عمر غازيكُتاب الترند العربي

حين لا تكون أسيرًا لجمالها

عمر غازي

في إحدى المقابلات الصحفية، سُئل رجل أعمال ناجح عن سر صلابته في اتخاذ القرارات وعدم تأثره بالمجاملات العاطفية، فأجاب ببساطة: “لأنني لا أُساوِم على قناعاتي”، لم يكن يقصد المال فقط، بل حتى في تفاعلاته اليومية، كان يدرك أن الرجل الذي يفقد تركيزه أمام الجمال الأنثوي هو رجل قابل للتلاعب، وهذا ليس ضعفًا في حد ذاته، بل نقطة خلل يعرف بعض النساء كيف يستغللنها بمهارة، لكن المفارقة أن المرأة، على الرغم من قدرتها على استخدام الجاذبية كأداة تأثير، تزداد إعجابًا بالرجل الذي لا يُصبح أسيرًا لهذه الأداة، بل يظل ثابتًا على موقفه.

النساء يختبرن الرجال دون أن يدركوا ذلك، فهن يراقبن كيف يتصرف الرجل حين يكون محاطًا بجمال ظاهر، هل يتغير قراره؟ هل يصبح أكثر ترددًا؟ هل يُقدم تنازلات؟ وفقًا لدراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا عام 2019، فإن 68% من النساء يعترفن بأنهن يشعرن بإعجاب أكبر تجاه الرجل الذي لا يتأثر بجمالهن عند اتخاذ القرارات الحاسمة، بينما أظهرت الدراسة نفسها أن الرجال الذين يتأثرون سريعًا بالمظهر الخارجي يُنظر إليهم على أنهم أقل حزمًا، وأقل قدرة على القيادة.

هذه الظاهرة ليست سطحية كما تبدو، بل تمتد إلى أبعاد نفسية واجتماعية عميقة، فالرجل الذي يتحكم في مشاعره أمام الجمال هو رجل يرسل إشارة ضمنية بأنه يملك رؤية واضحة لما يريده، ولا يمكن إغراؤه أو التأثير عليه بسهولة، وهذا ما يفسر لماذا ترى بعض النساء في الرجل “الصعب المراس” شخصية أكثر جاذبية، ليس لأنه يعاملها بجفاء، بل لأنه لا ينجرف وراء الانطباعات السطحية، بل يُدرك أن العلاقات، سواء المهنية أو العاطفية، تحتاج إلى ما هو أعمق من مجرد مظهر خادع.

في دراسة أجرتها جامعة برينستون عام 2017 حول تأثير الجاذبية الجسدية على قرارات الرجال في بيئات العمل والعلاقات الاجتماعية، أظهرت النتائج أن 74% من الرجال يميلون إلى تغيير آرائهم أو تليين مواقفهم عندما يكون الطرف الآخر امرأة جذابة، بينما 26% فقط بقوا على مواقفهم دون تأثر، لكن المفارقة الأهم كانت في ردود فعل النساء، حيث أظهرت الدراسة ذاتها أن 82% من النساء يجدن الرجال الذين لا يتأثرون بجمالهن أكثر جاذبية وثقة، وكأن اختبارهن الحقيقي للرجل لا يكمن في مقدار إعجابه بهن، بل في مدى قدرته على ضبط انفعالاته أمام هذا الإعجاب.

التأثير لا يقتصر على العلاقات الشخصية فقط، بل يمتد إلى المجال المهني أيضًا، حيث أظهرت دراسة نشرتها جامعة هارفارد عام 2021 أن 63% من المديرين الذكور يعترفون بأنهم تأثروا بمظهر الموظفات عند اتخاذ قرارات الترقية أو التقييم الوظيفي، بينما الشركات التي تعتمد معايير تقييم صارمة بعيدًا عن الانحياز البصري أظهرت نتائج أداء أكثر استقرارًا، ورضا وظيفي أعلى بنسبة 28%، وهو ما يشير إلى أن القدرة على تجاهل التأثيرات الخارجية واتخاذ القرار بناءً على الحقائق الفعلية، ليست مجرد مهارة شخصية، بل شرط أساسي للنجاح المؤسسي.

على الجانب الاجتماعي، أظهرت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد عام 2022 أن الرجال الذين يُظهرون مقاومة واضحة أمام الإغراءات الجمالية يُنظر إليهم على أنهم أكثر موثوقية في العلاقات طويلة الأمد، بينما 71% من النساء اللواتي شاركن في الدراسة قلن إنهن يفقدن الاهتمام سريعًا بالرجال الذين يسهل التأثير عليهم بالجمال وحده، مما يشير إلى أن الصلابة العاطفية لدى الرجل ليست مجرد ميزة، بل عامل حاسم في الحفاظ على التوازن في العلاقات.

المرأة، رغم استخدامها الفطري لقوة الجاذبية، تحترم الرجل الذي لا يجعل هذه القوة تتحكم به، فكلما زادت ثقتها بأنها لا تستطيع التأثير على قراراته لمجرد شكلها أو أسلوبها، زاد احترامها له، وفي المقابل، حين تشعر أن كل ما تحتاجه لتغيير رأيه هو ابتسامة أو لمسة، فإنها تفقد اهتمامها تدريجيًا، فهل يعني هذا أن الجمال بلا قيمة؟ بالطبع لا، لكنه يصبح مجرد عامل ثانوي حين يكون الرجل ناضجًا بما يكفي ليُدرك أن القرارات الحقيقية لا تُبنى على الانبهار اللحظي، بل على معايير أقوى وأعمق، وهنا فقط، تصبح الكلمة الأخيرة لمن يفهم قواعد اللعبة ولا يقع ضحية لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى