البحث عن حبيب

عمر غازي
في شوارع المدن المزدحمة، في المقاهي التي تعج بأحاديث العشاق، وفي أعماق المحادثات الإلكترونية الطويلة، يبقى السؤال معلقًا في الأذهان: هل يجد الناس الحب الحقيقي؟ أم أن البحث عنه مجرد وهم يستهلك الأرواح ويتركها في النهاية خاوية أكثر مما كانت؟
وفقًا لدراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2021، فإن 68% من الأشخاص يؤمنون بوجود الحب الحقيقي، لكن المفارقة أن 52% منهم لم يختبروه أبدًا، وكأن الحب فكرة أكثر منه واقعًا، حلم يُلاحَق لكنه نادرًا ما يتحقق، فما الذي يجعل العثور على الحب بهذه الصعوبة؟
الحب، كما تصوره القصص والروايات، يُفترض أن يكون حالة من الاكتمال العاطفي، لكن الواقع أكثر تعقيدًا، حيث كشفت دراسة من جامعة ستانفورد عام 2019 أن 40% من العلاقات العاطفية تنهار بسبب التوقعات غير الواقعية، إذ يبحث الكثيرون عن نسخة مثالية من الحبيب بدلًا من التفاعل مع إنسان حقيقي له عيوبه ونواقصه، مما يؤدي في النهاية إلى الإحباط والانفصال، وكأننا لا نبحث عن الحب بقدر ما نبحث عن وهم الحب.
لكن السؤال الأكثر إثارة هو: لماذا يتحول الحب إلى كره؟ هل يمكن أن تصبح المشاعر التي جمعت شخصين يومًا ما هي نفسها التي تدفعهما للتباعد؟ الإجابة تأتي من دراسة أجرتها جامعة ييل عام 2020، حيث أظهرت أن 70% من حالات الكره بين الأزواج السابقين كانت نتيجة لمشاعر حب شديدة تحولت إلى خيبة أمل بنفس الحدة، وكأن قوة العاطفة التي جمعتهم هي ذاتها التي فجّرت مشاعر الغضب والانتقام لاحقًا، وهذا يفسر كيف أن بعض أكثر العلاقات التي بدأت بشغف، انتهت بقطيعة لا رجعة فيها.
الحب الحقيقي، إن كان له وجود، لا يقوم فقط على المشاعر، بل على القدرة على احتواء التغيرات، فبحسب تقرير صادر عن جامعة أكسفورد عام 2022، فإن العلاقات الأطول عمرًا ليست تلك التي تعتمد على العاطفة وحدها، بل تلك التي يستطيع فيها الطرفان التكيف مع التحولات الشخصية التي تطرأ مع مرور السنوات، فالحب ليس وعدًا أزليًا، بل قدرة على البقاء رغم المتغيرات.
يبقى السؤال: هل نبحث عن الحب بصدق، أم أننا نبحث عن نسخة خيالية منه؟ وهل الحب الحقيقي، حين يوجد، يمكنه أن يصمد في وجه الزمن، أم أن التحول إلى كره هو النهاية الحتمية لمعظم قصص العشق؟