جنة الدهناء الخفية.. روضة «أم الذيابة» ترسم لوحة طبيعية نادرة شمال الأرطاوية
الترند العربي – متابعات
في قلب الصحراء، وبين كثبان نفود الدهناء الذهبية، تبرز روضة «أم الذيابة» كواحدة من أكثر المواقع الطبيعية سحرًا وندرة في وسط المملكة، مقدمة مشهدًا يخالف الصورة النمطية للصحراء الجافة، حيث تتعانق المياه مع الخضرة، وتتشكل لوحة بيئية آسرة تخطف أنظار الزوار وعدسات المصورين.
روضة «أم الذيابة»، الواقعة شمال شرق الأرطاوية بمحافظة المجمعة، ليست مجرد موقع طبيعي موسمي، بل مساحة جغرافية تحمل مزيجًا فريدًا من العناصر البيئية، جعلها وجهة متنامية لعشاق الطبيعة، والرحالة، ومحبي التوثيق البصري، خصوصًا خلال مواسم الأمطار.
موقع جغرافي يصنع الاستثناء
تقع الروضة على أطراف نفود الدهناء، أحد أكبر وأشهر النطاقات الرملية في المملكة، حيث تحيط بها الكثبان الرملية من جميع الجهات تقريبًا، في مشهد نادر يجمع بين الصحراء القاسية والواحة الخضراء. هذا الموقع الجغرافي الاستثنائي منح «أم الذيابة» شخصية بيئية مختلفة، إذ تبدو كجزيرة خضراء وسط بحر رملي ممتد.
وتبعد الروضة نحو 34 كيلومترًا عن مدينة الأرطاوية، ويمكن الوصول إليها عبر طريق الأرطاوية – الكويت، ثم الانعطاف جنوبًا عبر طريق صحراوي ممهد يمتد قرابة 4 كيلومترات، ما يجعلها قريبة نسبيًا وسهلة الوصول مقارنة بروض صحراوية أخرى.

واديان يصنعان الحياة
ما يميز روضة «أم الذيابة» ليس موقعها فقط، بل مصادر تغذيتها المائية الطبيعية، إذ تعتمد على واديين رئيسيين هما وادي الحثاقي ووادي السحمي، اللذان ينحدران من الجبال الغربية لمدينة الأرطاوية. وخلال مواسم الأمطار، تتجمع مياه السيول في الروضة، لتتحول الأرض الجافة إلى بساط أخضر ينبض بالحياة.
هذا التدفق الطبيعي للمياه يمنح الروضة دورة حياة موسمية منتظمة، حيث تنشط النباتات البرية، وتزدهر الأشجار، وتتحول المنطقة إلى نظام بيئي مصغر يعكس توازنًا نادرًا بين الصحراء والماء.
غطاء نباتي كثيف وتنوع بيئي لافت
تتميز «أم الذيابة» بغطاء نباتي كثيف مقارنة بالمناطق المحيطة، إذ تنتشر أشجار الطلح والسدر بكثافة ملحوظة، لدرجة أن الداخل إلى بعض أجزائها قد لا يرى ما حوله بسبب تلاحم الأغصان وتشابكها. هذا الغطاء يوفر بيئة مثالية للحياة الفطرية، ويخلق ظلًا طبيعيًا يجذب الزوار للاستراحة والتأمل.
إلى جانب الطلح والسدر، تنمو نباتات صحراوية متنوعة مثل الرمث والحرمل والعشر، ما يعكس تنوعًا نباتيًا غنيًا يعزز من القيمة البيئية للروضة، ويجعلها نموذجًا حيًا للتكيف الطبيعي في البيئات الجافة.

عدسة السماء توثق الجمال
ساهم التوثيق الجوي في إبراز جمال «أم الذيابة» على نطاق واسع، حيث التقط المصور عبدالله البرغش مشاهد مذهلة للروضة من السماء باستخدام الطائرات المسيّرة، أظهرت التباين البصري الأخّاذ بين اللون الأخضر للنباتات واللون الذهبي للكثبان الرملية.
هذه الصور الجوية لم تكتفِ بإبراز جمال المكان، بل أسهمت في إعادة تعريفه لدى الجمهور، وحولته من موقع محلي محدود المعرفة إلى وجهة طبيعية يتداولها محبو الطبيعة على منصات التواصل الاجتماعي.
وجهة لعشاق الطبيعة والهدوء
تمثل روضة «أم الذيابة» ملاذًا مثاليًا للهروب من صخب المدن، حيث يجد الزائر نفسه محاطًا بالصمت الطبيعي، لا يقطعه سوى حركة الرياح بين الأشجار أو أصوات الطيور. هذا الهدوء، إلى جانب المشهد البصري الفريد، جعل الروضة محطة مفضلة لمحبي التخييم النهاري، والتنزه العائلي، والتصوير الفوتوغرافي.
كما باتت الروضة مقصدًا لهواة الرحلات البرية الذين يبحثون عن مواقع تجمع بين الجمال الطبيعي وسهولة الوصول، دون الحاجة إلى تجهيزات معقدة أو مسافات طويلة.

القيمة البيئية والحاجة للحفاظ
رغم جمالها وفرادتها، تبقى روضة «أم الذيابة» بيئة حساسة تتطلب وعيًا مجتمعيًا للحفاظ عليها. فالتوسع في الزيارات، إن لم يُرافقه التزام بالسلوك البيئي المسؤول، قد يهدد الغطاء النباتي ويؤثر على التوازن الطبيعي للموقع.
ويؤكد مختصون في البيئة أن الحفاظ على مثل هذه المواقع يتطلب التزام الزوار بعدم العبث بالنباتات، وعدم ترك المخلفات، واحترام الطبيعة بوصفها موردًا وطنيًا وثقافيًا لا يقل أهمية عن المواقع التراثية.
روضة تعكس ثراء الطبيعة السعودية
تعكس «أم الذيابة» جانبًا مهمًا من ثراء وتنوع الطبيعة في المملكة، التي لا تقتصر على الصحارى الجافة أو الجبال الشاهقة، بل تضم واحات وروضًا موسمية تشكل منظومات بيئية متكاملة. هذا التنوع الطبيعي ينسجم مع توجهات المملكة في تعزيز السياحة البيئية، وإبراز المواقع الطبيعية غير التقليدية ضمن خارطة الجذب السياحي.
ومع تزايد الاهتمام بالتصوير البيئي والرحلات الداخلية، يُتوقع أن تحظى الروضة بمكانة أكبر خلال السنوات المقبلة، شريطة الحفاظ على طابعها الطبيعي دون تدخلات تخل بتوازنها.
أين تقع روضة أم الذيابة؟
تقع روضة «أم الذيابة» شمال شرق الأرطاوية بمحافظة المجمعة، على أطراف نفود الدهناء، وتبعد نحو 34 كيلومترًا عن مدينة الأرطاوية.
ما أفضل وقت لزيارة الروضة؟
يُعد أفضل وقت لزيارة الروضة خلال موسم الأمطار وبعده مباشرة، حيث تكون الخضرة في أوجها، وتتجمع المياه في أرجاء الموقع.
كيف يمكن الوصول إلى روضة أم الذيابة؟
يمكن الوصول إليها عبر طريق الأرطاوية – الكويت، ثم الانعطاف جنوبًا قبل محطة «ساسكو» بنحو نصف كيلومتر، والسير في طريق صحراوي ممهد لمسافة تقارب 4 كيلومترات.
ما أبرز ما يميز الروضة عن غيرها؟
تتميز الروضة بتغذيتها من واديين طبيعيين، وغطائها النباتي الكثيف، وموقعها الفريد المحاط بكثبان نفود الدهناء، ما يمنحها طابعًا بصريًا نادرًا.
هل الروضة مناسبة للرحلات العائلية؟
نعم، الروضة مناسبة للرحلات العائلية والتنزه النهاري، مع ضرورة الالتزام بإجراءات السلامة والمحافظة على نظافة المكان.
هل هناك مرافق أو خدمات في الموقع؟
لا تتوفر مرافق خدمية داخل الروضة، لذا يُنصح الزوار بتجهيز احتياجاتهم مسبقًا، والحرص على عدم ترك أي مخلفات بعد الزيارة.
بهذا المشهد الطبيعي المتكامل، تواصل روضة «أم الذيابة» ترسيخ مكانتها كإحدى أجمل الروض الموسمية في قلب الدهناء، شاهدة على قدرة الطبيعة السعودية على إدهاش زوارها في كل موسم.
اقرأ أيضًا: مجلة جامعة الملك فيصل تتصدر عربيًا في «أرسيف 2025»