائية، إلى جانب الإفراط في استهلاك المياه الجوفية وضعف البنية التحتية لحصاد المياه.

كم عدد السدود التي جفّت بالكامل؟
حتى أكتوبر 2025، جفّت 19 سدًا كبيرًا تمثل نحو 10% من السعة التخزينية الوطنية.

كيف يؤثر الجفاف على العاصمة طهران؟
جف أحد السدود المغذية للمدينة كليًا، وانخفض منسوب سد “أمير كبير” بنسبة 84%، ما دفع السلطات إلى تقنين المياه ليلاً لتجنب الانقطاع التام.

هل من حلول عاجلة للأزمة؟
تعمل الحكومة على تحلية المياه جنوبًا، وتقنين التوزيع، وتطوير شبكات الري، مع دراسة مشاريع تعاون مائي إقليمي.

هل يلوح خطر النزوح الجماعي؟
نعم، حذر الرئيس الإيراني من احتمال نزوح سكان طهران إذا استمرت الأزمة، ما ينذر بتحولات سكانية داخلية واسعة.

مع تراجع المطر وازدياد التصحر، تبدو إيران أمام أزمة وجودية تهدد مدنها الكبرى، إذ لم يعد الجفاف خطرًا مؤقتًا، بل تحول إلى واقع يومي يهدد حياة الملايين، فيما تتسارع الأسئلة حول قدرة طهران على مواجهة “عطش القرن”.

اقرأ أيضًا: شاهد.. الجفاف يكشف عن قرية إسبانية غمرتها المياه قبل 30 عامًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى