عاصمة مصر الطبية
عمر غازي
في قلب الدلتا، تقف مدينة المنصورة شاهدة على تطور طبي متميز جعلها تستحق بجدارة لقب “عاصمة مصر الطبية”، المدينة التي تحتضن جامعة المنصورة، إحدى أعرق الجامعات في مصر، تعد اليوم مركزًا طبيًا مرموقًا على المستوى المحلي والإقليمي، بفضل ما تقدمه من خدمات طبية متقدمة وما تحتضنه من مراكز متخصصة تعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط.
جامعة المنصورة ليست مجرد مؤسسة أكاديمية، بل هي محرك أساسي لتحسين قطاع الصحة في مصر، حيث تضم عددًا كبيرًا من المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة. من أبرز هذه المراكز، مركز جراحة الكلى والمسالك البولية، الذي افتُتح في سبعينيات القرن الماضي، بمبادرة من ابن المنصورة البار الدكتور محمد غنيم، ويعد اليوم واحدًا من المراكز الرائدة في العالم العربي وأفريقيا في علاج أمراض الكلى والمسالك البولية، وفقًا لتقرير صادر عن وزارة الصحة المصرية عام 2022، فإن المركز يستقبل آلاف الحالات سنويًا من مختلف أنحاء مصر والدول المجاورة، ويقدم خدمات جراحية معقدة تعتمد على أحدث التقنيات الطبية.
النجاحات التي حققها مركز الكلى لم تأت من فراغ، بل كانت نتاج رؤية علمية واضحة، حيث بدأ المركز كشراكة بين جامعة المنصورة وعدد من المؤسسات البحثية الدولية، مما أتاح له استخدام أحدث التقنيات الطبية وتبادل الخبرات مع مراكز طبية عالمية. على سبيل المثال، أبرم المركز شراكات مع جامعات أوروبية وأمريكية لتطوير تقنيات زراعة الكلى وعلاج الفشل الكلوي المزمن، هذه الشراكات لم تسهم فقط في تطوير مستوى الخدمات الطبية، بل جعلت من المنصورة وجهة علاجية معروفة على المستوى الإقليمي.
ولا تقتصر النجاحات الطبية في المنصورة على مركز الكلى، بل تشمل أيضًا كلية الطب في جامعة المنصورة، التي تُصنف بين أفضل الكليات الطبية في مصر، وفقًا لتصنيف QS لعام 2023، وهي الكلية تتميز ببرامجها الأكاديمية التي تعتمد على أحدث المناهج الطبية، كما أنها تضم مستشفيات تعليمية متخصصة في مجالات عدة، مثل علاج الأورام، وزراعة الأعضاء، وجراحة القلب والصدر، مما جعلها رائدة في تقديم خدمات طبية شاملة ومتقدمة.
اليوم، ومع افتتاح أول مركز لزراعة الكبد في الشرق الأوسط بمدينة المنصورة، تضيف المدينة إنجازًا جديدًا إلى سجلها الطبي الحافل، المركز يُعد الأول من نوعه في المنطقة، ويأتي تتويجًا لجهود جامعة المنصورة في تقديم حلول علاجية متقدمة لمرضى الكبد، لا سيما في ظل ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الكبد المزمنة في مصر،حيث يعتمد المركز على أحدث التقنيات في زراعة الكبد، ويستفيد من خبرات طبية تراكمت عبر عقود من العمل في مجالات زراعة الأعضاء، مما يجعله إضافة نوعية للقطاع الطبي في مصر.
ما يميز المنصورة ليس فقط العدد الكبير من المراكز الطبية المتخصصة، بل الروح الابتكارية التي تقود هذه المراكز، حيث تعتمد جامعة المنصورة نهجًا يركز على البحث العلمي والشراكات الدولية لتطوير القطاع الصحي. على سبيل المثال، أبرمت الجامعة اتفاقيات تعاون مع مؤسسات طبية وبحثية كبرى مثل مايو كلينيك في الولايات المتحدة، وجامعة أكسفورد في بريطانيا، مما ساهم في تحسين مستوى الخدمات الطبية المقدمة وفي تدريب الكوادر الطبية وفقًا لأعلى المعايير العالمية.
تمثل المنصورة نموذجًا لما يمكن أن تحققه الجامعات المصرية عندما تُدمج التعليم الأكاديمي مع الخدمات المجتمعية والبحث العلمي، المدينة التي كانت تُعرف بأنها “عروس الدلتا” أصبحت اليوم بحق “عاصمة مصر الطبية”، وحجر زاوية في تطوير القطاع الصحي المصري، إنجازات جامعة المنصورة لم تكن وليدة اللحظة، بل نتاج رؤية طويلة الأمد وجهود مضنية وضعتها ضمن الصدارة في القطاع الصحي في مصر وهو ما يدفعنا إلى فتح ملف آخر في وقت لاحق وهو لماذا لا تتبنى الأجهزة الإدارية بالمنصورة ومحافظة الدقهلية مبادرات فاعلة لرفع كفاءة المدينة وضواحيها ضمن إستراتيجية واضحة للترويج للسياحة العلاجية وتهيأة كافة السبل لها، وهو قطاع ضخم ومزدهر عالميًا وإقليميّا، والفرصة في اعتقادي الشخصي أصبحت مواتية أكثر من أي وقت مضى.