اقتصاد

طفرة تاريخية في التمويل السعودي.. الائتمان المصرفي يقفز إلى 3.3 تريليونات ريال

الترند العربي – متابعات

سجّل الائتمان المصرفي في المملكة العربية السعودية أعلى مستوياته التاريخية، في مؤشر يعكس التحولات العميقة التي يشهدها القطاع المالي، والدور المتنامي للجهاز المصرفي في تمويل النمو الاقتصادي ودعم مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وبحسب أحدث بيانات البنك المركزي السعودي “ساما”، بلغ إجمالي الائتمان المصرفي الممنوح للقطاعين العام والخاص نحو 3.3 تريليونات ريال بنهاية أكتوبر 2025، محققًا زيادة سنوية تجاوزت 391 مليار ريال، وبمعدل نمو بلغ 13.6% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.

هذا الارتفاع اللافت لا يُعد مجرد رقم قياسي جديد، بل يعكس اتساع قاعدة التمويل، وتنوع استخدامات الائتمان، وتزايد ثقة المؤسسات والأفراد في المنظومة المصرفية السعودية، التي باتت أحد أعمدة الاستقرار الاقتصادي في المنطقة.

طفرة تاريخية في التمويل السعودي.. الائتمان المصرفي يقفز إلى 3.3 تريليونات ريال
طفرة تاريخية في التمويل السعودي.. الائتمان المصرفي يقفز إلى 3.3 تريليونات ريال

قراءة في أرقام “ساما”: ماذا تعني القفزة التاريخية؟

تشير النشرة الإحصائية الشهرية للبنك المركزي السعودي إلى أن نمو الائتمان لم يكن ظرفيًا أو محدودًا بقطاع واحد، بل جاء نتيجة توسّع شامل في التمويل الموجّه لمختلف الأنشطة الاقتصادية، سواء في القطاع العام أو الخاص.
فالزيادة التي تجاوزت 391.6 مليار ريال خلال عام واحد تعني أن البنوك السعودية ضخت تمويلات ضخمة في الاقتصاد الحقيقي، دعمت من خلالها مشاريع البنية التحتية، والإسكان، والصناعة، والطاقة، والخدمات، والأنشطة التجارية المختلفة.

كما أن استمرار النمو على أساس شهري، بنسبة 0.4% خلال شهر أكتوبر وحده، يعكس زخمًا مستدامًا في الطلب على الائتمان، وقدرة البنوك على تلبية هذا الطلب دون الإخلال بمعايير الاستقرار المالي.

الائتمان المصرفي ودوره في دعم النمو الاقتصادي

يلعب الائتمان المصرفي دورًا محوريًا في تحفيز النشاط الاقتصادي، إذ يمثل القناة الأساسية لتمويل الاستثمارات، سواء كانت حكومية أو خاصة.
وفي الحالة السعودية، يتضاعف هذا الدور في ظل المشاريع العملاقة التي تشهدها المملكة، مثل مشاريع البنية التحتية، والتطوير العمراني، والمدن الاقتصادية، ومبادرات التحول الصناعي والتقني.

ارتفاع حجم الائتمان يعني أن الشركات تجد تمويلًا أسهل للتوسع، وأن الأفراد يحصلون على فرص أوسع للتمويل السكني والاستهلاكي، ما ينعكس مباشرة على معدلات النمو والتوظيف، ويرفع من كفاءة الدورة الاقتصادية.

طفرة تاريخية في التمويل السعودي.. الائتمان المصرفي يقفز إلى 3.3 تريليونات ريال
طفرة تاريخية في التمويل السعودي.. الائتمان المصرفي يقفز إلى 3.3 تريليونات ريال

تفصيل آجال الائتمان: لماذا يتصدر طويل الأجل؟

أظهرت بيانات “ساما” أن الائتمان طويل الأجل، الذي تتجاوز مدته ثلاث سنوات، استحوذ على النسبة الأكبر من إجمالي الائتمان المصرفي، بنسبة بلغت 49%، وبقيمة وصلت إلى نحو 1.6 تريليون ريال.
ويُعد هذا المؤشر بالغ الأهمية، لأنه يعكس تركيز التمويل على المشاريع الاستثمارية طويلة الأمد، مثل الإسكان، والصناعة، والطاقة، والبنية التحتية، وهي القطاعات الأكثر ارتباطًا بالنمو المستدام.

في المقابل، شكّل الائتمان قصير الأجل، الذي تقل مدته عن سنة، نحو 37.3% من الإجمالي، بقيمة قاربت 1.2 تريليون ريال، وهو ما يعكس نشاطًا قويًا في تمويل رأس المال العامل، والأنشطة التجارية، والاحتياجات التشغيلية للشركات.

أما الائتمان متوسط الأجل، الممتد من سنة إلى ثلاث سنوات، فقد بلغ نحو 13.8% من الإجمالي، بقيمة تجاوزت 451 مليار ريال، ما يكمّل صورة هيكل تمويلي متوازن يخدم مختلف الاحتياجات الاقتصادية.

القطاع الخاص في صدارة الاستفادة

يشير توزيع الائتمان المصرفي إلى أن القطاع الخاص كان من أبرز المستفيدين من هذا التوسع، في ظل السياسات الداعمة لريادة الأعمال، وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي.
فمع تنامي دور القطاع الخاص كشريك رئيسي في التنمية، أصبح التمويل المصرفي عنصرًا حاسمًا في تمكين الشركات من تنفيذ خططها التوسعية، ورفع قدرتها التنافسية، سواء في السوق المحلية أو الإقليمية.

طفرة تاريخية في التمويل السعودي.. الائتمان المصرفي يقفز إلى 3.3 تريليونات ريال
طفرة تاريخية في التمويل السعودي.. الائتمان المصرفي يقفز إلى 3.3 تريليونات ريال

السياسة النقدية والاستقرار المالي

يأتي هذا النمو في الائتمان في ظل سياسة نقدية متوازنة يتبناها البنك المركزي السعودي، تجمع بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على الاستقرار المالي.
فالبنوك السعودية، رغم توسعها في الإقراض، ما زالت تحافظ على مستويات قوية من السيولة ورأس المال، وتلتزم بالمعايير الاحترازية الدولية، وهو ما يعزز مناعة القطاع المصرفي أمام التقلبات الاقتصادية العالمية.

رؤية 2030 والتمويل كرافعة للتحول

لا يمكن فصل هذه القفزة في الائتمان المصرفي عن مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تضع تطوير القطاع المالي في قلب برنامج التحول الوطني.
فالرؤية تستهدف بناء قطاع مالي متنوع وفعال، قادر على دعم الاقتصاد الوطني، وجذب الاستثمارات، وتعزيز الابتكار، وهو ما ينعكس بوضوح في الأرقام القياسية التي يسجلها الائتمان المصرفي.

مقارنة إقليمية: أين تقف السعودية؟

عند مقارنة حجم الائتمان المصرفي السعودي بالاقتصادات الإقليمية، تتضح المكانة المتقدمة للمملكة كأكبر سوق مصرفي في المنطقة، سواء من حيث الحجم أو التنوع أو الاستقرار.
كما أن معدلات النمو المسجلة تعكس ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية في الاقتصاد السعودي، وقدرته على مواصلة النمو رغم التحديات العالمية.

التحديات المحتملة وإدارة المخاطر

ورغم الصورة الإيجابية، يظل التوسع في الائتمان مصحوبًا بتحديات تتطلب إدارة دقيقة للمخاطر، خصوصًا فيما يتعلق بجودة الأصول، ومستويات التعثر، وتوازن التمويل بين القطاعات.
غير أن الإطار الرقابي القوي الذي يطبقه البنك المركزي السعودي، إلى جانب تطور أنظمة إدارة المخاطر في البنوك، يقلل من هذه التحديات، ويضمن استدامة النمو.

آفاق مستقبلية: هل يستمر الزخم؟

تشير المؤشرات الحالية إلى أن الائتمان المصرفي السعودي مرشح لمواصلة النمو خلال الفترة المقبلة، مدعومًا باستمرار المشاريع الكبرى، وتوسع الأنشطة الاقتصادية غير النفطية، وزيادة الطلب على التمويل من قبل الشركات والأفراد.
كما أن التطور الرقمي في القطاع المصرفي، وانتشار الحلول المالية المبتكرة، قد يسهمان في توسيع قاعدة المستفيدين من الائتمان، ورفع كفاءة توجيهه.

ما معنى وصول الائتمان المصرفي إلى 3.3 تريليونات ريال؟
يعني ذلك أن البنوك السعودية قدمت تمويلات ضخمة للقطاعين العام والخاص، ما يعكس قوة الجهاز المصرفي ودوره في دعم الاقتصاد.

هل يشكل هذا النمو خطرًا على الاستقرار المالي؟
حتى الآن، لا تشير البيانات إلى مخاطر كبيرة، إذ يتم النمو في ظل رقابة قوية ومعايير احترازية صارمة يطبقها البنك المركزي السعودي.

أي القطاعات تستفيد أكثر من الائتمان المصرفي؟
تستفيد قطاعات الإسكان، والبنية التحتية، والصناعة، والخدمات، إلى جانب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، من النصيب الأكبر من التمويل.

ما دلالة ارتفاع الائتمان طويل الأجل؟
يدل على تركيز التمويل على المشاريع الاستثمارية والتنموية طويلة الأمد، وهو مؤشر إيجابي على النمو المستدام.

هل يدعم هذا النمو مستهدفات رؤية 2030؟
نعم، إذ يُعد تطوير التمويل المصرفي أحد الركائز الأساسية لدعم التحول الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل.

اقرأ أيضًا: مشروع «طويق» يدخل مرحلة حاسمة.. تعويم أول سفينة قتالية سعودية في الولايات المتحدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى