فاطمة العدلانيكُتاب الترند العربي

كواليس بصمة أثر

فاطمة العدلاني

في واقع الأمر أننا ما كنا لنرى وجهة واحدة أبدًا بطبيعة الأمر، ليس فقط لأن لكل شخص معتقده ووجهته التي لا ينفك عنها ولا تجوز لغيره ولكن لأن أيضا كل منا بصمته الخاصه التي لا تتكرر وإذا خلق الله من كل شبيه أربعين، فالبصمة لم تتكرر ولن تتكرر لشخصين والبصمة بصمة عين ويد وبصمة أثر، قرأت أمس لأحد المعتقدات السائدة العصرية التي يروج لها شباب الجيل أنه لا يجب عليك ترك أثر ولا يجب عليك محو خطأ شائع ولا يجب عليك أن تترك ما لم ولن يتكرر! ولا يجب عليك السعي لترك عظيم بعد الرحيل وأنه يكفي العيش في سلام بعيدًا عن حرب السعي!

لم أكن لأشير لمثل هذة المقتطفات في عالم ما قبل انتشار القرية الصغيرة بضغطة زر واحدة يصبح الفكر في قارة بأسرها، رأيت آلاف الموافقين بنشر الفكر المسالم بعيدًا عن سعي التطوير والزهد في ترك الأثر فوددت لو وقفت بينهم وجهًا لوجه أقول ما أنا بصدد عرضه الآن!

كيف وافق الرأي هذا الموافقون!؟ لا أدري!
ما سبب زهد الأثر؟! هل الإنسان إلا نتاج أفكاره ومعتقداته! وكيف يكن لذوي الإرادة فكر ومعتقد دون نشره! وكيف لمن ينشر فكرًا ألا يدافع عنه بكل ما أوتي من قوة؟!

وكيف للمرء أن يأتي ويرحل دون أثر!
أما للمرء بصمة فكرية خاصة فريدة عن غيره؟! فكيف يحيا دون أن يعرض بصمته لتدل عليه وينفع بها ويؤدي واجبه تجاه الحياة أو ما قال الله عز وجل” هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا” صدق الله العظيم، فكيف نعمر في الأرض دون السعي لنشر فكر وعلم وأمل بإضافة أثر فريد!

تخيل لو اعتقد كل شخص أن عليه أن لا يضيف!؟
لو اعتقد كل منا أنه لا يستطيع أن يفعل، وأنه يكفي من العيش كفاف التعايش الأساسي وتلقي العلم فقط دون وضع جديد وإضافة للقادم، فلن يمر على الحياة اينشتاين مرة أخرى.

لو فكر كل البشر بنفس الطريقة وبنفس الكيفية وبنفس الشعور لبارت كل السلع ولشّحت كل الروائج ولتوقفت كل النظريات لنفس النتيجة ولعجز كل العاجزون عند نفس النقطة ولتوقفت البشرية عن التطور منذ العصور الوسطى.

لمَ زهد هؤلاء في ترك الأثر، وهل الإنسان إلا أثر!
أو ما يعلمون أن دروب الإنسان فريدة وما تراه عاديًا بديهيًا لن يصل إليه غيرك بنفس الكيفية؟! لم تحرم نفسك الأثر وتحرم الدنيا بصمتك؟!

اعتقادك وحده بأنك تستطيع يكفي، اعتقادك وحده بأنك لا تستطيع كارثة وجريمة في حق نفسك وحق الحياة. ففي الأولى أنت جئت الدنيا والثانية أنت جئت عليها فماذا تود أن تختار!؟
أضف، ابتكر، اترك أثر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى