كُتاب الترند العربي

إذا لم تكن ضوءًا.. لا تكن ريحًا تُطفئ الشموع

إذا لم تكن ضوءًا.. لا تكن ريحًا تُطفئ الشموع

محمود عبدالراضي 

في عالم يمضي بسرعة، وتتصادم فيه القلوب قبل الأكتاف، تظل بعض القواعد الأخلاقية علامات طريق لا يجب أن تغيب، فلا تبدأ شيئًا لا تنوي إكماله، ولا تمنح وعدًا لا تنوي الوفاء به.

الأمانة ليست مجرد كلمة تُقال، بل ميزانٌ تُوزن به النفوس، فإن لم تكن أهلًا لها، فلا تقترب منها، وإن لم تكن نيتك خيرًا، فالبداية في حد ذاتها خطأ، فالمواقف تشهد، والقلوب تحفظ، والنيّات وحدها من تُدين أو تُبرئ.

إن دخلت علاقة أيًا كان نوعها دون يقين، أو بلا استعداد لتحمّل تبعاتها، فانسحب بصمت أنيق، فالتردّد في مشوار مشترك قد لا يؤذيك وحدك، بل قد يترك خلفك قلبًا مكسورًا، أو روحًا مُحبطة، أو مستقبلًا مُعلّقًا.

وإن لم ترَ نفسك في ما تفعل، فدَعك منه، فما خُلقنا لنكون نسخًا باهتة من أحلام لا تخصّنا، ولا مراكب عابرة في بحور لا نُجيد الإبحار فيها.

وعند الحديث عن الآخرين، فلتكن كلمتك مرآة لقيمك، إما أن تتحدث بأدب، أو تلوذ بالصمت، فلا أحد يعلو بذمّ غيره، ولا تُبنى القامة من تقليل القامات.

وإن لم تفقه المسألة، فدع عنك المعارضة لمجرد المعارضة، فالصوت العالي لا يعني بالضرورة فكرًا عميقًا، وكثرة الكلام ليست دليلًا على الصواب.

وإذا ما اشتدّت بك الضغوط وأثقلت قلبك الأيام، لا تُلقِ بثقلها على غيرك، إن لم تستطع أن تُشجّع، فلا تُحبِط، وإن لم تملك ضوءًا تُنيره للناس، فلا تطفئ شموعهم.

أما العلاقات، فليست مساحة للتجربة العابرة، إن لم يكن فيك من الثقة والإحسان ما يكفي لبنائها، فكن أنانيًا مرّة، واعتذر من البدء، خير من أن تُصبح سببًا في انهيار شيء جميل لم تُقدّره كما يليق، فالنجاح الحقيقي ليس في عدد المتابعين، ولا حجم الإنجازات، بل في أثرك الطيّب، في ذكرك الجميل، في يدٍ دافئة تذكرك بخير وأنت غائب، في قلب يقول عنك: “كان نقيًا، وإن مضى”، فاحرص أن تخرج من الدنيا، وقد تركت خلفك ذكرى لا تُنسى، لا جرحًا لا يلتئم، أن تُغادر بصمت، لكن تبقى حكايتك تُروى لا تُنسى.

المصدر: اليوم السابع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى