كيف غيّر “كريستيانو رونالدو” مفهوم الاحتراف لدى اللاعبين العرب؟

كيف غيّر “كريستيانو رونالدو” مفهوم الاحتراف لدى اللاعبين العرب؟
الترند العربي – متابعات
منذ انتقال النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى نادي النصر السعودي في يناير 2023، شكّل هذا الحدث نقطة تحوّل كبرى في مسيرة الدوري السعودي وتعامُل اللاعبين العرب مع مفهوم “الاحتراف”. فبعيدًا عن القيمة التسويقية والاهتمام الإعلامي، كان التأثير الحقيقي يكمن في تغيير الثقافة اليومية للاعبين، وتعزيز معايير الالتزام والانضباط داخل الأندية، ورفع سقف التوقعات حول ما يعنيه أن تكون لاعبًا محترفًا.
الانضباط السلوكي والبدني
كريستيانو رونالدو معروف عالميًا بنظامه الغذائي الصارم، وجدول التمارين المنتظم، والاهتمام الدقيق بجسده ولياقته. بعد انضمامه إلى النصر، نقل هذه الثقافة إلى غرفة الملابس، حيث بدأت إدارة النادي بفرض أنظمة تغذية ومتابعة بدنية أكثر صرامة، مستلهمة من نمط حياة النجم البرتغالي.
اللاعب عبد الرحمن غريب، في أكثر من لقاء صحفي، أشار إلى أن وجود رونالدو غيّر تفكيرهم تجاه النوم والغذاء والانضباط، قائلاً: “تعلمنا كيف نكون محترفين بحق، ليس فقط في يوم المباراة بل كل يوم.”
ثقافة التمرين والتطور الذاتي
ساهم وجود رونالدو في تغيير نظرة اللاعبين العرب إلى التدريبات. فقد أصبح الذهاب إلى صالة الجيم أمرًا معتادًا بعد التمرين الجماعي، لا أمرًا اختياريًا. وباتت الأجهزة الطبية تتابع المؤشرات الحيوية للّاعبين بطريقة أكثر دقة، مع حرص الكثيرين على تقليد روتين رونالدو اليومي، من تمارين التوازن إلى الاستشفاء الجسدي.
وبحسب تقارير صحفية، فإن لاعبي النصر زادوا من ساعات وجودهم في مقر النادي، سواء من خلال التمارين الإضافية أو الالتزام بجلسات التأهيل والاستشفاء.
الاحتراف الذهني والإعلامي
لم يقتصر تأثير رونالدو على الجانب البدني، بل شمل الجانب الذهني والإعلامي أيضًا. حيث أصبح اللاعبون أكثر وعيًا بكيفية التعامل مع الإعلام، وتقديم صورة احترافية عن أنفسهم، وتجنّب التصريحات الانفعالية أو الجدل غير الضروري.
كما أصبح اللاعب العربي يعي أهمية الحفاظ على صورته العامة في وسائل التواصل الاجتماعي، متأثرًا بنموذج رونالدو الذي يُحسن استثمار حضوره الرقمي بعناية واحترافية.
تحفيز التنافس والاحتراف في الأندية الأخرى
أدى وجود كريستيانو إلى خلق تأثير غير مباشر في باقي الأندية السعودية والعربية. فمع ارتفاع مستوى النصر تدريجيًا، بدأت الفرق الأخرى تسعى لتطوير منظومتها التدريبية والإدارية لمواكبة هذا التحول. كما أصبح اللاعبون المحليون أكثر حرصًا على تطوير أنفسهم للحفاظ على أماكنهم وسط هذا الزخم العالمي من التعاقدات، خاصة بعد انضمام لاعبين كبار مثل بنزيما، كانتي، نيمار، ومحرز.
أثر طويل المدى على الناشئين
أثّر رونالدو أيضًا في قطاع الناشئين، حيث أصبح قدوة لجيل جديد من اللاعبين العرب، ليس فقط كمهاجم بارع بل كمحترف متكامل. وتعمل بعض الأكاديميات السعودية على تضمين مبادئ الاحتراف التي يتبعها رونالدو ضمن برامجها التدريبية، مثل أهمية النوم المبكر، والتغذية المتوازنة، وتحديد الأهداف الشخصية، والمتابعة الدورية للأداء.
ربما لم يحقق كريستيانو رونالدو كل الألقاب المتوقعة مع النصر حتى الآن، لكن تأثيره الحقيقي كان أبعد من ذلك بكثير. لقد أعاد تعريف الاحتراف في العالم العربي، وزرع في اللاعبين فكرة أن التميز لا يأتي بالمصادفة، بل بالالتزام اليومي والتفاني والوعي بكل تفاصيل الحياة المهنية.
وبذلك، أصبح رونالدو ليس مجرد نجم عالمي جاء إلى الدوري السعودي، بل مدرسة متكاملة في مفهوم الاحتراف، سيظل أثرها ممتدًا لسنوات.