الإنسان أولًا في الحرم المكي.. منظومة خدمات ذكية تكرّس راحة كبار السن وذوي الإعاقة
الترند العربي – متابعات
في قلب المسجد الحرام، حيث تتقاطع الروحانية مع أعظم منظومات الخدمة في العالم، تمضي المملكة العربية السعودية بخطوات متسارعة لترسيخ نموذج إنساني متكامل يضع الإنسان في صدارة الأولويات، عبر تطوير خدمات نوعية تستهدف كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، وتمنحهم تجربة عبادة آمنة، ميسّرة، وكريمة، تليق بمكانة الحرمين الشريفين وقدسيتهما.
هذا التوجه لا يأتي كإجراء موسمي أو استجابة ظرفية، بل هو جزء من رؤية شاملة تقودها الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وتندرج ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي جعلت جودة الحياة والخدمات الإنسانية ركيزة أساسية في إدارة الحشود وخدمة ضيوف الرحمن.

تحول نوعي في مفهوم خدمة ضيوف الرحمن
لم تعد خدمة المعتمر أو المصلّي في المسجد الحرام تقتصر على التنظيم المكاني أو إدارة الأعداد، بل تطورت لتشمل بُعدًا إنسانيًا عميقًا، يراعي الفروق الجسدية والصحية، ويُكيّف البيئة المكانية لتكون صديقة لكبار السن وذوي الإعاقة، دون أن يشعروا بأي عائق أو تمييز.
هذا التحول انعكس بوضوح في تخصيص مسارات مستقلة وآمنة داخل المسجد الحرام، صُممت بعناية لتسهيل الحركة، وتقليل الإجهاد البدني، وضمان الوصول السلس إلى مختلف المواقع الحيوية داخل الحرم، سواء لأداء الصلاة، أو الطواف، أو السعي، أو التنقل بين الأدوار والساحات.

مسارات خاصة.. هندسة تراعي الإنسان قبل المكان
أعلنت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي عن تخصيص مسارات مهيأة خصيصًا لكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، موزعة في نقاط استراتيجية داخل الحرم، من أبرزها جسر أجياد، ومصاعد المروة، وجسر الأرقم، ومصاعد الأرقم.
هذه المسارات لم تُنشأ بشكل عشوائي، بل جاءت بعد دراسات ميدانية دقيقة لحركة الحشود، وأنماط التنقل، واحتياجات الفئات الأكثر تأثرًا بالازدحام، بما يضمن أعلى درجات الأمان والانسيابية، ويخفف من مشقة الحركة لمسافات طويلة، خاصة خلال أوقات الذروة.

مصاعد ذكية تسهّل الوصول بين الأدوار
إلى جانب المسارات الأرضية، أولت الهيئة اهتمامًا خاصًا بتطوير منظومة المصاعد داخل المسجد الحرام، لتكون جزءًا لا يتجزأ من تجربة الوصول الشامل، حيث تم تجهيز مصاعد حديثة تربط بين الأدوار المختلفة، وتُدار وفق أنظمة تشغيل مرنة تراعي أوقات الذروة، وتُعطى فيها الأولوية لكبار السن وذوي الإعاقة.
هذه المصاعد لا تقتصر وظيفتها على النقل الرأسي فقط، بل تمثل عنصر أمان حيوي، يقلل من المخاطر الصحية المرتبطة بالإجهاد البدني، ويُسهم في الحفاظ على سلامة الزوار، خاصة من يعانون من أمراض مزمنة أو إعاقات حركية.

دليل إرشاد مكاني.. خريطة ذكية للحرم
في إطار استكمال المنظومة، دعت الهيئة ضيوف الرحمن إلى الاستفادة من دليل الإرشاد المكاني داخل المسجد الحرام، وهو دليل تفاعلي يوضح مواقع المسارات الخاصة، والمصاعد، والخدمات المساندة، بأسلوب مبسط يسهل على الجميع استخدامه.
يمثل هذا الدليل أداة توجيه ذكية، تُقلل من الارتباك، وتساعد كبار السن وذوي الإعاقة ومرافقيهم على التخطيط المسبق لحركتهم داخل الحرم، خاصة في أوقات الازدحام الشديد، ما يعزز من شعور الطمأنينة والاستقلالية أثناء أداء المناسك.

منظومة متكاملة تتجاوز البنية التحتية
تخصيص المسارات والمصاعد لا يُعد سوى جزء من منظومة أوسع، تشمل خدمات ميدانية بشرية مدربة على التعامل الإنساني الاحترافي مع كبار السن وذوي الإعاقة، بدءًا من فرق الإرشاد، مرورًا بالكراسي المتحركة، ووصولًا إلى فرق الطوارئ الصحية المنتشرة في أرجاء المسجد الحرام.
هذه الفرق تخضع لتدريب مستمر على مهارات التواصل، والاستجابة السريعة، واحترام الخصوصية، بما يضمن تقديم الخدمة بروح إنسانية عالية، بعيدًا عن أي ممارسات قد تُشعر المستفيدين بالحرج أو التمييز.
رؤية قيادية تُترجم على الأرض
تعكس هذه الجهود حرص القيادة الرشيدة – أيدها الله – على أن تكون خدمة قاصدي الحرمين الشريفين نموذجًا عالميًا يُحتذى به، لا سيما في جانب رعاية الفئات الأكثر احتياجًا للدعم، وتجسيد القيم الإسلامية في الرحمة، والتيسير، وحفظ كرامة الإنسان.
وقد أسهم هذا التوجه في تعزيز الصورة الذهنية للمملكة عالميًا، بوصفها دولة تُدير أكبر تجمعات بشرية دينية في العالم بأعلى معايير الإنسانية والتقنية، وتُحوّل التحديات اللوجستية إلى فرص ابتكار وتطوير مستدام.
جودة الحياة في أقدس بقاع الأرض
لا تنفصل هذه المبادرات عن مفهوم جودة الحياة، الذي أصبح معيارًا رئيسيًا في تقييم الخدمات العامة، حتى في أكثر المواقع ازدحامًا وحساسية، مثل المسجد الحرام. فتمكين كبار السن وذوي الإعاقة من أداء عباداتهم بسهولة وأمان، يعكس فهمًا عميقًا لمعنى الجودة الشاملة، التي تبدأ من احترام احتياجات الفرد.
وتؤكد الهيئة أن تطوير هذه الخدمات سيستمر بوتيرة متصاعدة، مع الاستفادة من التقنيات الحديثة، وتحليل البيانات، وتقييم تجارب الزوار، لضمان التحسين المستمر ورفع مستوى الرضا العام.
تجربة روحانية بلا عوائق
في نهاية المطاف، تهدف هذه المنظومة المتكاملة إلى هدف واحد واضح، وهو أن يؤدي كل زائر للمسجد الحرام عبادته دون عوائق جسدية أو نفسية، وأن يشعر بأن المكان مُهيأ له، مهما كانت ظروفه الصحية أو العمرية.
إنها رسالة واضحة بأن قدسية المكان لا تكتمل إلا بإنسانية الخدمة، وأن راحة الإنسان هي جوهر كل تطوير، وكل قرار، وكل مسار يُرسم داخل أقدس بقاع الأرض.
ما الهدف من تخصيص مسارات لكبار السن وذوي الإعاقة في المسجد الحرام؟
الهدف هو تسهيل أداء العبادات، وتقليل المشقة البدنية، وضمان بيئة آمنة ومريحة تراعي احتياجات هذه الفئات، خاصة خلال أوقات الازدحام.
أين تقع المسارات والمصاعد المخصصة داخل الحرم؟
تشمل مواقع استراتيجية مثل جسر أجياد، ومصاعد المروة، وجسر الأرقم، ومصاعد الأرقم، بما يسهّل التنقل بين الأدوار والمناطق المختلفة.
هل يمكن لمرافقي كبار السن وذوي الإعاقة استخدام هذه المسارات؟
نعم، يُسمح للمرافقين باستخدام المسارات والمصاعد لمساعدة كبار السن وذوي الإعاقة وضمان سلامتهم أثناء التنقل.
كيف يمكن معرفة مواقع المسارات والخدمات المساندة؟
من خلال دليل الإرشاد المكاني في المسجد الحرام، الذي يوضح مواقع المسارات والمصاعد والخدمات بشكل مبسط وسهل الاستخدام.
هل هذه الخدمات دائمة أم موسمية؟
الخدمات دائمة، وتندرج ضمن خطة تطوير مستمرة تهدف إلى تحسين تجربة ضيوف الرحمن على مدار العام، وليس خلال المواسم فقط.
هل تشمل المنظومة خدمات بشرية إلى جانب البنية التحتية؟
نعم، تشمل فرق إرشاد مدربة، وخدمات كراسي متحركة، وفرق طوارئ صحية، تعمل جميعها ضمن منظومة إنسانية متكاملة.
بهذا النهج المتكامل، يواصل المسجد الحرام تقديم نموذج عالمي في خدمة الإنسان، حيث تلتقي القداسة بأعلى معايير الرعاية، وتتحول العبادة إلى تجربة روحانية خالصة، خالية من العوائق، ومفعمة بالطمأنينة.
اقرأ أيضًا: بنزيما يحسمها للعميد.. الاتحاد يتجاوز ناساف ويُنعش آماله آسيويًا