كُتاب الترند العربي

ينتصر الحب بين الزوجين حين يُهزم العناد

محمود عبدالراضي

في عالمٍ سريع الخطى، لا يزال هناك متسعٌ لحكايات تُروى همسًا، لا بصوتٍ عالٍ، حكايات تُكتب كل يوم بين جدران البيوت، وتحديدًا بين طرفي غرفة النوم، حيث لا كاميرات ولا جمهور، بل قلبان يبحثان عن السلام وسط عواصف التفاصيل.

في قلب كل علاقة زوجية، لا بد أن يأتي وقتٌ للخصام والعتاب والخلاف، وتلك سُنة الحياة، لسنا ملائكة لنُجيد الصبر كل الوقت، ولا شياطين لنهدم ما بنيناه عند أول أزمة، لكن الفرق ليس في وجود الخلاف، بل في الطريقة التي نختار بها أن نعبره.

أحيانًا، كلمة واحدة تنقذ يومًا كاملاً من الانهيار، وابتسامة بسيطة قد تُعيد بناء ما هدمته لحظة انفعال، ولمسة حانية تُعيد النبض لقلب كاد أن يتوقف من شدة الجفاء.

ما بين الزوجين لا يُقاس بمنطق من المخطئ؟ ومن المنتصر؟ فالحب لا يقف في طابور العدالة، ولا يرفع راية الحرب، الكرامة ليست عنادًا، بل قدرة على اختيار السلام، ووعي بأن “الاحتواء” انتصار أكبر من الصراخ.

البيوت الحقيقية لا تُبنى بالجمال أو المال، فهذه أمور تخضع لقانون التقلّب، لكن البيوت التي تصمد، هي تلك التي تزرع في جدرانها الود، وتُسقي أرضها بالاحترام، وتُظلّلها الرحمة، الرحمة التي تغفر زلة، وتداوي كسرة.

الزوجة التي تُمسك بيد زوجها وهو يتعثر، لا تُعدّ فقط أمينة على البيت، بل أميرة على قلبه، جوهرة لا تقدّر بثمن، والرجل الذي يرى في ملامح زوجته، رغم تغيّرها، نفس السكن والأمان، هو رجل لم ينسَ جوهر العِشرة، ولم يبتعد عن معنى الرجولة.

فالبيت لا تقيمه الأعمدة، بل تقيمه قلوب تعرف كيف تسامح، وعيون لا تفضح الزعل، وأيدٍ تمسح الدموع لا تزيدها.

البيت هو الحضن الذي لا يُقفل بوجهك، حتى لو كنت أنت من أغلق بابه يومًا، هو صوتٌ يقول “أنا هنا”، حتى إن خانك التعبير.

العلاقة بين الزوجين، ليست فقط عقدًا شرعيًا، بل عهد إنساني: أن نُخطئ، نعم.. لكن نُسامح، أن نختلف، نعم.. لكن لا نتفرّق، أن نتهشّم، أحيانًا.. لكن نعود نلتئم، لأن البيت، في حقيقته، ليس مكانًا نعيش فيه، بل قلبًا نعود إليه.

المصدر: اليوم السابع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى