كأس أفريقيا | فوز مصر على زيمبابوي يفتح باب ذكريات سيئة
الترند العربي – متابعات
في كرة القدم الإفريقية، لا شيء أكثر خطورة من الشعور بالاطمئنان المبكر، ولا منتخب يدرك هذه الحقيقة مثل منتخب مصر، الذي خبر تقلبات القارة السمراء جيدًا، بين أفراح سريعة وصدمات قاسية لا تُنسى. وبينما احتفل “الفراعنة” بفوز قاتل على منتخب زيمبابوي بنتيجة 2-1 في افتتاح مشوارهم ببطولة كأس أمم أفريقيا 2025، عاد شريط الذكريات ليطرح أسئلة قديمة بثوب جديد، ويوقظ مخاوف لا تزال حاضرة في الوعي الجماهيري.
الفوز الذي تحقق على ملعب أدرار بمدينة أغادير منح المنتخب المصري ثلاث نقاط ثمينة، ووضعه في صدارة المجموعة الثانية متساويًا مع منتخب جنوب أفريقيا، الذي حقق بدوره فوزًا مشابهًا على أنغولا. لكن خلف هذه البداية الإيجابية، تختبئ قصة أعمق، لا تتعلق فقط بالنقاط، بل بالسياق التاريخي، وبما تعنيه الانتصارات الافتتاحية لمنتخب اعتاد أن يبدأ بقوة، ثم يتعثر حين يظن الجميع أن الطريق أصبح ممهدًا.

بداية سعيدة… لكن القلق حاضر
لا يمكن التقليل من قيمة الفوز في المباراة الأولى لأي بطولة قارية، خصوصًا في نسخة تشهد تنافسًا قويًا وتقاربًا واضحًا في المستويات. منتخب مصر أظهر شخصية قوية في اللحظات الأخيرة، وانتزع الانتصار بهدف متأخر أكد امتلاكه للروح القتالية والخبرة اللازمة لحسم المباريات الصعبة.
لكن في المقابل، لم يكن الأداء مقنعًا بشكل كامل، إذ ظهرت فترات من التراجع وفقدان السيطرة، واحتاج الفريق إلى لحظة حاسمة في النهاية لتفادي التعثر. هذه التفاصيل الصغيرة هي ما يعيد إلى الأذهان سيناريوهات سابقة، حيث كان الفوز يخفي عيوبًا لم تُعالج في وقتها.
عندما كان الفوز بداية النهاية
في كأس أمم أفريقيا 2019، افتتح منتخب مصر البطولة على استاد القاهرة الدولي بفوز صعب على زيمبابوي بهدف دون رد. آنذاك، كانت كل الظروف مثالية، الأرض والجمهور والدعم الإعلامي والثقة الجماهيرية، وكلها عناصر صنعت حالة من التفاؤل المفرط بإمكانية الذهاب بعيدًا في البطولة.
ذلك الفوز، الذي بدا في وقته مؤشرًا إيجابيًا، تحوّل لاحقًا إلى مجرد ذكرى باهتة، بعدما اصطدم المنتخب بواقع مختلف تمامًا في الأدوار الإقصائية، وودّع البطولة من دور الـ16 أمام جنوب أفريقيا في واحدة من أكثر الصدمات إيلامًا في تاريخ الكرة المصرية، وعلى نفس الأرض التي شهدت البداية المبهجة.

تشابه في النتيجة… واختلاف في الظروف
اليوم، وبعد ستة أعوام، يتكرر مشهد الفوز الافتتاحي أمام الخصم ذاته، لكن في سياق مختلف. لا جماهير مصرية غفيرة، ولا ضغط استضافة، ولا شعور زائف بالأمان. الفوز جاء خارج الديار، وبهدف قاتل في الدقائق الأخيرة، ما يمنحه طابعًا مختلفًا من حيث القيمة الذهنية.
ورغم هذا الاختلاف، يبقى السؤال حاضرًا بقوة: هل تعلّم منتخب مصر من دروس الماضي؟ أم أن التاريخ يلوّح فقط، منتظرًا من يقرأ إشاراته جيدًا؟
الفوز القاتل… بين الإيجابية والتحذير
الانتصارات المتأخرة غالبًا ما تُفسَّر بطريقتين متناقضتين. الأولى تراها دليلًا على الشخصية القوية والإصرار حتى اللحظة الأخيرة، والثانية تعتبرها مؤشرًا على خلل في البناء العام والأداء خلال أغلب فترات اللقاء.
في حالة منتخب مصر أمام زيمبابوي، يمكن الجمع بين التفسيرين. الفريق لم يستسلم، وواصل الضغط حتى نجح في اقتناص الهدف الحاسم، لكنه في الوقت نفسه عانى من صعوبة في فرض أسلوبه، وترك مساحات، وافتقد أحيانًا للترابط بين الخطوط.

دور محمد صلاح… القيادة تحت المجهر
حمل محمد صلاح شارة القيادة في مواجهة زيمبابوي، وظهر كعادته عنصرًا حاسمًا في الجانب الهجومي، سواء بوجوده الذهني أو تأثيره على تحركات الدفاع المنافس. لكن قيادة المنتخب في بطولة قارية لا تقتصر على اللحظات الهجومية فقط، بل تمتد إلى إدارة الإيقاع، وتهدئة زملاء الفريق، ومنع التراخي بعد التقدم أو حتى بعد الفوز.
الجماهير المصرية تنتظر من قائدها أن يكون عنصر توازن بقدر ما هو عنصر حسم، خصوصًا في المباريات المقبلة التي قد تشهد ضغوطًا أكبر ومنافسين أكثر تنظيمًا.
من دور المجموعات إلى الإقصاء… الامتحان الحقيقي
التاريخ القريب لمنتخب مصر في كأس الأمم الأفريقية يؤكد أن تجاوز دور المجموعات لم يعد إنجازًا بحد ذاته، بل مجرد خطوة أولى. الخطر الحقيقي يبدأ مع أول مباراة خروج مغلوب، حيث لا مجال للتعويض، ولا فرصة لتدارك الأخطاء.
دور الـ16 كان شاهدًا على خروج مؤلم في 2019، رغم البداية المثالية، وهو ما يجعل أي احتفال مبكر اليوم محفوفًا بالحذر. فالمباريات الكبيرة لا تُكسب فقط بالخبرة أو الأسماء، بل بالجاهزية الذهنية والقدرة على التعامل مع تفاصيل صغيرة تصنع الفارق.
المجموعة الثانية… حسابات معقدة
رغم تصدر منتخب مصر للمجموعة الثانية، فإن المشوار لا يزال طويلًا. جنوب أفريقيا أثبتت أنها منافس لا يُستهان به، وأنغولا تملك عناصر قادرة على الإزعاج، وزيمبابوي نفسها أظهرت أنها ليست خصمًا سهلًا، رغم الخسارة.
هذا الواقع يفرض على الجهاز الفني التعامل مع كل مباراة باعتبارها اختبارًا مستقلًا، دون النظر إلى الحسابات المسبقة أو السيناريوهات النظرية التي كثيرًا ما خذلت “الفراعنة” في السابق.
التاريخ لا يكرر نفسه… لكنه يلمّح
لا يمكن الجزم بأن فوز أغادير سيقود إلى مصير مشابه لفوز القاهرة في 2019، فلكل بطولة ظروفها ومعطياتها. لكن التاريخ في كرة القدم الإفريقية لا يعود عبثًا، بل يلمّح ويذكّر، ويضع إشارات لمن يريد أن يتعلّم.
الفوز في الافتتاح لا يصنع بطولة، والهدف القاتل لا يمحو العيوب، والانتصارات المبكرة قد تتحول إلى فخ إذا لم تُرافقها قراءة دقيقة للأداء وتصحيح سريع للأخطاء.
بين الحلم الثامن والحذر المشروع
يحلم الشارع الكروي المصري باللقب الثامن، واستعادة الهيبة القارية التي طال انتظارها. لكن هذا الحلم لن يتحقق بالشعارات أو الذكريات، بل بالعمل المتواصل والانتباه لكل تفصيلة صغيرة.
فإما أن يكون فوز زيمبابوي خطوة أولى حقيقية في طريق التصحيح وبناء الثقة على أسس صلبة، أو مجرد إعادة ترتيب لمشهد قديم يعرفه المصريون جيدًا، ويأملون ألا يتكرر.
هل فوز مصر على زيمبابوي مؤشر إيجابي؟
نعم من حيث النتيجة وحصد النقاط، لكنه لا يكفي وحده للحكم على مستوى الفريق.
لماذا أعاد الفوز ذكريات 2019؟
لأن منتخب مصر افتتح بطولة 2019 أيضًا بالفوز على زيمبابوي، ثم خرج مبكرًا من دور الـ16.
ما الخطر الحقيقي على منتخب مصر في البطولة؟
الاطمئنان المبكر وتكرار الأخطاء دون تصحيح قبل الأدوار الإقصائية.
هل تختلف ظروف نسخة 2025 عن 2019؟
نعم، البطولة تُقام خارج مصر، والضغوط مختلفة، لكن التحديات الفنية والذهنية لا تزال قائمة.
ما المطلوب من المنتخب في المرحلة المقبلة؟
تحسين الأداء، علاج الأخطاء، والتركيز على كل مباراة دون الالتفات للماضي أو الحسابات النظرية.
اقرأ أيضًا: بعد 15 عاماً من حادثة فوكوشيما.. اليابان تستعد لإعادة تشغيل أكبر محطة نووية بالعالم


