عمر غازيكُتاب الترند العربي

الطلاق والفضائح

عمر غازي

في عام 2018، شهد العالم واحدة من أشهر قضايا الطلاق بين الملياردير جيف بيزوس، مؤسس أمازون، وزوجته ماكنزي سكوت، حيث لم يكن الانفصال نفسه هو الحدث، بل سلسلة التسريبات التي انتشرت حول حياته الخاصة، والتي تسببت في أزمة إعلامية كبرى، حيث تم تسريب رسائل نصية وصور شخصية له، مما أثار جدلًا واسعًا حول حدود الخصوصية بعد انتهاء العلاقات الزوجية، هذه الواقعة لم تكن استثناءً، بل جزءًا من ظاهرة متكررة يتحول فيها الانفصال من قرار شخصي إلى معركة علنية، لا يخرج منها أحد رابحًا.

لماذا يلجأ بعض الأزواج إلى الفضائح بعد الانفصال؟ الإجابة قد تكون أكثر تعقيدًا مما يبدو، حيث أظهرت دراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2022 أن 65% من الأزواج الذين خاضوا معارك إعلامية أو قانونية بعد الطلاق كانوا مدفوعين برغبة في “استعادة السيطرة”، وكأن فضح الطرف الآخر يعوض الإحساس بالخسارة، أو يمنحهم شعورًا زائفًا بالانتصار، خاصة عندما يكون الانفصال قد تم بطريقة لم يرغبوا بها، مما يحوّلهم من ضحايا إلى مهاجمين، وكأنهم يعيدون كتابة الرواية بشكل يجعلهم في موقف القوة.

لكن الأمر لا يقتصر فقط على الانتقام، فهناك أيضًا الجانب النفسي، حيث يشعر بعض الأشخاص أن علاقتهم السابقة كانت استثمارًا يجب استرداده بأي طريقة، فعندما يجد أحد الأطراف نفسه مستبعدًا من حياة الآخر، يبدأ في البحث عن وسيلة للظهور مجددًا، حتى لو كان ذلك عبر الفضائح، فوفق تقرير صادر عن جامعة ستانفورد عام 2021، فإن 58% من الأشخاص الذين انخرطوا في حملات تشويه للطرف الآخر بعد الطلاق اعترفوا بأنهم شعروا بفراغ عاطفي دفعهم للقيام بذلك، وكأن الصراع العلني يعوض غياب العلاقة نفسها.

وفي بعض الحالات، يكون التشهير بعد الانفصال مجرد انعكاس لطبيعة العلاقة نفسها، فالأشخاص الذين اعتادوا على الصراعات داخل الزواج نادرًا ما ينهونه بطريقة هادئة، بل يستمر الصراع بعده، ولكن هذه المرة خارج جدران المنزل، حيث يصبح الجمهور هو القاضي، والمجتمع هو منصة الانتقام، فبحسب دراسة أجرتها جامعة أوكسفورد عام 2020، فإن العلاقات التي شهدت مستويات عالية من التلاعب العاطفي أثناء الزواج تكون أكثر عرضة بنسبة 72% للتحول إلى معارك علنية بعد الانفصال، لأن أحد الطرفين –أو كلاهما– لا يستطيع التخلي عن فكرة الفوز بأي ثمن.

لكن السؤال المهم: هل تشويه صورة الشريك السابق يحقق فعلًا شعورًا بالراحة؟ الأبحاث تقول العكس، حيث أظهرت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا عام 2019 أن 80% من الأشخاص الذين لجأوا إلى فضح شركائهم بعد الانفصال شعروا بالندم لاحقًا، لأنهم وجدوا أنفسهم عالقين في دائرة لا تنتهي من الصراع النفسي والاجتماعي، وكأن الانتقام لم يكن حلًا، بل مجرد امتداد للألم، فهل يمكن أن يتحول الانفصال إلى تجربة ناضجة دون الحاجة إلى التشهير؟ أم أن بعض العلاقات محكوم عليها بأن تنتهي كما بدأت، بالصخب والدراما؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى