فن

مقارنة بين الدراما الرمضانية والدراما خارج الموسم.. من يكسب؟

مقارنة بين الدراما الرمضانية والدراما خارج الموسم.. من يكسب؟

الترند العربي – متابعات

اعتاد الجمهور العربي على ارتباط الدراما التلفزيونية بشهر رمضان، باعتباره “الموسم الذهبي” لعرض الأعمال الدرامية، حتى أصبحت المنافسة بين القنوات والشركات الإنتاجية على أشدّها خلال هذا الشهر. لكن السنوات الأخيرة شهدت تصاعدًا ملحوظًا في إنتاج وعرض المسلسلات خارج الموسم الرمضاني، في ظل تغيّر أنماط المشاهدة وانتشار المنصات الرقمية. فهل ما زالت دراما رمضان تتربع على العرش؟ أم أن الدراما خارج الموسم بدأت تكسب الرهان؟

دراما رمضان.. كثافة الإنتاج وسط سباق محموم
شهر رمضان لطالما مثّل ذروة الموسم الدرامي العربي، حيث تُنتَج عشرات المسلسلات لتُعرض خلال ثلاثين يومًا فقط، وسط سباق محموم على نسب المشاهدة، والإعلانات، والضجة الجماهيرية.

الزخم الإعلاني: تُعَد دراما رمضان بيئة مثالية للمعلنين، إذ ترتفع نسب المشاهدة إلى أعلى مستوياتها، مما يرفع قيمة الفواصل الإعلانية ويزيد من تمويل الإنتاج.

التركيز الجماهيري: يلتف الجمهور حول الشاشة في توقيت واحد تقريبًا، ما يمنح المسلسلات فرصة استثنائية للانتشار والتفاعل الفوري على منصات التواصل.

نجوم الصف الأول: تجتمع أسماء كبرى من الممثلين والمخرجين في موسم واحد، مما يخلق منافسة عالية المستوى.

ورغم كل هذه العوامل، فإن التكدّس الدرامي يؤدي أحيانًا إلى تشتّت الجمهور، وقِصر مدة العرض يفرض ضغوطًا كبيرة على الجودة والإبداع.

الدراما خارج الموسم.. الجودة على حساب الضجيج
في المقابل، شهدت الدراما خارج رمضان نموًا نوعيًا، خاصة مع دخول منصات البث الرقمي مثل “شاهد”، و”Netflix”، و”Watch It”، مما منح صُنّاع الدراما مساحة أكبر للابتكار والتجريب.

مساحة للتركيز: المسلسلات خارج الموسم غالبًا ما تُنتَج بعدد حلقات أقل (8 إلى 15 حلقة)، ما يسمح بسيناريوهات أكثر إحكامًا وابتكارًا في الطرح.

مرونة المشاهدة: الجمهور لم يعد ينتظر وقت البث، بل يشاهد في الوقت الذي يناسبه، ما ينعكس على نوعية الأعمال المطلوبة.

تنوع الموضوعات: بعيدًا عن قيود “الموسم الرمضاني”، ظهرت أعمال تتناول قضايا شائكة، أو ذات طابع نفسي وجريمة وغموض، لم تكن تجد لها مساحة كافية في رمضان.

من أبرز الأعمال التي حققت نجاحًا كبيرًا خارج رمضان مؤخرًا: سفاح الجيزة، وبينا ميعاد، الغرفة 207، وهي أعمال أثبتت أن قوة النص والإخراج قادرة على حصد النجاح بعيدًا عن “الزمن الرمضاني”.

تغيّر أنماط المشاهدة
بيّنت تقارير شركات تحليل المشاهدات في المنطقة العربية، مثل “بارك” و”إبسوس”، أن نسب المشاهدة عبر المنصات الرقمية ارتفعت بنسبة تتجاوز 60% خلال الأعوام الخمسة الماضية، خاصة بين الفئات العمرية بين 18 و35 عامًا. وهو ما جعل شركات الإنتاج تعيد النظر في جدوى الاعتماد الكامل على موسم رمضان.

كما أن خوارزميات المنصات الرقمية تمنح الأعمال فرصة أكبر للانتشار طويل المدى، بدلًا من الاعتماد فقط على زخم البث اللحظي.

الرهان التجاري والإبداعي.. من يكسب؟
من الناحية التجارية، تظل دراما رمضان الأقوى من حيث الإيرادات المباشرة، لا سيما الإعلانات والصفقات الحصرية. لكن من الناحية الإبداعية والتأثير الجماهيري بعيد المدى، بدأت الدراما خارج الموسم تكتسب أرضًا أوسع.

كما أن بعض النجوم الكبار بدأوا يميلون إلى تقديم أعمال خارج رمضان، بسبب انخفاض الضغط الزمني، وحرية أكبر في اختيار النصوص، وهو ما قد يعيد رسم خارطة الإنتاج في السنوات القادمة.

التكامل لا التنافس
ربما لم تعد المسألة “مَن يكسب؟”، بل كيف يمكن أن تتكامل الدراما الرمضانية مع الدراما خارج الموسم لتغذية المشهد الفني العربي على مدار العام. فالمعيار اليوم لم يعد توقيت العرض، بل جودة النص، وقوة الإخراج، وصدق الأداء، وسهولة الوصول.

ومع تغيّر سلوك الجمهور، يبدو أن المشاهد هو الرابح الحقيقي في هذه المنافسة المستمرة، طالما ظلت الدراما العربية قادرة على التطور والاستجابة لذوقه المتغير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى