عمر غازيكُتاب الترند العربي

تشاؤمك يحدد مصيرك

عمر غازي

في أربعينيات القرن الماضي، كان هناك طبيب نفسي يُدعى فيكتور فرانكل، عاش تجربة إنسانية غير عادية أثناء احتجازه في معسكرات الاعتقال النازية خلال الحرب العالمية الثانية، في خضم القسوة والوحشية التي شهدها، لاحظ فرانكل أن أولئك الذين فقدوا الأمل واستسلموا للتشاؤم غالبًا ما ينهارون بسرعة، بينما الناجون كانوا، بشكل عام، أولئك الذين تمسكوا بشيء من التفاؤل والأمل، مهما كان بسيطًا، بعد تحريره، كتب فرانكل كتابه الشهير “الإنسان يبحث عن المعنى”، حيث أشار فيه إلى أن التفاؤل ليس مجرد شعور، بل هو سلاح نفسي يمكن أن ينقذ حياة الإنسان حتى في أحلك الظروف.

التشاؤم ليس مجرد حالة ذهنية، بل هو قوة معيقة يمكنها أن تؤثر بشكل مباشر على مصير الإنسان، دراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2019 أظهرت أن الأشخاص الذين يركزون على السلبيات ويتوقعون الأسوأ يميلون إلى اتخاذ قرارات أقل جرأة ويقللون من فرصهم لتحقيق النجاح بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بالأشخاص المتفائلين، الأمر لا يقتصر على النجاح المهني، فالتشاؤم له تأثيرات واضحة على الصحة الجسدية والنفسية، حيث أظهرت دراسة أخرى أجرتها جامعة كاليفورنيا عام 2020 أن المتشائمين أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والاكتئاب.

في المقابل، التفاؤل ليس مجرد نظرة وردية للحياة، بل هو استراتيجية فعّالة للتغلب على التحديات، حيث أظهرت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد عام 2021 أن الأشخاص الذين يتبنون التفاؤل كأسلوب حياة يزيد احتمال تحقيقهم لأهدافهم بنسبة 50%، لأنهم يميلون إلى رؤية الفرص بدلًا من العقبات، مما يدفعهم للعمل بجدية أكبر حتى في الظروف الصعبة.

التفاؤل هو المفتاح الذي يفتح أبواب النجاح، وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطيرة، وهي التشاؤم، ولذا فالسؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا ليس عن الظروف المحيطة، بل عن الطريقة التي نختار بها أن نرى تلك الظروف: هل نركز على الظلال أم على الضوء الذي قد يغير مسار حياتنا؟ فكما يقال تفائلوا بالخير تجدوه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى