عمر غازيكُتاب الترند العربي

الرياضة تطيل الحياة

عمر غازي

في عام 1968، كان هناك رجل يُدعى تشارلز يوجين فرانسيس، جندي سابق في البحرية الأمريكية، عاش حياة غير صحية لسنوات، وعانى من أمراض القلب والسمنة، حتى أبلغه الأطباء في سن الخمسين بأنه لن يعيش أكثر من خمس سنوات إذا لم يُغير نمط حياته، بدلاً من الاستسلام، قرر تشارلز تجربة شيء لم يفكر فيه من قبل، بدأ بالمشي لمسافات قصيرة، ثم تحول إلى الجري، وبعد عامين فقط، كان يشارك في سباق الماراثون، لم يقتصر الأمر على فقدانه الوزن وتحسن حالته الصحية، بل عاش حتى تجاوز المائة عام، ليصبح أحد الأمثلة الحية على تأثير الرياضة في إطالة العمر.

لكن هل الرياضة فعلًا تطيل العمر، أم أن الأمر مجرد مبالغة؟ دراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2018 وجدت أن ممارسة الرياضة لمدة 150 دقيقة أسبوعيًا تُقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 31%، بينما ممارسة التمارين المكثفة لمدة تزيد عن 300 دقيقة أسبوعيًا قد ترفع هذه النسبة إلى 37%، مما يعني أن الرياضة ليست مجرد هواية أو وسيلة لإنقاص الوزن، بل استثمار حقيقي في سنوات إضافية من الحياة.

الأمر لا يتعلق فقط بطول العمر، بل بجودته أيضًا، ففي دراسة نشرتها جامعة كامبريدج عام 2021، وُجد أن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام تقل لديهم احتمالية الإصابة بأمراض الشيخوخة مثل الخرف والزهايمر بنسبة 45%، كما أن عظامهم وعضلاتهم تبقى أكثر قوة، ما يقلل خطر السقوط والكسور بنسبة 50% لدى كبار السن، فالرياضة ليست مجرد نشاط عضلي، بل نظام متكامل يعيد برمجة الجسم والعقل ليعملا بكفاءة حتى في سنوات الشيخوخة.

لكن لماذا تؤثر الرياضة بهذا الشكل العميق في العمر؟ ببساطة، لأن الجسم البشري لم يُخلق ليكون خاملاً، فالإنسان الأول كان صيادًا وجامعًا للطعام، يتحرك باستمرار، ولم يعرف حياة الجلوس لساعات طويلة أمام الشاشات أو خلف المكاتب، حيث أظهرت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد عام 2020 أن الأشخاص الذين يجلسون لأكثر من 8 ساعات يوميًا دون نشاط بدني يعانون من تدهور صحي أسرع بمعدل 15 سنة مقارنة بأقرانهم النشطين بدنيًا.

الأمر لا يقتصر على صحة الجسد، بل يمتد إلى النفس والعقل أيضًا، حيث أثبتت دراسة نشرتها جامعة ييل عام 2019 أن ممارسة الرياضة تُحفز إنتاج هرمونات السعادة مثل السيروتونين والدوبامين، مما يقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 40%، كما أن الرياضة تقلل من مستويات التوتر وتحسن جودة النوم، مما يؤدي إلى حياة أطول وأكثر توازنًا نفسيًا.

لكن رغم كل هذه الحقائق، لا يزال الكثيرون يتجاهلون هذه الحقيقة البسيطة: الجسد الذي لا يتحرك يشيخ قبل أوانه، والعضلات التي لا تُستخدم تضمر، ويبقى السؤال: هل سننتظر حتى يخبرنا الأطباء أن حياتنا على المحك لنبدأ في التحرك، أم أننا سنأخذ زمام المبادرة ونبدأ في الاستثمار في صحتنا قبل فوات الأوان؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى