
جهاد النفس..رحلةٌ نحو التجديد الروحي في رمضان
محمود عبدالراضي
في عالمٍ يزدحم بالضغوطات، يُعد جهاد النفس من أقوى أنواع الجهاد التي قد يخوضها الإنسان، إنه الجهاد الذي لا يحتاج إلى دروع أو سيوف، بل إلى قلبٍ مؤمنٍ وضميرٍ يقظ، سعيًا لتهذيب النفس، وتطهير الروح من نزواتها، وتحريرها من أغلال المعاصي.
ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، تشرق الفرصة الذهبية لتجديد العهد مع النفس، هو الشهر الذي يتنفس فيه المؤمنون عبير الطهر والصفاء، حيث يتحقق الجهاد الأكبر: جهاد النفس.
إن رمضان هو التحدي الحقيقي لترويض الهوى، ولعل الصوم يُصبح أداة فاعلة في هذا الجهاد، إذ يصوم الجسد عن الطعام والشراب، بينما يزدهر الروح بالصبر والإرادة.
يمثل رمضان فرصة سانحة للمراجعة والتصحيح، إنه يتيح لنا لحظة صدقٍ مع أنفسنا، كي نواجه الأفعال التي لا تليق، والعلاقات التي شابتها شائبة، والمفاهيم التي اختلط فيها الحق بالباطل.
في هذا الشهر الكريم، يمكن أن نعيد ترتيب أولوياتنا، وأن نخطو خطوة جديدة نحو التوازن الداخلي، بعيدًا عن فوضى الدنيا وصخبها.
وفي خضم هذا الصيام، نجد أن أقوى الأسلحة التي يمكننا أن نتسلح بها هي الأخلاق الطيبة، مثل التسامح والمحبة وحب الخير للآخرين.
رمضان هو الفرصة المثالية لإعادة ضبط البوصلة الإنسانية، فلا قيمة لصيام لا يرافقه قلبٌ صافٍ وسلوكٌ نقي، في هذا الشهر، نتذكر كيف يمكن لقطرة محبة أن تُطفئ نار الكراهية، وكيف يمكن للكلمة الطيبة أن تعيد بناء جسور الثقة والرحمة بين الناس.
وأخيرًا، فإن رمضان هو الوقت الأمثل لتصفير الصفحات القديمة، لنغسل قلوبنا من أدران الماضي، ولنطوِ صفحة المعاصي والذنوب، ونفتح صفحة جديدة ناصعة البياض، فلنستقبل هذا الشهر المبارك بأنفاسٍ جديدة، وعزيمةٍ راسخة، وسعيٍ حقيقي لجهاد النفس، علنا ننجح في كسب معركة التغيير الداخلي، ونخرج من رمضان بقلوبٍ أطيب، وأرواحٍ أنقى.
لنبدأ الآن، ففي رمضان فرصٌ لا تُعد ولا تُحصى، ولنغتنم هذه الفرصة لصياغة أنفسنا من جديد، في جهادٍ لا يتوقف إلا عند النصر على النفس والهوى.
المصدر: اليوم السابع