السينما السعودية تألق مستمر محليًا وعالميًا
عبدالرحمن الأنصاري
إذا ما أردنا أن نصف شهر مايو من 2024 بوصف مناسب له فلا أجد وصفا أنسب من شهر السينما السعودية بامتياز، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو حتى العالمي، إذ شهد هذا الشهر الذي لا نزال نعيش أيامه الأخيرة قفزات نوعية ومميزة لصناعة السينما المحلية، من خلال ما حققته من منجزات لا تكاد تخفى على عين المتابع للمشهد السينمائي محليا وعالميا.
فبداية من الساحل الشرقي هناك على ضفاف الخليج العربي حيث مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء” بمدينة الظهران، عاشت السينما السعودية فصلا جديدا من فصول النجاح والازدهار وهي تحتفل بالعقد الأول لمهرجان أفلام السعودية في نسخته العاشرة، والذي شكل نقطة تحول وانطلاق لصانعي الأفلام والسينمائيين في المملكة منذ تأسيسه، من خلال مساهمته في تعريف الجمهور السعودي والعالمي بالإنتاج السينمائي السعودي، ودوره البارز في تنمية المواهب السعودية في مجال السينما، وخلق بيئة إبداعية داعمة لصناعة الأفلام، علاوة على استقطابه لأكثر من 130 فيلمًا من 31 دولة تنوعت بين الروائية والتسجيلية والقصيرة، لتقدم بانوراما ثرية لصناعة السينما العربية والعالمية.
وغير بعيد عن ذلك، وبعد تألقها محليا، كانت السينما السعودية على موعد مع تألق جديد في أشهر المهرجانات العالمية وأبرزها بمشاركة أول فيلم سعودي طويل في مهرجان كان الدولي في مسابقة “نظرة ما”، من خلال فيلم “نورة” للمخرج توفيق الزايدي، مسجلا حدثا تاريخيا بنفاد جميع التذاكر المعروضة بعد وقت قصير من طرحها وإتاحتها للجمهور، ليصبح حديث المهتمين بالسينما في المهرجان، وليؤكد بذلك التوجهات الرسمية التي قادت الأفلام السعودية عبر الدعم والتمكين للمنافسة في أكبر المناسبات والمحافل العالمية والدولية في مجال السينما.
واستمرارا للحضور السينمائي السعودي البارز في شهر مايو حلّ مؤسس مهرجان أفلام السعودية الأستاذ أحمد الملا ضيفا على جناح منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم الثقافية “الايسسكو” في معرض الرباط الدولي للنشر والكتاب متحدثا عن المشهد السينمائي في الخليج والسعودية، متناولا التجارب والتحديات التي واجهتها، بخاصة تلك التي واجهها شخصيا إبان تأسيسه مهرجانًا للأفلام في بلد لا توجد في سينما من الأساس، ليؤكد من خلال حضوره وتوجيه الدعوة له للحديث عن هذه التجربة في محفل دولي على نضج تجربة السينما السعودية وصعودها بشكل متسارع ومستمر لمصاف السينما العالمية المتطورة.
ولأن مثل هذه القفزات المتسارعة لا يمكن أن تتحقق بدون دعم وتمكين فقد حظيت السينما السعودية في السنوات الأخيرة بدعمٍ كبيرٍ من قبل المسؤولين في المملكة، من خلال إنشاء هيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة، وتخصيص ميزانية كبيرة لدعم مشروعات الأفلام السعودية، لتحقيق مستهدفات رؤية 2030، التي تهدف إلى زيادة الإنتاج المحلي واستقطاب صناع السينما العالميين عبر فتح إمكانات المملكة أمام شركات الإنتاج العالمية وتشجيعها على تصوير أفلامها على أراضيها، حيث كان فيلم “قندهار” الذي تم تصويره في مدينة العلا باكورة هذه الخطوة المؤدية نحو مستقبل واعد لهذه الصناعة.