الوأد المعاصر
بقلم: عمر غازي
قد يظن قطاع عريض من الناس أن أكبر مشكلة اجتماعية تواجه المرأة في مصر هي ظلم الأزواج لها وتسلطهم عليها.
ولكن الواقع المرير يقول أن الصورة النمطية الخاطئة المتراكمة حول مسؤولية الأسرة والآباء تحديدا تجاه البنت هي سبب كل المآسي التي تحيط بالمرأة، فتراهم يقومون بتربيتها وتعليمها وتنشئتها والصرف عليها لهدف واحد وهو الوصول لبيت الزوجية من أجل التخلص من مسؤوليتها للأبد.
وهذه الظاهرة أخطر وأعوص المشكلات الاجتماعية، بل باتت للأسف إرثا ثقافيا تتناقله الأجيال في المجتمع المصري بمختلف طبقاته، وأسميها #الوأد_المعاصر على غرار الوأد في الجاهلية، وهو دفن البنت حية حتى الموت.
وتأخذ هذه الظاهرة صورا عديدة تتجمع كلها في فكرة تأمين مستقبل المرأة مع زوجها باثقاله وإرهاقه بالشروط من مهر (وقايمة) ومؤخر وخلافه، وما ذاك إلا لأن أولياء المرأة يرونها عبئا عليهم ويريدون التخلص من مسؤوليتها للأبد،
ولا يوجد استعداد لديهم لتقبل فكرة كفالتها من جديد إن عادت إليهم مطلقة، فهم يشجعونها بشكل واع أو غير واع على لي ذراع الرجل والبقاء في ذمته غصبا عنه تحت ستار الحفاظ على الأسرة، وفي الواقع قد يبقيها مضطرا خوفا من التبعات المادية التي لا يستطيع تحملها، أما إذا ضحى الزوج بعرقه وشقاه فيمكنها أن تتطلق تحت غطاء تأمين مستقبلها والهدف واحد هو التنصل من مسؤوليتها، ولتنجح ثقافة الوأد هذه كان لزاما معاملة المطلقة بوحشية وعنصرية وتمييز ودونية حتى لا تحاول أي من النساء الخروج من عباءة الزواج مهما كانت مبرراتها وأسبابها لأن المصير الذي سينتظرها أسوأ من استمرار العلاقة القائمة، وأسأل المطلقات من حولك عن حجم القسوة والغربة التي عانينها في بيت والديهم بعد منحهم لقب مطلقة ستجد العجب العجاب.و
لذلك فإن المسكوت عنه لا بد وأن يخرج للعلن ويفكك على النحو التالي:
▪️الزواج في الإسلام كالطلاق كلاهما مباح، وحديث أبغض الحلال عند الله الطلاق لم يثبت صحته.
▪️الزواج ليس علاقة تجارية أو مجالا للتربح.
▪️الرجل كالمرأة يبذل عمره ووقته في علاقة الزواج وفوق ذلك ماله فلا أحد مدين للآخر.
▪️الأصل هو أن المرأة في الإسلام يتم إعالتها من والدها ثم إخوانها الذكور، أما حالة الزوج فهي طارئة ومؤقتة باستمرار العلاقة.
▪️ استنزاف أموال الرجل لا يصنع علاقة صحية أو متزنة “خير النساء أيسرهن مؤونة”، وإذا كانت العلاقة مع الرجل عمادها المال فحسب فما فرق ذلك عن العاهرات.
▪️ الانحراف الحالي في مصر لابد أن يعالج أولا باتباع الشريعة الإسلامية، وما عليه عمل معظم المسلمين منذ عصر النبوة وحتى الآن وهو دفع المهر مقدما كاملا للمرأة، ولها حرية التصرف فيه كيفما شاءت، وعدم تحملها أي تكاليف في زواجها، وبالتالي لا قايمة أو مؤخر.
وأخيرا: لابد من الاعتراف أن هناك انحراف في العقل الجمعي المصري تجاه هذه القضية، وحان الوقت لتصحيح المفاهيم المعوجة قبل تفاقم الأزمة وفوات الأوان.