الكراهية انتحار
عمر غازي
يظل الحديث عن الكراهية موضوعًا مُثيرًا للجدل والنقاش.. فالكراهية، مكون طبيعي في مشاعر الإنسان، فالحب والكره فطرة إنسانية، ولكن هذا الشعور السلبي يُنهك القلب ويُثقل الروح، وهو في الواقع، عملية انتحار بطيئة ومُستمرة إذا تحول إلى أسلوب حياة.
هناك قاعدة ذهبية في فلسفة الحياة تقول: “أنت تستحق ما تعطيه للآخرين”، وهذا ينطبق بشكلٍ خاص على الكراهية. فعندما نكره شخصًا، نحرم أنفسنا من الطاقة الإيجابية النابعة من الحب والتسامح. بدلاً من ذلك، نغرق في بحر من السلبيات يُتلف سلامتنا العقلية والنفسية.
فالكراهية تقتل صاحبها قبل أن تقتل الشخص المكروه.. تميت في داخله كل المعاني الجميلة التي يحملها قلبه، وتمنعه من الاستمتاع بالحياة واللحظات الجميلة التي تقدمها له.. تجعله غارقًا في سماء مظلمة من الأفكار السلبية والمشاعر القاتلة.
إن الأمراض النفسية التي يمكن أن تنشأ من الكراهية ليست أقل خطورة من الأمراض البدنية؛ فهي تمتد إلى كل جوانب الحياة، تؤثر على العلاقات الاجتماعية، والأداء العملي، والصحة البدنية والعقلية.. الكراهية سم مُدمر يتغلغل في نسيج الحياة، يفسد العقل، ويُعكر صفو الروح.
إذاً، كيف نقاوم هذا العدو اللدود؟ الجواب بسيط ولكنه يتطلب الكثير من العمل والتصميم.. لا تجعل الكراهية من ضمن أسلحتك ولا تحاول تغذية هذه المشاعر السلبية داخلك، اغضب واحزن لبعض الوقت ثم تجاهل ما يؤذيك وتجاوزه.
ابدأ بالتحلي بالتسامح، وتصفية القلب من شوائب الكراهية، فهما العلاج الأمثل، وإن لم تستطع فحاول تجاهل ما يؤذيك على الأقل.. تعلم كيف تحول الطاقة السلبية إلى طاقة إيجابية، والأفكار السوداء إلى أفكار مشرقة.
الحياة قصيرة وعابرة، وليس لدينا الوقت أو الطاقة لنضيعها في الكراهية والبغض، لأتفه الأسباب، والدخول في صراعات مفتعلة، لا أحد فيها سينتصر، فلنحاول أن نملأ أيامنا بالحب والتسامح وراحة البال، لأن هذا هو السبيل الوحيد لعيش الحياة بشكل صحيح.
وأخيرًا.. هذه ليست دعوة للتسامح مع الفاسدين أَو الظالمين أَو المجرمين بدعوى نبذ الكراهية، فنحن عندما نأخذ منهم موقفا سلبيًا تجاههم فهذا ليس لأشخاصهم وإنما لأفعالهم، وعندما يتخلون عن فسادهم، وظلمهم، وإجرامهم، فبالتأكيد ستزول أسباب البغض.