أحلام البسطاء
عمر غازي
في عالم يضج بالأحلام والطموحات، يبقى للبسطاء أحلامهم المشروعة التي يتطلعون إلى تحقيقها بشغف وأمل، غير أن هذه الأحلام غالبًا ما تبقى حبيسة الأدراج، تتآكلها الأيام، إلى أن تتلاشى في زحمة الحياة.. فهل السبب يكمن في الحظ العاثر، أم هناك عوامل أعمق تساهم في هذا الفشل؟
أحد أبرز الأسباب التي تؤدي إلى وأد الأحلام في مهدها هو غياب التخطيط السليم، فكثير منا يضع أهدافًا كبيرة ومشاريع طموحة دون أن يتبعها بخطط متدرجة وواضحة، هذه الأهداف قد تبدو مغرية، لكنها تحتاج إلى خطوات صغيرة، متتالية، ومدروسة لتحقيقها.
لذا، فإن الاعتماد على الأهداف المتدرجة يمنحنا القدرة على رؤية التقدم المستمر، ويجنبنا الإحباط الذي يصاحب توقف الأمور عند نقطة معينة.
في عصر السرعة، أصبحنا نتوقع تحقيق النتائج بين عشية وضحاها.. ننسى أو نتناسى أن النجاح الحقيقي يتطلب وقتًا وجهدًا وصبرًا، عندما لا تتحقق الأحلام بالسرعة التي نتوقعها، أو بالتوقيت والطريقة التي تحققت بها لغيرنا، نصاب بالإحباط واليأس، ونستسلم بسهولة.. هذا الاستسلام المبكر هو العدو الأكبر الذي يمثل الصخرة التي تتكسر عليها الأحلام، وما ذاك إلا لأن الإيمان بالنجاح هو أولى خطوات تحقيقه، فعندما نؤمن بقدرتنا على الوصول، نصبح أكثر استعدادًا للعمل بجدية لتحقيق أحلامنا، والعمل بالأسباب هو ما يجسد هذا الإيمان على أرض الواقع.
لا يكفي أن نحلم، بل يجب أن نعمل، ونسعى، ونجتهد. ومهما كانت العقبات، فإن الإيمان بأن النجاح حتمي مادام العمل قائمًا هو ما يساعدنا على الاستمرار.
تحقيق الأحلام لا يعتمد فقط على التخطيط والعمل، بل يحتاج أيضًا إلى النضج العاطفي، فالإنسان الناضج عاطفيًا هو من يفهم مشاعره واحتياجاته، ويستطيع التكيف مع التحديات التي يواجهها، وهذا النضج يتيح لنا التعلم من التجارب، وتطوير أنفسنا باستمرار، والرضا في نهاية المطاف بكل الأحوال.
ولعل أهم ما يجب أن يصاحبنا في هذه الرحلة أن نتذكر أن لكل شخص توقيته الخاص، وأن الاستسلام ليس خيارًا، فالأحلام ليست مجرد أمنيات، بل هي مشاريع تنتظر التنفيذ، تتطلب منا العمل الجاد، والإصرار، والتفاؤل.