الصورة النمطية للعرب والمسلمين في السينما
عبدالمحسن المطيري
طوال التاريخ الإنساني، كانت الصورة النمطية حاضرة بين جميع المجتمعات، سواء المستوطنون تجاه الرُحّل، أو الحاضرة مقابل الريفية والبادية، أو الدول الصناعية أو المتقدمة تجاه الدول النامية أو الشعوب المتأخرة علميًا، أو حتى المستعمر تجاه صاحب الأرض. وكانت النظرة النمطية الموحدة والسلبية موجودة خارج كتب التاريخ أيضًا، وموجودة في مناطق عدة مختلفة بالشكل والمكان، أبرز تلك المناطق هي الفنون، لدرجة أن تتغير الشخصيات في رسومات الفنون الشهيرة حتى لشخصيات الشرق الأوسط مثل رسومات المسيح عليه السلام التي تم تغييرها إلى نمط الرجل الأبيض أو الأشقر بعيون زرقاء في تجاهل واضح لخلفية الشعوب الشرقية المتنوعة والبعيدة عن الوصف الدائم في رسومات الفنون في القرن الخامس والسادس عشر.
السينما استمرارية لهذه النظرة النمطية الدونية المُنتقِصة، فمن بداية السينما في بداية القرن التاسع عشر، تم خلق شخصيات سلبية لعوالم ثقافية أو اجتماعية مختلفة بدءًا من الأميركيين من أصول إفريقية، مرورًا بالسكان الأصليين أو ما كان يطلق عليهم أيضًا – بشكل خاطئ – الهنود الحمر، صعودًا بالصورة النمطية للرجل الروسي العنيف والبارد دائمًا في حقبة الحرب الباردة، انتهاء بحقبة ما بعد عام 2001 من خلال رسم صورة موحدة للرجل العربي أو المسلم بشكله العنيف والمزعج أو الشهواني السطحي صاحب المال الذي لا يستحقه، أو صورة الرجل الباكستاني السائق للتكسي، أو الرجل الهندي صاحب اللغة الإنجليزية المكسرة الذي يقف دائمًا خلف صندوق المحاسبة في محل لبيع الأغذية بالتجزئة، أو حتى تنميط الرجل الآسيوي الذي يوجد بشكل شبه دائم خلف شاشة الكمبيوتر محللًا نمطًا إلكترونيًا أو سيبرانيًا معينًا بعيدًا عن القرارات الحاسمة الخاصة فقط بصاحب الشعر الأشقر. هناك فيلم يحمل عنوان “Reel Bad Arabs” يفصل في تلك السردية المركزة من هوليوود تجاه الشعوب الشرق أوسطية.
في السينما نجد أيضًا تصورًا موحدًا تقريبًا للرجل المكسيكي أو اللاتيني بشكل عام، فهو إما صاحب وشوم متعددة، متجهم الوجه، عنيف مع المرأة، غير مُبالٍ، أو سيدة لاتينية لا تجيد الإنجليزية جل أحلامها هو الهروب من أعين السلطات الأميركية الخاصة بالهجرة والعيش بكرامة في ولاية كاليفورنيا التي تعتبر مكسيكية الأصل تاريخيًا. أما الرجال اللاتينيون، فهم مدخنون للماريجوانا بكثافة، أو مستخدمين نوعًا آخر من المخدرات، أو مروجين، أو متسكعين في الشوارع وإلى فترة قريبة، ولا نجد شخصية لاتينية في فيلم غربي فيها نوع مع العمق أو الوجاهة والذكاء والثقافة، بشكل أو بآخر، موازيًا لما نراه للشخصيات البيضاء.
العرب في السينما أيضًا تمت صناعة سردية موحدة لهم، فعندما نشاهد العربي الذي يتعامل مع الغربي في الأفلام الأميركية، نجده دائمًا يحتاج إلى استشارة الغربي، للعربي دائمًا القرار الأكثر حمقًا والأكثر تخبطًا. نشاهد الرجل العربي في بعض الأفلام، خصوصًا في فترة الثمانينيات والتسعينيات شخصية تتأرجح بين كونها ساذجة وسطحية، أو منافقة و متقلبة، لا تمتلك من الحكمة والبصرية ما يملكه ذلك الأشقر الوسيم الذي أتى للشرق الأوسط ليُنير عليهم الطريق، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، كما هو الحال مع مات دايمون في فيلم «Syriana» في عام 2005، والذي سرد فيها بالضبط كيف يفكر الكاتب الأميركي الأبيض تجاه الشرق الأوسط عندما أتى مات دايمون لأول مرة إلى أحد البلدان العربية وشاهد تصرفاتهم الغريبة عليه، ثم قام بوصفها بأسلوب لا يبتعد كثيرًا عن منهجية المستشرقين الشوفينية البسيطة والسطحية تجاه شعوب المنطقة العربية.