صحة

قصة تهزّ القلوب.. منال تهب طفلة حياة جديدة بعد تطابق نادر وفاجعة إنسانية

الترند العربي – متابعات

في واحدة من أعمق القصص الإنسانية التي شهدتها المملكة خلال عام 2025، تجسدت أسمى معاني الرحمة والبذل حين اختارت منال القحطاني، الموظفة الصحية وعضو تجمع الرياض الصحي الأول، أن تُنقذ طفلة لا تعرفها، وتمنحها جزءًا من كبدها، بعدما فقدت والدها الذي كانت تستعد للتبرع له في الأساس. هذه القصة التي اختلطت فيها مشاعر الفقد بالأمل، والحزن بالعطاء، تحولت إلى حديث المجتمع لما حملته من قيم إنسانية تجسّد جوهر التضامن والرحمة التي تُعرف بها المملكة وشعبها.

قصة تهزّ القلوب.. منال تهب طفلة حياة جديدة بعد تطابق نادر وفاجعة إنسانية
قصة تهزّ القلوب.. منال تهب طفلة حياة جديدة بعد تطابق نادر وفاجعة إنسانية

من فاجعة الفقد إلى بوابة الحياة

كانت بداية الحكاية مؤلمة. منال أنهت جميع فحوصاتها الطبية لإجراء عملية تبرع بالكبد لوالدها المريض، مستعدة نفسيًا وجسديًا لخوض واحدة من أصعب التجارب الجراحية. غير أن رحيل والدها قبل موعد العملية بوقت وجيز تركها أمام لحظة إنسانية مركّبة: فقد كبير، واستعداد داخلي للعطاء لم يجد طريقه بعد.
لكن القدر كان يحمل فصلًا آخر للقصة، فصلًا يوازن بين الحزن والرحمة، ويمنح منال فرصة ليكون عطاؤها سببًا في نجاة روح أخرى.

قصة تهزّ القلوب.. منال تهب طفلة حياة جديدة بعد تطابق نادر وفاجعة إنسانية
قصة تهزّ القلوب.. منال تهب طفلة حياة جديدة بعد تطابق نادر وفاجعة إنسانية

اتصال يغيّر المصير

بعد أيام من الفاجعة، تلقّت منال اتصالًا من مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، يُبلغها بأن طفلة في الثامنة من عمرها قد وصلت عبر الإخلاء الطبي من مكة المكرمة في حالة صحية حرجة بسبب فشل كبدي حاد.
كانت الطفلة تحتاج إلى متبرع بشكل عاجل لإنقاذ حياتها، ومع ضيق الوقت وقلة الخيارات، كان البحث عن متبرع مناسب سباقًا حقيقيًا مع الموت.
هنا، بدأت رحلة جديدة لم تكن منال تتوقعها، لكنها تعاملت معها بعطف ومسؤولية قلّما يجتمعان لدى شخص خرج للتو من صدمة فقد أحد والديه.

قصة تهزّ القلوب.. منال تهب طفلة حياة جديدة بعد تطابق نادر وفاجعة إنسانية
قصة تهزّ القلوب.. منال تهب طفلة حياة جديدة بعد تطابق نادر وفاجعة إنسانية

تطابق نادر يفتح باب الأمل

أجريت لمنال الفحوص الطبية للتحقق من مدى توافقها مع حالة الطفلة، وجاءت المفاجأة: تطابق كامل في فصيلة الدم والأنسجة، وهي حالة نادرة جدًا لا تحدث إلا بنسبة ضئيلة بين غير الأقارب.
هذا التطابق لم يكن مجرد صدفة طبية، بل بدا وكأنه رسالة خفية تحمل معنى عظيمًا؛ جزء من كبد منال الذي كانت ستمنحه لوالدها، أصبح الآن قادرًا على منح هذه الطفلة فرصة جديدة للحياة.

قصة تهزّ القلوب.. منال تهب طفلة حياة جديدة بعد تطابق نادر وفاجعة إنسانية
قصة تهزّ القلوب.. منال تهب طفلة حياة جديدة بعد تطابق نادر وفاجعة إنسانية

قرار شجاع لا يحتاج إلى تفكير

لم تتردد منال لحظة واحدة في الموافقة. رغم أنها ما زالت في فترة حداد، فإن إنقاذ حياة طفلة كانت على وشك الموت بدا بالنسبة لها خيارًا واحدًا وواضحًا.
الفريق الطبي وصف قرارها بأنه من أكثر القرارات الإنسانية شجاعة ونبلًا، خصوصًا أنها كانت مستعدة نفسيًا لعملية التبرع لكنها فقدت المتلقي الأصلي قبل أيام فقط، ومع ذلك لم تغلق أبواب العطاء.

عملية دقيقة.. ونجاح يبعث الأمل

خضعت الطفلة ومنال لعملية زراعة الكبد خلال وقت قياسي نظرًا لحساسية الوضع الصحي للطفلة. استغرقت العملية ساعات طويلة عمل خلالها الفريق الطبي في حالة تركيز قصوى لضمان سلامة المتبرعة والمتلقية.
وبحسب تقرير المستشفى، جاءت العملية ناجحة بفضل نسبة التطابق العالية ومهارة الفريق الطبي المتخصص في زراعة الكبد للأطفال، وهي واحدة من أكثر العمليات تعقيدًا على مستوى الجراحة الحديثة.

بداية تعافٍ.. وارتباط إنساني استثنائي

بعد العملية، دخلت الطفلة مرحلة التعافي التدريجي. بدأت وظائف الكبد في التحسن، وعادت المؤشرات الحيوية إلى نطاقها الطبيعي بالتدريج، فيما غمرت السعادة والارتياح أسرتها التي كانت تعيش أصعب لحظات حياتها.
أما منال، فخرجت من المستشفى محاطة بالطمأنينة، تتابع حالة الطفلة يوميًا، وتعيش مشاعر لا توصف وهي ترى جزءًا من جسدها يُعاد إليه نبض الحياة داخل طفلة لم تربطها بها معرفة سابقة.

لماذا أثارت قصة منال هذا التأثير الكبير؟

السبب لا يتعلق بالطب فقط، بل بالإنسانية العميقة خلف القصة. فإقدام شخص على التبرع بجزء من كبده هو قرار صعب ومحفوف بالمخاطر، لكن أن يحدث هذا بعد وفاة متلقي التبرع الأصلي، ويحدث لصالح طفلة غريبة، فهذا يضع منال في مكانة رمزية تعكس أجمل ما في الإنسان من تضحية ومروءة.

القصة تجسّد:
– الوفاء للوالد رغم الرحيل
– القدرة على تحويل الحزن إلى حياة
– الرسالة العميقة بأن العطاء لا يفنى
– أهمية المتبرعين الأحياء في إنقاذ الأرواح
– الدور المتنامي للقطاع الصحي السعودي في زراعة الأعضاء

زراعة الأعضاء في المملكة.. منظومة تتقدم بقوة

تقود المملكة واحدة من أكثر منظومات زراعة الأعضاء تطورًا في المنطقة، إذ تعمل على:
– تسهيل إجراءات التبرع
– دعم المتبرعين الأحياء
– تطوير برامج التوعية
– توفير أعلى معايير الجراحة والرعاية المركزة
وقد سجلت السعودية خلال السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في عمليات زراعة الكبد والكلى والرئة، بفضل الاستثمار في المراكز التخصصية وأحدث التقنيات الجراحية، إلى جانب التوسع في برامج نقل الأعضاء من المتبرعين الأحياء.

أثر إنساني يمتد إلى المجتمع

قصة منال لم تتوقف عند حدود المستشفى، بل امتدت لتصبح مصدر إلهام للآلاف عبر وسائل التواصل الاجتماعي. تناقلها المستخدمون بوصفها نموذجًا نادرًا للعطاء، ورمزًا للإنسانية التي لا تعرف حدودًا.
كما حفّزت القصة كثيرين على التفكير في تسجيل رغبتهم بالتبرع بالأعضاء، سواء بعد الوفاة أو أثناء الحياة وفق شروط طبية دقيقة.

العائلة.. بين الصدمة والامتنان

أسرة الطفلة عبّرت عن تقديرهم العميق لمنال، واصفينها بـ”الوجه الذي أعاد الحياة إلى حياة ابنتهم”. وقالت والدة الطفلة في تصريح مقتضب: “لم نكن نعرف ماذا ينتظر ابنتنا، لكن الله أرسل لنا منال في اللحظة الحاسمة. لا كلمات تصف امتناننا.”
أما أسرة منال، فرغم حزنهم لرحيل والدها، فإنهم يرون فيما قامت به عملًا يمجّد ذكراه، ويجسد القيم التي تربّت عليها.

قصة تُدرّس في الإنسانية

الخبراء في المجال الصحي والاجتماعي أكدوا أن قصة منال تصلح لأن تكون نموذجًا للدراسات المعنية بالأخلاق الطبية، ودليلًا على أهمية الجانب الإنساني في قطاع الصحة، الذي لا تكتمل رسالته دون الرحمة والشجاعة والقدرة على اتخاذ قرارات مؤثرة.

الرسالة الأخيرة.. العطاء لا يعرف حدودًا

قصة منال تبعث رسالة خالدة:
أن الحياة قد تأخذ منا الكثير، لكنها تمنحنا دائمًا فرصة لنمنح غيرنا الأمل.
منال لم تُنقذ طفلة فقط، بل أنقذت عائلة من الحزن، ورسّخت في المجتمع معنى التبرع والإنسانية بأعلى صورها.

هل التبرع بجزء من الكبد آمن للمتبرعين؟
نعم، الكبد عضو قادر على التجدد، وتُعد عمليات التبرع آمنة عند اتباع المعايير الطبية الدقيقة وتحت إشراف فرق متخصصة.

هل تحتاج الطفلة لعمليات إضافية مستقبلًا؟
عادةً لا، لكن الأطفال يحتاجون متابعة طويلة لضمان استقرار وظائف الكبد وحمايتهم من أي التهابات مستقبلية.

هل يمكن لأي شخص التبرع؟
لا، يجب أن يخضع المتبرع لفحوص شاملة للتأكد من سلامته الطبية وتوافقه مع المتلقي.

ما دور المستشفيات السعودية في مثل هذه العمليات؟
تلعب المستشفيات التخصصية دورًا قياديًا في عمليات زراعة الأعضاء، بفضل الكفاءات الطبية والتقنيات الحديثة المتوفرة فيها.

اقرأ أيضًا: فيلم سعودي يحصد الذهب العربي.. “الداخلية” تتصدر بعمل توعوي هزّ قاعات المؤتمر العربي للشرطة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى