الترند العربي – متابعات
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الجدل الكبير خلال الساعات الماضية، وتحديدًا منذ الأعلان عن وفاة الإعلامي وائل الإبراشي بعد معاناته مع فيروس كورونا.
وظهرت حالة من الشماتة من المخالفين للإعلامي وائل الإبراشي وخاصة المنتمين لجماعة الإخوان بسبب مواقفه المخالفة لسياستهم، وكأنهم سيخلدون في الأرض، أو أنهم يحملون راية الحق وما دونهم على باطل.
ويقول الكاتب عمر غازي أن قضية التعامل مع وفاة المخالفين في الرأي أو الخصوم سواء في السياسة أو الفكر من القضايا الشائكة ذات الحساسية المفرطة، حيث يتم الفصل من خلالها بين الإنسانية وانعدامها وبين العقل والعاطفة، وبين المبدأ واللا المبدأ بخيط رفيع.
وأوضح “غازي” أن الإرث التراثي الذي نحمله في ذاكرتنا الجمعية يُمثل عاملاً مساهمًا في هذا الالتباس وهو حديث (اذكروا محاسن موتاكم، وكفُّوا عن مساويهم)، على الرغم من أنه من الأحاديث الضعيفة من حيث السند إذ لا تثبت صحته وبالتالي لا يعتد به كمقولة ذات قدسية، وإن كان يحمل بعداً آخر أخلاقي من جهة، ومن جهة أخرى يكون مرد الاستشهاد بهذه المقولة والعمل بها مربوط بالجانب الشخصي للمتوفي.
وأكد الكاتب أنه ليس من المروءة الخوض في أعراض الأحياء فضلًا عن المتوفين، كما أن الشماتة في الميت أو التشفي في الوفاة ليست من أخلاق النبلاء إذ الموت كأس وكل الناس شاربه!
وأضاف: “لكن الإشكالية تزداد تعقيداً في حالة كان هذا المتوفى شخصية عامة، ذات فكر أو أيدولوجيا مغايرة، وكان التماهي في التعاطف معه، أو السكوت وقت موته، بمثابة صك غفران عن مساوئ فكره الذي لن تتوقف تبعاته بموته، أو ربما قد يستغل أتباعه حالة التعاطف لتمرير أجندة ما، فيلجأ البعض إلى إثبات موقف، عوضًا عن التعزية أو الصمت، قد يخرج في أحيان كثيرة من نطاق الإنسانية، ربما ليس رغبة في التشفي وإنما خشية من طغيان عواطف الناس على صوت العقل والضمير.
وأشار الكاتب أن مثل هذا الأمور ومن خلال النظر في مثل هذه الوقائع وملابساتها على مدار العقود القليلة الماضية يمكننا أن نخرج بأمرين:
الأول: غلبة العاطفة على كثير من الناس خصوصًا إذا كانت الموتة بشعة، أو كانت ملابسات الوفاة تحمل في طياتها شيئا يدفع للتعاطف، حتى وإن كان المتوفي أو المقتول طيلة حياته مجرما، أو إرهابيا، أو ديكتاتورا، ولذا فإن أي محاولة لإثبات الموقف الفكري قد تؤدي لنتائج عكسية.
الثاني: أن هذه العاطفة مؤقتة ولحظية والتعامل الأمثل يكون بالابتعاد عن الجدل البيزنطي، أو إثبات الموقف الصدامي إلى مابعد مرور العاصفة.
وشدد “عمر غازي” أن التاريخ يظل هو الشاهد الأول والأخير، فعاطفة الموت لن تحجب الحقائق بغربال، إذا ما أحسن التعامل مع ردود الفعل العاطفية الآنية من الجماهير، التي عادة ما تتلاشى وتستقر في ذاكرة السمكة سريعًا، والشواهد حولنا كثيرة فكم رأينا حولنا ممن يحملون فكراً متطرفًا أو شاذًا أو إجراميًا بالرغم من التعاطف معهم عند موتهم.
وأتم: “لم يبقى لهم اليوم إلا أفكارهم وأفعالهم كشاهد عليهم تطاردهم بالعار والشنار ليل نهار، وإذا علمنا هذه الحقائق فأعتقد أننا لسنا لحاجة لانتهاك حرمة الموت لإثبات موقف ما”.