«الجيل السعودي القادم».. كيف تصنع المملكة أبطالها في رياضة المحركات قبل داكار 2026؟
الترند العربي – متابعات
في وقت تتسارع فيه المملكة العربية السعودية نحو ترسيخ مكانتها كقوة رياضية عالمية، لا يقتصر الطموح على استضافة أكبر البطولات أو تنظيم الأحداث الدولية، بل يمتد إلى ما هو أعمق وأكثر استدامة، وهو صناعة الأبطال من الداخل. ومن هذا المنطلق، يبرز برنامج «الجيل السعودي القادم» بوصفه أحد أهم المشاريع الوطنية الهادفة إلى إعداد المواهب السعودية الشابة في رياضة المحركات، وتأهيلها للمنافسة في أقسى وأعرق البطولات العالمية، وعلى رأسها رالي داكار.
البرنامج، الذي يشرف عليه الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، وشركة رياضة المحركات السعودية، بالتعاون مع وزارة الرياضة، لم يعد مجرد مبادرة تدريبية، بل تحوّل إلى منظومة احترافية متكاملة، تُعيد رسم مستقبل الراليات السعودية، وتؤسس لجيل جديد قادر على تمثيل المملكة في المحافل الدولية بثقة وكفاءة.

من الفكرة إلى المشروع الوطني
انطلق برنامج «الجيل السعودي القادم» في توقيت دقيق، تزامن مع التحولات الكبرى التي يشهدها القطاع الرياضي في المملكة ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، والتي تضع تمكين الشباب، وبناء القدرات الوطنية، والاحتراف الرياضي في صدارة أولوياتها.
لم يكن الهدف من البرنامج مجرد إعداد سائقين للمشاركة الرمزية، بل تأسيس قاعدة صلبة من المواهب المؤهلة علميًا وبدنيًا وذهنيًا، القادرة على الصمود في سباقات التحمل الصحراوية، والتعامل مع ضغوط المنافسات العالمية، والالتزام بأعلى المعايير الفنية والتنظيمية.

منظومة تدريبية تتجاوز المفهوم التقليدي
ما يميّز برنامج «الجيل السعودي القادم» هو اعتماده على منهج تدريبي متعدد المراحل، يجمع بين الجانب النظري والتطبيقي، ويعكس فهمًا عميقًا لطبيعة رياضة الراليات، التي لا تعتمد فقط على السرعة، بل على الذكاء التكتيكي، والتحمّل، واتخاذ القرار في ظروف قاسية.
يبدأ البرنامج بمرحلة الاختيار والتقييم، حيث يخضع المتقدمون لاختبارات دقيقة تشمل اللياقة البدنية، وردة الفعل، والقدرة على التركيز، إلى جانب التقييم النفسي والسلوكي. ثم ينتقل المشاركون إلى مراحل تدريبية متقدمة، تشمل محاضرات نظرية حول أنظمة الراليات، والسلامة، والتقنيات الميكانيكية، وإدارة المخاطر.

التدريب الميداني.. محاكاة الواقع القاسي
في مرحلة لاحقة، يدخل المتدربون إلى قلب التجربة عبر تدريبات ميدانية مكثفة باستخدام مركبات ياماها فئة سايد باي سايد، وهي مركبات تحاكي ظروف الراليات الصحراوية الحقيقية. وتشمل هذه المرحلة خوض المرحلة التمهيدية لرالي داكار، واجتياز مرحلتين بأسلوب الراليات الاحترافية، ما يضع المتدربين أمام تحديات فعلية، تتطلب الانضباط، والتحمل، والعمل تحت الضغط.
هذا النهج العملي أسهم في رفع مستوى الجاهزية التنافسية للمشاركين، وحوّل التدريب من مجرد محاكاة إلى تجربة واقعية تفرز العناصر القادرة على الاستمرار والتميز.

ثمار البرنامج.. من التدريب إلى داكار
أبرز إنجازات برنامج «الجيل السعودي القادم» تجلّت في تأهيل السائقين حمزة باخشب وعبدالله الشقاوي، ليكونا أول خريجي البرنامج، وأول من يمثل المملكة رسميًا في رالي داكار 2026 ضمن هذا المسار الوطني.
هذا التأهل لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة مسار طويل من العمل، والانضباط، والالتزام بجميع المراحل التدريبية والاختبارات المعتمدة. وقد أظهر السائقان مستوى متقدمًا من الجاهزية الفنية والبدنية، ما أهّلهما للحصول على الضوء الأخضر للمشاركة في أحد أصعب سباقات العالم.
تصريحات تعكس حجم التحوّل
عبّر السائق عبدالله الشقاوي عن فخره بالمشاركة في رالي داكار 2026 تحت راية المملكة، مؤكدًا أن البرنامج شكّل نقطة التحول الأهم في مسيرته الرياضية، وقال إن «الجيل السعودي القادم» لم يكن مجرد تدريب، بل منصة حقيقية صنعت الفارق، ومكّنته من تحقيق حلم طالما بدا بعيد المنال.
من جهته، وصف حمزة باخشب البرنامج بأنه قاعدة تعليمية صلبة أعادت تشكيل فهمه لرياضة الراليات، ومنحته الأدوات اللازمة للانتقال من الهواية إلى الاحتراف، مشيرًا إلى أن هذه التجربة فتحت الباب أمام السائقين السعوديين للوجود الفعلي على خارطة الراليات العالمية.
دور المؤسسات الرياضية في صناعة النجاح
يعكس نجاح برنامج «الجيل السعودي القادم» مستوى التنسيق العالي بين الجهات الرياضية في المملكة، وعلى رأسها الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، وشركة رياضة المحركات السعودية، ووزارة الرياضة. هذا التعاون المؤسسي أسهم في توفير بيئة تدريبية احترافية، ودعم لوجستي وفني متكامل، يضمن استمرارية البرنامج وتطوره.
كما يؤكد البرنامج أهمية الاستثمار في رأس المال البشري، باعتباره الركيزة الأساسية لبناء منظومة رياضية مستدامة، قادرة على المنافسة عالميًا، وليس الاكتفاء بالنتائج قصيرة المدى.
رياضة المحركات ورؤية 2030
يتقاطع برنامج «الجيل السعودي القادم» بشكل مباشر مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد، وتعزيز حضور المملكة في القطاعات الرياضية والترفيهية، وبناء صناعة رياضية متكاملة تشمل التدريب، والتنظيم، والاستضافة، والتنافس.
كما يسهم البرنامج في ترسيخ صورة المملكة كمركز إقليمي وعالمي لرياضة المحركات، خاصة مع استضافة سباقات عالمية كبرى، وتنامي الاهتمام الجماهيري بهذه الرياضة.
نحو قاعدة مستدامة من الأبطال
لا يُنظر إلى البرنامج باعتباره تجربة محدودة بزمن أو بعدد مشاركين، بل كنواة لمشروع طويل الأمد يهدف إلى بناء قاعدة مستدامة من السائقين السعوديين، المؤهلين للمشاركة في مختلف البطولات الدولية، ورفع العلم السعودي في منصات التتويج.
ويُتوقع أن تشهد النسخ المقبلة من البرنامج توسعًا أكبر، سواء من حيث عدد المشاركين، أو تنوع الفئات، أو إدخال مسارات جديدة تشمل فئات أخرى من رياضة المحركات.
ما هو برنامج «الجيل السعودي القادم»؟
هو برنامج وطني تدريبي احترافي يهدف إلى اكتشاف وصقل المواهب السعودية في رياضة المحركات، وتأهيلهم للمنافسة في البطولات الإقليمية والدولية.
من يشرف على البرنامج؟
يشرف عليه الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، وشركة رياضة المحركات السعودية، بالتعاون مع وزارة الرياضة.
ما أبرز إنجازات البرنامج حتى الآن؟
تأهيل السائقين حمزة باخشب وعبدالله الشقاوي للمشاركة في رالي داكار 2026، كأول خريجين من البرنامج.
هل يقتصر البرنامج على فئة عمرية محددة؟
يستهدف البرنامج فئة الشباب والشابات وفق معايير محددة تشمل الجاهزية البدنية والفنية، مع خطط للتوسع مستقبلًا.
كيف يساهم البرنامج في رؤية السعودية 2030؟
يسهم في تمكين الشباب، وبناء منظومة رياضية احترافية، وتعزيز حضور المملكة عالميًا في رياضة المحركات.
اقرأ أيضًا: روضة العكرشية.. بحيرة وسط الصحراء تعيد الحياة إلى شقراء بعد أمطار استثنائية


