ماذا تعرف عن جرائم الشركات في المملكة العربية السعودية؟
د. مساعد سعود الرشيدي
لا شكَّ أنَّ التطوّر الاقتصادي الذي يشهده العالم قد صاحبه ازدياد الحاجة إلى قيام المشروعات الكبيرة التي يتطلّبها النشاط الاقتصادي؛ الأمر الذي انتشرت معه الشركاتُ التجارية التي تُعَدّ من أكثر الكيانات والمؤسسات التي تعتمد عليها جميع الدول لتنشيط عجلة الاقتصاد والنهوض به، وأصبحت الشركاتُ التجارية تؤدّي دورًا كبيرًا ومؤثّرًا في الحياة الاقتصادية (1). ولهذا نرى العديد من الدول العربية تهتمّ بوضع القوانين والأنظمة التشريعية الخاصة بالشركات، وبالفعل حرصت المملكة على وضع نظام الشركات الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم (م/132) بتاريخ 1/12/1443هـ.
وقد أدّى ازدياد عدد الشركات وتشابك المصالح المالية إلى خروج بعض هذه الشركات عن الأحكام الجزائية، وحيث لم تجدِ التعويضاتُ على المتسبّب في الخروج عن الأحكام الجزائية والنظامية، وكان لهذا الخروج أثرٌ عظيمٌ على الاقتصاد، الأمر الذي حدا بالمنظّم السعودي إلى النصّ على عقوباتٍ صارمةٍ تتناسب وطبيعة الجريمة في الباب الثالث عشر من نظام الشركات آنف الذكر. ومن ثَمَّ فإنَّ بيان جرائم الشركات في المملكة العربية السعودية يقتضي بدايةً التساؤل عن المقصود بجرائم الشركات، ثمَّ التساؤل عن أنواع الجرائم والمخالفات.
أولاً: المقصود بجرائم الشركات
لم يُعَرِّف المنظِّمُ جرائمَ الشركات في نظام الشركات، ومن ثمَّ فإنَّ أيَّ تعريفٍ لجرائمِ الشركات سيتَّسع ليشمل الجرائمَ التي تمسّ مختلفَ الأنشطة والمجالات، وعلى ذلك سنجدها موزَّعةً بين قانون العقوبات وبعض الأنظمة الخاصة. وما يهمُّنا في هذه الدراسة هو الجرائمُ التي نصَّ عليها نظامُ الشركات بصفةٍ خاصةٍ؛ ولهذا يمكن تعريفُ جرائمِ الشركات بأنّها كلُّ فعلٍ أو امتناعٍ غيرِ مشروعٍ صادرٍ من أيِّ شخصٍ طبيعيٍّ بصفته ممثِّلًا قانونيًّا للشركة، أو أحدِ موظّفيها، أو أحدِ المتعاملين معها، أو ممّن عيَّنتهم أو كلَّفتهم، أو مسيِّري الشركة، يكون من شأنه مخالفةُ نظامِ الشركات ولائحته التنفيذية التي تحكم الشركةَ في كافة مراحلها، ويترتّب عليه الإضرارُ بالشركةِ والاقتصادِ الوطنيّ.
ثانيًا: أنواع الجرائم والمخالفات التي ترتكبها الشركة
تنقسمُ الجرائمُ والمخالفاتُ إلى جرائمَ جسيمةٍ، وجرائمَ أقلَّ جسامةً، ومخالفاتٍ، وسوف نتناول هذه الجرائمَ والعقوباتِ التي رصدها المنظِّمُ بشأنها تباعًا فيما يلي:
- الجرائم الجسيمة
- جريمة تقديم بيانات ومعلومات كاذبة أو مضللة عن الشركة
اعتبر المنظِّم كلَّ مديرٍ أو مسؤولٍ أو عضوِ مجلسِ إدارةٍ أو مراجعِ حساباتٍ أو مصفٍّ، يُسجِّلُ متعمدًا بياناتٍ أو معلوماتٍ كاذبةً أو مُضلِّلةً في القوائمِ الماليةِ للشركةِ أو فيما يُعدُّه من تقاريرَ أو في البياناتِ الخاصةِ بتخفيضِ رأسِ مالِ الشركةِ أو كفايةِ أصولِها لسدادِ ديونِها عندَ التصفيةِ، وغيرها من التقاريرِ والبياناتِ التي تُعرَضُ على الشركاءِ أو الجمعيةِ العامةِ أو المساهمينَ وفقًا لأحكامِ النظامِ، أو يُغفِلُ متعمدًا ذكرَ واقعةٍ جوهريةٍ في أيٍّ مما سبق بقصدِ إظهارِ المركزِ الماليِّ للشركةِ بشكلٍ مخالفٍ للحقيقةِ؛ جريمةً جسيمةً عقوبتُها السجنُ مدةً لا تزيدُ على ثلاثِ سنواتٍ، وبغرامةٍ لا تزيدُ على “5,000,000” ريالٍ سعوديٍّ أو بإحدى هاتين العقوبتين. (2)
- جريمة استعمال أموال الشركة أو السلطة الممنوحة للمسؤول عن الشركة ضد مصالحها لتحقيق أغراض شخصية ومصالح مباشرة أو غير مباشرة
اعتبر المنظم كل مدير أو مسؤول أو عضو مجلس إدارة، يستعمل أموال الشركة أو السلطات التي يتمتع بها أو الأصوات التي يحوزها بتلك الصفة، استعمالًا يعلم أنه ضد مصالح الشركة؛ لتحقيق أغراض شخصية، أو لمحاباة شركة أو شخص، أو الانتفاع من مشروع أو صفقة له فيها مصلحة مباشرة أو غير مباشرة؛ جريمة جسيمة يعاقب فاعلها بالسجن مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة لا تزيد على 5000000 ريال سعودي أو بإحدى هاتين العقوبتين. (3)
- جريمة قيام المصفي باستعمال أموال الشركة وأصولها وحقوقها لدى الغير ضد مصالح الشركة لتحقيق أغراض شخصية ومصالح مباشرة وغير مباشرة
جعل المنظِّم كلَّ مُصفٍّ يستعمل أموالَ الشركةِ أو أصولَها أو حقوقَها لدى الغيرِ استعمالًا يعلم أنَّه ضدُّ مصالحِ الشركةِ، أو يُسبِّب عمدًا الضررَ للشركاءِ أو المساهمينَ أو الدائنينَ؛ لتحقيقِ أغراضٍ شخصيةٍ، أو لتفضيلِ شركةٍ أو شخصٍ، أو الانتفاعِ من مشروعٍ أو صفقةٍ له فيها مصلحةٌ مباشرةٌ أو غيرُ مباشرةٍ، أو تفضيلِ دائنٍ على آخرَ في استيفاءِ حقِّه دونَ سببٍ مشروعٍ؛ جريمةً جسيمةً يُعاقَبُ فاعلُها بالسجنِ مدةً لا تزيدُ على ثلاثِ سنواتٍ، وبغرامةٍ لا تزيدُ على “5,000,000” ريالٍ سعوديٍّ، أو بإحدى هاتين العقوبتين.(4)
- الجرائم الأقل جسامة
أوضحت المادة (261) من نظام الشركات هذا النوع من الجرائم والعقوبة التي رصدها المنظم؛ حيث نصت على أنه: “دون إخلال بأي عقوبة ينص عليها نظام آخر، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على (سنة)، وبغرامة لا تزيد على (1000000) مليون ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين“:
- كل مراجع حسابات؛ لم يبلغْ الشركة عن طريق الأجهزة أو الأشخاص المسؤولين عن إدارتها، عن المخالفات التي يكتشفها أثناء عمله، والتي يبدو له أنّها مخالفات جنائية.
- كل من حَصل على منافع أو على ضمان، أو وُعد بها، مقابل التصويت في اتجاه معين أو عدم المشاركة في التصويت؛ من أجل الإضرار بمصالح الشركة، وكذلك كل من مَنح أو ضمن أو وَعد بتلك المنافع.
- كل من أعلن أو نشر أو صرّح بأيّ وسيلة، قاصدًا الإيهام بحصول قيد شركة لم تستكمل إجراءات قيدها لدى السجل التجاري.
- كل موظف عام أفشى لغير الجهات المختصة أسرار الشركة التي اطلع عليها بحكم وظيفته.
- كل من عمل، من أجل استيفاء أقيام الحصص وجلب اكتتابات، على نشر أسماء لأشخاص خلافًا للحقيقة واعتبارهم مرتبطين بالشركة، أو أنهم سيرتبطون بها بأي شكل من الأشكال.
- كل من قرر توزيع أرباح أو عوائد أو وزعها أو قبضها، بسوء نية؛ بما يخالف أحكام النظام أو عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساس، وكل مراجع حسابات علم بتلك المخالفة ولم يبلغ عنها في تقريره.
- كل من بالغ أو قدم إقرارات أو بيانات كاذبة من الشركاء أو المساهمين أو من غيرهم، فيما يخص تقييم الحصص العينية أو توزيع الحصص بين الشركاء أو الأسهم بين المساهمين، أو الوفاء بكامل قيمتها مع علمه بذلك، سواء كان ذلك عند تأسيس الشركة، أو عند زيادة رأس المال، أو عند تعديل توزيع الحصص بين الشركاء أو الأسهم بين المساهمين.
- كل مدير أو مسؤول أو عضو مجلس إدارة أو مراجع حسابات، لم يدَعُ الجمعية العامة للشركاء أو المساهمين – أو لم يتخذ ما يلزم لذلك بحسب الأحوال – عند علمه ببلوغ الخسائر الحدود المقدرة وفقًا لأحكام المادتين (الثانية والثلاثين بعد المائة) و(الثانية والثمانين بعد المائة) من النظام.
- كل مدير أو مسؤول أو عضو مجلس إدارة أو مراجع حسابات أو مصفّ، استغل أو أفشى سرًّا من أسرار الشركة بقصد الإضرار بها.
- كل من أعاق عمدًا عمل الذين لهم الحق – بحكم النظام – في الاطلاع على أوراق الشركة ومستنداتها وحساباتها وسجلاتها ووثائقها، أو تسبب في ذلك، أو امتنع عن تمكينهم من أداء عملهم.
- كل شخص معين من أجل التفتيش على الشركة يثبت عمدًا فيما يعده من تقارير وقائع كاذبة، أو يغْفْل عمدًا ذِكْر وقائع جوهرية من شأنها أن تؤثر في نتيجة التفتيش.
- المخالفات
أوضح المنظم في المادة (262) من نظام الشركات؛ المخالفات التي يعاقب عليها بالغرامة التي لا تزيد خمسمائة ألف ريال بأنها:
- كل من تسبب في تعطيل دعوة الجمعية العامة للشركاء أو المساهمين أو انعقادها، وكل من منع شريكًا أو مساهمًا من المشاركة في إحدى جمعيات المساهمين أو الشركاء، أو منعه من التمتع بحقوق التصويت المرتبطة بحصصه أو أسهمه في الشركة خلافًا لأحكام النظام.
- كل من لم يؤدِّ واجبه في دعوة الجمعية العامة للشركاء أو المساهمين إلى الانعقاد خلال المدة المقررة لانعقادها وفقًا لأحكام النظام.
- كل من قبِل تعيِينه عضوًا في مجلس إدارة شركة مساهمة، أو ظل متمتعًا بالعضوية فيه خلافًا للأحكام المقررة في النظام، وكل عضو مجلس إدارة شركة تقع فيها هذه المخالفات وكان عالِمـًا بها ولم يعترض عليها وفقًا لأحكام النظام.
- كل عضو في مجلس إدارة شركة مساهمة حصل من الشركة على ضمان أو قرض خلافًا لأحكام النظام، وكل عضو مجلس إدارة شركة تقع فيها هذه المخالفة وكان عالِمـًا بها ولم يعترض عليها وفقًا لأحكام النظام.
- كل من أخلّ بأداء واجبه في الاحتفاظ بالسجلات المحاسبية للشركة والمستندات المؤيدة لها لتوضيح أعمالها وعقودها، أو في إعداد القوائم المالية وفق المعايير المحاسبية المعتمدة في المملكة أو إيداعها وفقًا لأحكام النظام.
- كل من أهمل في أداء واجبه في تزويد الجهة المختصة بالوثائق المنصوص عليها في النظام.
- كل من أهمل في أداء واجبه في وضع الوثائق اللّازمة في متناول الشريك أو المساهم وَفْقًا لأحكام النظام.
- كل من أهمل في أداءِ واجبِه في إعداد محاضر الاجتماعات وتدوينها وفقًا لأحكام النظام.
- كل من أهمل في أداء واجبه في إدراج أي من البيانات الواردة في المادة (الثانية عشرة) من النظام.
- كل من قبِل القيام بأعمال مراجع الحسابات أو استمر في مزاولتها؛ مع علمه بوجود الأسباب التي تمنع قيامه بتلك الأعمال وفقًا لأحكام النظام.
- كل من أهمل في أداء واجبه في شأن القيام بقيد الشركة لدى السجل التجاري وفقًا لأحكام النظام، وكل من تخلف عن قيد تعديل عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساس لدى السجل التجاري وفقًا لأحكام النظام.
- كل من أثبت عمدًا في عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساس أو غير ذلك من وثائق الشركة أو طلب تأسيسها أو الوثائق والمستندات المرافقة لهذا الطلب؛ بيانات غير حقيقية أو مخالفة لأحكام النظام، وكل من وقّع تلك الوثائق أو قيّدها لدى السجل التجاري مع علمه بذلك.
- كل مدير أو عضو مجلس إدارة في شركة مهنية خالف الضوابط المنظمة لنشاط الشركات المِهنية، أو الشروط والضوابط والقواعد العامة المشار إليها في المادة (المائتين) من النظام.
- كل من خالف حكم الفقرة (2) من المادة (الثانية بعد المائتين) من النظام، وكل مدير أو عضو مجلس إدارة شركة مهنية خالف حكم المادة (الرابعة بعد المائتين) من النظام.
- كل مدير أو عضو مجلس إدارة أو مالك وحيد في شركة مهنية في حال ممارستها مهنة حرة دون أن يكون من بين شركائها أو مساهميها مرخص له في ممارستها.
- كل مصفّ لم يؤدّ واجبه في قيد قرار تعيينه، أو قيد وشهر انتهاء التصفية لدى السجل التجاري وفقًا لأحكام النظام.
- كل من أهمل في اتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة لمعالجة المخالفة المرتكبة بعد إبلاغه بها وفقًا لأحكام النظام.
- كل مراجع حسابات لم يقم بواجباته المنصوص عليها في النظام.
- كل شركة أو مسؤول فيها لم يراعِ تطبيق أحكام النظام واللوائح، أو لم يمتثل للضوابط أو القرارات التي تصدرها الجهة المختصة، وذلك دون إبداء سبب معقول لذلك.
المصدر: مساعد سعود الرشيدي
اقرأ أيضًا: تعرف على أنواع التصادم البحري في النظام البحري التجاري السعودي



