كُتاب الترند العربي

هل نسى العالم غزة؟

أميرة خواسك

أصدرت منظمة اليونيسيف تقريرا حول استمرار وفيات الأطفال في غزة ، وقالت انه في الأيام الأخيرة من عام ٢٠٢٤ ، لا توجد نهاية في الأفق للتهديدات القاتلة التي يتعرض لها الأطفال في غزة خلال الأيام الماضية ، وأشارت إلى وفيات الأطفال سواء عن طريق الغارات أو نقص المأوى والغذاء .

كما قال برنامج الأغذية العالمي أن حياة أكثر من مليوني فلسطيني مع عدم إمكانية الوصول إلى الغذاء والمأوى في ظل استمرار الإبادة الإسرائيلية منذ أكثر من ١٤ شهر قد توقفت ، وقال التقرير أنه رغم بذل قصارى الجهد لتقديم المساعدات المنقذة للحياة في غزة فمن المستحيل تلبية الاحتياجات في ظل السيناريو الحالي من الصراع وانعدام الأمن والقيود التي تفرضها إسرائيل.

يأتي هذا التقرير وقد تراجع الاهتمام بقضية غزة ، خاصة مع تطور الأحداث في سوريا والسودان واليمن ، وبعد أن كانت المظاهرات والاحتجاجات والمقاطعات تغطي معظم دول العالم ، تتوارى مأساة غزة اليوم في ظل هذا الصقيع والأجواء القاسية إنسانيا ومناخيا ، وهو ما يعد سقوطاً هائلاً لكل مفاهيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان التي صدعتنا بها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية على مدار العقود الماضية ، متخذة منها حجة لغزو دول والتدخل في شئون دول والعبث بمقدرات دول .

حتى إذا جاءت حليفتها وصنيعتها إسرائيل تغاضت عن كل هذا وكشفت عن وجهها القبيح ، وغضت الطرف وساعدتها على إبادة شعب بأكمله ، وشاهدت جثث الأطفال والنساء والشيوخ وهي تمزق تحت الأنقاض دون أن تبدي خجلا أو تعاطفا مع من لا ذنب لهم سوى أنهم وجدوا على أرض هي محور لأطماع استعمارية منذ قرنين من الزمان.

هذا التقرير الصادر عن إحدى منظمات الأمم المتحدة هو عار على الولايات المتحدة والدول الأوروبية قبل أن يكون عارا على إسرائيل، التي هي في النهاية أداة لكل هؤلاء الذين يحرصون علي أن يظل الوطن العربي ممزقا ضعيفًا مقسما ، وهو ما وصلوا إليه بالفعل ، فقد انكفأت كل دولة على حالها وازدادت القضية الفلسطينية تعقيدا وتأزما ، فتهاوى سقف مطالبها وفقدت القيادات الرشيدة فيها، وأصبح مستقبلها متأرجحا بعد هذا الحصار العالمي الظالم الذي لا يفرق بين الضحية والجاني .

باستنثاء مصر أصبحت كل دول المواجهة في حالة انهيار يصعب معه المطالبة بأي شيء ، وهو ما يمنح إسرائيل فرصة ذهبية للاستمرار في بطشها وتماديها ، ويحيط المنطقة كلها بخطر داهم يطيل أمد الأزمة ، ويطيل معها مأساة أهل غزة بل وكل الشعب الفلسطيني، الذي انقسم بين من هجروا بلدهم وأخذتهم الحياة ، وبين من تمسك بالبقاء ولا يجد يدا تمتد إليه، ومن يناضل منفرداً أو في جماعة تحت سطوة الاحتلال.

لكن حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا يجب على كل الشرفاء في العالم الحر ومن بقي في قلبه بعضاً من الإنسانية أن يجد طريقا لهؤلاء الذين طال بهم العراء والجوع والتشتت بلا مأوى ولا غذاء أو دواء ، والذين عجزت حتى المنظمات الدولية عن إنقاذ أرواحهم ، بعد أن أصبحوا يشكلون عبئا كبيرا على ضمير البشرية الذي أنهكته إسرائيل وأعوانها .

المصدر: اليوم السابع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى