روضة العكرشية.. بحيرة وسط الصحراء تعيد الحياة إلى شقراء بعد أمطار استثنائية
الترند العربي – متابعات
تحوّلت روضة العكرشية بمحافظة شقراء إلى لوحة طبيعية نادرة، بعد أن شكّلت الأمطار الغزيرة التي هطلت خلال الساعات الماضية بحيرة واسعة وسط الصحراء، في مشهد جذب أعدادًا كبيرة من المتنزهين ومحبي الطبيعة، وأعاد إلى الأذهان صورة الروض السعودية حين تستيقظ على الماء والخضرة بعد موسم مطري نشط.
المشهد الذي التقطته عدسات المصورين من الجو لم يكن مجرد حالة عابرة، بل نتيجة مباشرة لتلاقي عوامل طبيعية وجغرافية جعلت من العكرشية واحدة من أبرز الروض القادرة على الاحتفاظ بالمياه وتحويل السيول إلى بحيرات مؤقتة تُنعش البيئة وتنعكس إيجابًا على الغطاء النباتي والحياة الفطرية.

أمطار شقراء تصنع بحيرة نادرة وسط الرمال
شهدت محافظة شقراء ومحيطها هطول أمطار غزيرة خلال ليلة واحدة، تسببت في جريان الأودية وتجمّع المياه في المنخفضات الطبيعية، وكان أبرزها روضة العكرشية التي امتلأت بالمياه بشكل لافت، لتتحول إلى بحيرة طبيعية وسط الصحراء، في مشهد قلّما يتكرر بهذه الكثافة.
هذه الأمطار لم تكن مجرد زخّات موسمية، بل جاءت بكميات كافية لتغذية الأودية السبعة التي تصب في الروضة، ما أسهم في تشكّل البحيرة واستمرارها لساعات طويلة، وسط طقس معتدل أضفى على المكان طابعًا ربيعيًا جذابًا.

العكرشية.. أكبر روضة شمال الرياض
تُعد روضة العكرشية من أكبر وأشهر الروض الواقعة شمال منطقة الرياض، وتمتد على مساحة واسعة ضمن نطاق حمادة الوشم، بطول يقارب عشرة كيلومترات وعرض يصل إلى أربعة كيلومترات، ما يجعلها بيئة مثالية لتجمّع المياه ونمو النباتات الموسمية.
موقع الروضة على طريق الحمادة، وعلى مسافة نحو 15 كيلومترًا شرق محافظة شقراء، جعلها مقصدًا سهل الوصول، خصوصًا في مواسم الأمطار، حيث تتحول إلى متنفس طبيعي للأهالي والزوار من مختلف مناطق الوشم وسدير.

سبعة أودية تُغذّي الروضة وتمنحها الحياة
تلعب الأودية المحيطة دورًا محوريًا في تشكّل بحيرة العكرشية، إذ تصب فيها سبعة أودية رئيسية، من أبرزها وادي غلغل القادم من مركز الحريق، ووادي الحذيانة شمال قرية الجوفان، إضافة إلى أودية العيبة والقموص والنظيم بمركز الداهنة، ووادي العوشزي من مركز الجريفة، ووادي عقنقل شمال شرق الحمادة.
تجتمع هذه الأودية في مسار واحد يُعرف بوادي العب، قبل أن تنساب المياه نحو الروضة، لتستقر فيها ثم تواصل اتجاهها لاحقًا نحو مملحة القصب، في دورة مائية طبيعية تعكس عبقرية التكوين الجغرافي للمنطقة.

لماذا سُمّيت بالعكرشية؟
يحمل اسم روضة العكرشية دلالة نباتية تعود إلى طبيعة الغطاء النباتي الذي يظهر فيها خلال مواسم الشتاء والربيع، إذ ينبت في أواخر الربيع نبات يُعرف باسم “العكرش”، وهو نبات أفقي يشبه نبات الثيل في شكله، ويغطي مساحات واسعة من الروضة، ما منحها اسمها المتداول منذ قرون.
إلى جانب العكرش، تُزرع في الروضة أنواع أخرى من النباتات البرية مثل النفل والروض والحرف، ما يجعلها بيئة غنية بالتنوع النباتي ومناسبة للرعي الموسمي والتنزه البري.

عدسات جوية توثّق مشهدًا استثنائيًا
وثّق المصور محمد عثمان الطويل مشاهد البحيرة بعدسته الطائرة، مقدّمًا لقطات جوية أظهرت تباينًا بصريًا نادرًا بين زرقة المياه وصفرة الرمال، في مشهد يعكس جمال الطبيعة السعودية حين تتفاعل مع الأمطار.
هذه اللقطات انتشرت على نطاق واسع، وأسهمت في تسليط الضوء على الروضة كموقع سياحي طبيعي، وأعادت الاهتمام بالروض البرية باعتبارها أحد عناصر الجذب البيئي في وسط المملكة.
قرار وزاري يحوّلها إلى متنزه بري
في خطوة تعكس الوعي البيئي المتزايد، اعتمدت وزارة البيئة والمياه والزراعة تخصيص روضة العكرشية كمنتزه بري عام، على مساحة تتجاوز 15.5 مليون متر مربع، لتكون متنفسًا طبيعيًا منظمًا يخدم أهالي المنطقة والزوار، ويحافظ في الوقت ذاته على التوازن البيئي.
هذا القرار أسهم في حماية الروضة من التعديات، وتعزيز مفهوم السياحة البيئية منخفضة الأثر، وتشجيع الزوار على الاستمتاع بالطبيعة ضمن أطر تحافظ على استدامتها.
أهمية بيئية تتجاوز المشهد الجمالي
لا تقتصر أهمية روضة العكرشية على كونها موقعًا جماليًا، بل تمثل عنصرًا بيئيًا فاعلًا في استقرار النظام البيئي المحلي، إذ تسهم في تغذية التربة بالمياه، وتحفيز نمو النباتات، وتوفير موائل مؤقتة للطيور والحيوانات البرية.
كما تساعد تجمعات المياه في تخفيف آثار الجفاف، وتعزيز المخزون الجوفي، خاصة في المناطق التي تعتمد على الأمطار الموسمية كمصدر رئيسي للمياه الطبيعية.
إقبال واسع وتحذيرات للسلامة
شهدت الروضة إقبالًا ملحوظًا من المتنزهين خلال الساعات التي أعقبت الأمطار، وسط دعوات من الأهالي والمهتمين بضرورة الالتزام بإرشادات السلامة، وعدم الاقتراب من مجاري السيول أو المناطق العميقة، حفاظًا على الأرواح والممتلكات.
وأكد مختصون أن جمال المشهد لا يلغي ضرورة الحذر، خصوصًا مع احتمالية تجدّد جريان المياه في حال استمرار الأمطار أو تدفّق السيول من الأودية العليا.
روضة العكرشية والذاكرة الجمعية لأهل الوشم
تحظى روضة العكرشية بمكانة خاصة في الذاكرة الجمعية لأهالي الوشم، إذ ارتبطت منذ القدم بمواسم الربيع، ورحلات التنزه، ومواسم الرعي، وتُعد شاهدًا حيًا على علاقة الإنسان بالبيئة في وسط الجزيرة العربية.
ومع عودة المياه إليها، تعود معها الحكايات القديمة، وتُستعاد صورة الروضة كفضاء طبيعي يجمع بين الجمال، والتاريخ، والاستدامة.
أين تقع روضة العكرشية؟
تقع شرق محافظة شقراء بنحو 15 كيلومترًا، على طريق الحمادة، ضمن منطقة حمادة الوشم شمال الرياض.
ما سبب تشكّل البحيرة في الروضة؟
تجمّع مياه الأمطار والسيول القادمة من سبعة أودية رئيسية تصب في الروضة، ما أدى إلى تشكّل بحيرة طبيعية مؤقتة.
هل الروضة مفتوحة للزوار؟
نعم، الروضة مخصصة كمنتزه بري عام بقرار من وزارة البيئة والمياه والزراعة، مع ضرورة الالتزام بإرشادات السلامة.
ما سبب تسمية العكرشية بهذا الاسم؟
نسبة إلى نبات العكرش الذي ينبت فيها بكثافة في أواخر الربيع، وهو نبات أفقي يشبه الثيل.
هل تشكّل البحيرة خطرًا على المتنزهين؟
قد تشكّل خطرًا في حال الاقتراب من المناطق العميقة أو مجاري السيول، لذا يُنصح بالحذر ومتابعة تنبيهات الجهات المختصة.
اقرأ أيضًا: تحذير شرعي من عبارة شائعة.. لماذا اعتبر الخثلان وصف الطقس بـ«ولا غلطة» سوء أدب مع الله؟

