
أهل بدر
محمود عبدالراضي
غزوة بدر، تلك المعركة الفاصلة التي اندلعت في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة، ليست مجرد صفحة من صفحات التاريخ، بل هي قصة ملحمية كتبت بدماء الشهداء، وزُخرفت بتضحيات المؤمنين، ومن خلالها تأكدت حقيقة إيمان الأمة الإسلامية وتصميمها على نصرة الحق.
كان اللقاء في بدر، واحة من صحراء العرب التي تحتضن خيول الحق وركائب الباطل، معركة حاسمة بين جيشين لا يتساويان في العدد ولا العدة، لكن القلوب التي ضربت على إيقاع الإيمان كانت أقوى من كل سلاح.
كان جيش المسلمين لا يتعدى 313 مقاتلاً، في مواجهة جيش قريش الذي تجاوز الألف، ومع ذلك، وقفت عقيدة المسلمين كالجبل أمام رياح الظلم.
وفي فجر يوم بدر، كان الرسول صلى الله عليه وسلم، ذلك القائد الذي لم يكن يملك سوى وعد الله وقوة الإيمان، يقف أمام جيشه من الصحابة كأنهم جذوع شجر لا تميل ولا تنحني.
“اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تُعبد”، كانت تلك دعوة القائد، ليتحقق بعدها ما لا يُصدق؛ إذ انقلبت المعركة رأسًا على عقب بفضل معونة الله، وحسمت بدر لصالح المسلمين، ليصبح ذلك اليوم يومًا للعدل والنصر المؤزر.
لم تكن غزوة بدر مجرد معركة عسكرية، بل كانت امتحانًا للإيمان والصدق في مواجهة التحديات، كانت كلمة الله هي العون، وأرواح الشهداء هي الشهادة الأسمى على أن النصر في النهاية لا يُقاس بالعدد ولا العدة، بل بالإيمان والثبات.
“إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا” كانت تلك الجملة التي تسلحت بها قلوب الصحابة، فاستحقوا النصر، غزوة بدر، من خلال انتصارها، علمتنا أن الحق لا يذهب سدى، وأن التضحية في سبيل الله هي الثمن الأغلى. وما بين رمال بدر وسماء النصر، ارتسمت ملامح أمة جديدة، لن يتوقف سعيها نحو العدل والحرية.
غزوة بدر، ليست مجرد ذكرى تاريخية، بل هي تذكير دائم لنا بأن النصر ليس مجرد معركة عسكرية، بل هو نصر الإيمان في مواجهة الصعاب.
المصدر: اليوم السابع