مفهوم السينما الوطنية
أندرو هيغسون
ترجمة: سمر آل موسى
على الرغم من أن مصطلح “السينما الوطنية” غالبًا ما يُستخدم ليصف الأفلام المُنتجة داخل دولة قومية محددة، فلم تكن أبدًا هذه الطريقة الوحيدة التي استُخدم بها هذا المصطلح، كما أنها، وهذا ما أود قوله، ليست أنسب طريقة يُستخدم بها هذا المصطلح. ومع ذلك، فليس الغرض من هذه المقالة أن تكون بمثابة دراسة أتناول من خلالها أي نموذج ملموس تاريخيًا للسينما الوطنية، وإنما يتمثل الغرض منها في استكشاف بعض تبعات استخدام مصطلح “وطني” في إطار الحديث عن السينما “صناعة السينما وثقافة السينما”، وذلك بالانتقال إلى الرأي القائل بضرورة وضع معايير السينما الوطنية في مكان استهلاك الأفلام بنفس القدر في مكان إنتاجها؛ رأي يركز على أنشطة الجماهير الوطنية والظروف التي تمكنهم من فهم المراد من الأفلام التي يشاهدونها والانتفاع بها. وما دام قد أُشير إلى شكل محدد تاريخيًا من أشكال السينما الوطنية، فسوف تتعلق معظم الأمثلة التي أسوقها بالسينما البريطانية “وبالطبع هوليود”، لكنّي آمل أن يكون كثيرًا مما أقول قابلًا للتعميم على السينمات الوطنية الأخرى، على الأقل تلك الموجودة في غرب أوروبا أيضًا.
خُصّص مفهوم السينما الوطنية بعدة طرق ولعدة أسباب؛ إذ ما من قول واحد حول السينما الوطنية يحظى بقبول عالمي. وعمومًا، بإمكان المرء تلخيص هذه التحركات المتنوعة للمفهوم على النحو التالي. أولًا، ثمّة احتمال لتعريف السينما الوطنية من الناحية الاقتصادية، وإقامة توافق مفهومي بين مصطلحي “السينما الوطنية”، و”صناعة السينما المحلية”، وبالتالي الاهتمام بأسئلة من قبيل: أين صُنعت هذه الأفلام ومن صنعها؟ من الذي يمتلك البنية الأساسية لصناعة الأفلام وشركات الإنتاج وجهات التوزيع ودور العرض ويتحكم فيها؟ ثانيًا، ثمّة احتمال وجود منهج نصّي بشأن السينما الوطنية. وهنا تكمن أسئلة رئيسية مثل: بم تتعلق هذه الأفلام؟ هل تتقاسم أسلوبًا مشتركًا أو نظرة عالمية؟ ما نوع الاسقاطات التي تُجريها على الشخصية الوطنية التي تقدمها؟ وإلى أي مدى تشترك في استكشاف ورعاية وإنشاء فكرة الوطنية في الأفلام نفسها وفي وعي المشاهد؟ ثالثًا، ثمّة احتمال لوجود منهج قائم على العرض أو الاستهلاك بشأن السينما الوطنية، وهنا كان الاهتمام الرئيسي متمحورًا دائمًا حول مسألة معرفة الأفلام التي يشاهدها الجمهور، لا سيما عدد الأفلام الأجنبية، والأفلام الأميركية التي تحظى عادة بتوزيع قوي داخل دولة قومية معينة، وهي مسألة تُصاغ عمومًا من حيث القلق بشأن الإمبريالية الثقافية. رابعًا، هناك ما قد يكون معروفًا باسم “منهج السينما الوطنية القائم على النقد”، والذي يستهدف حصر نطاق السينما الوطنية من حيث السينما ذات الجودة الفنية، وهي سينما ذات جدارة ثقافية منغمسة في تراث ذي ثقافة عالية أو تراث حديث خاص بدولة قومية محددة، بدلًا من تلك التي تروق رغبات وأوهام الجماهير الشعبية.
بعبارة أخرى، كثيرًا ما يُستخدم مفهوم السينما الوطنية إلزاميًا بدلًا من كونه وصفيًا، حيث يبين ما يفترض أن تكون عليه السينما الوطنية بدلًا من وصف التجربة السينمائية الحقيقية لعموم الجماهير. وكما أشار جوفري نويل سميث، فدائمًا ما يكون هناك نوع من النضال الذي يمكننا من التعرف على النماذج الشعبية باعتبارها جزءًا مشروعًا من الحياة الثقافية الوطنية.
في حال كان هناك بعض الطرق التي يستخدم بها مصطلح السينما الوطنية، فما هي العمليات التي بها، وما هي الظروف التي بموجبها، يطلق على الطريقة المعينة لممارسة الفيلم أو النطاق الخاص للممارسة النصية أو مجموعة خاصة من الممارسات الصناعية اسم السينما الوطنية؟ وفي الحقيقة، ما الذي ينطوي عليه استحضار فكرة الوطنية أو الثقافية أو غير ذلك. بعبارة أخرى، ما الذي ينطوي عليه طرح فكرة الوطنية أو الهوية الوطنية؟
يُعد تعريف السينما الوطنية في المقام الأول تحديدًا للانسجام والوحدة وهو إعلان عن هوية مميزة ومجموعة ثابتة من المعاني. وبالتالي، فإن عملية تحديد الهوية هي دائمًا عملية هيمنة أسطورية تنطوي على كل من إنتاج وتخصيص مجموعة محددة من المعاني ومحاولة احتواء المعاني الأخرى أو منع انتشارها المحتمل. وفي الوقت ذاته تم تحريك مفهوم السينما الوطنية بشكل دائم كاستراتيجية للمقاومة الثقافية (والاقتصادية)، وهي وسيلة لتأكيد الذات الوطنية في مواجهة السيادة الدولية لهوليود.
إن عملية صناعة الأساطير القومية ليست ببساطة عملية خادعة «أو استثنائية» للإنتاج الفكري، وإنما في الوقت ذاته هي وسيلة إعداد جهة واحدة من الصور والقيم مقابل غيرها والتي كثيرًا ما تهدد بالتغلب على الأولى. ويكون للبحث عن هوية مستقرة ومميزة بعض الفائدة كما يكون لتأكيد الخصوصية الوطنية حينها بعض المعنى. فهي ليست حيلة أيديولوجية، رغم أنه يجب الاعتراف بأنها كذلك على الدوام. ويمكن فهم تاريخ السينما الوطنية فقط باعتباره تاريخًا من الأزمة والصراع والمقاومة والتفاوض، بل أيضًا بطريقة أخرى، هو تاريخ من الأعمال التي تسعى لاكتساب خطى راسخة في السوق، مما يتيح تعظيم المكانة الثقافية للأمة في نفس الوقت. وفي هذه المرحلة، يمكن اختزال سياسات السينما الوطنية في استراتيجية تسويق، محاولة لتسويق التنوع، بحيث تقدم تجربة مترابطة وفردية. وكما اقترح توماس إلسايسر، فقد كان للسينمات الوطنية وظيفة عامة دوليًا: يحدد الفيلم الفرنسي أو السويدي أو الإيطالي أفقًا مختلفة للتوقعات بالنسبة للجمهور العام، ويعد شرطًا لأغراض التسويق . وهي محاولة إقامة صورة روائية عامة، أو أفق خاص للتوقعات، التي في خطر.
ربما توجد طريقتان مركزيتان من الناحية المفاهيمية لإقامة أو تحديد الترابط الصوري، ونوعية السينما الوطنية. أولًا ثمّة طريقة لمقارنة وتباين سينما واحدة بالنسبة لأخرى، والتي بها تحدد درجات الاختلاف فيما بينها، وثانيًا هناك ما يطلق عليه عملية أكثر تطلعًا من الداخل، تستكشف سينما وطنية فيما يتعلق بالاقتصاديات والثقافات الموجودة بالفعل لتلك الدولة القومية.
تمثل أولى هاتين الطريقتين، المُستخدمتين لتعريف السينما الوطنية، المبدأ السينمائي لإنتاج المعنى والهوية من خلال الاختلاف. كما تتمثل مهمتها في محاولة إقامة هوية سينما وطنية واحدة من خلال علاقتها بالسينمات الوطنية الأخرى واختلافها عنها؛ فالسينما البريطانية هي كما هي بفضل كونها ليست سينما أميركية أو فرنسية أو ألمانية أو غيرها، وقال إلسايسر مرة أخرى «تحاول الدول الأخرى إبقاء نفسها على الطريق مدعومة بالمنافسة، وتُعد ألمانيا الغربية مثالًا على ذلك، ولكن تؤثر تلك التبعات على جميع الدول النامية التي يعتمد حسها على الحاجة إلى الحفاظ على علامات الاختلاف والأسواق مقابل المنتجات الخاصة بأعمال الترفيه الدولي». وإلى حد ما، فإن عملية تعريف السينما الوطنية وإقامة نوع ما من الهوية الفريدة والمكتفية ذاتيًا، تأخذ المعنى في سياق لعب الاختلافات والهويات المفاهيمية، وكما قال بينيديكت أندرسون، لا يمكن تصور الأمم إلا في خضم التعددية غير القابلة للإصلاح في الأمم الأخرى».
وفي إطار هذا النقاش، تعتبر السينما نفسها من المسلّمات، وتتمثل مهمتها في التفريق بين مجموعة متنوعة من أنماط الممارسة السينمائية المشكّلة وطنيًا والإشارات والمعاني التي تنتج سينمائيًا. وتمثل هذه العملية إشكالية بشكل متزايد كلما شهدت السينما تطورًا في إطار اقتصادي يتّسم بالملكية الدولية وتداول الصور والأصوات. ولذلك يلزم اختبار الإفراط في تحديد هوليود في المجال الدولي. وأعني بهوليود إضفاء الطابع المؤسسي الدولي على بعض المعايير والقيم في السينما من حيث كل من توقعات الجمهور والأفكار والممارسات المهنية وإقامة بنية أساسية للإنتاج والتوزيع والعرض والتسويق واستيعاب وتنظيم وإنتاج تلك المعايير والقيم. وبما أن الفترة الكلاسيكية بهوليود ونظام الأستوديو الخاص بها قد اختفت، أي كانت النبوءات حول نهاية السينما في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات كانت السينما وهوليود في أواخر الثمانينيات لا زالت حية وكانت المكون الرئيسي في أعمال الترفيه الجماهيري دوليًا. وهذا هو عصر صالات العرض المتعددة، والاتفاقات الشاملة، والأفلام المكتسحة بل أيضًا إحياءً لسينما «الجنرا» والأفلام التسلسلية حتى لو لم يعد الموقع ونظام التقديم مسرحيًا بشكل أساسي.
لم تعمل هوليود أبدًا كمصطلح واحد ببساطة في إطار نظام الفروق المتساوية، وليست هوليود فقط السينما الأقوى دوليًا بل كانت أيضًا على مدى العديد من السنوات جزءًا أصيلًا ومتجانسًا مع الثقافة الوطنية أو التصور العام، في العديد من الدول التي تكون فيها السينما نموذج الترفيه المقدم. وفي عبارة أخرى، أصبحت هوليود واحدة من تلك التقاليد الثقافية التي تدعم السينمات الوطنية، على سبيل المثال في دول أوروبا الغربية. بالكاد تعتبر هوليود كغيرها من الدول حيث إن ثقافة الأفلام في أي دولة هي هوليود ضمنيًا». وبما أن كل منهما جزء طبيعي من الثقافة الوطنية، وحيث إنها مختلفة بشكل واضح أو حتى نادرة، وهكذا تمثل هوليود نمطًا مضاعفًا من الخيال الشعبي، ومن ثم تعتبر النزعة الطبيعية للتخلص منها هروبًا.
حاول جوفري نويل سميث أن يضع في الاعتبار الجاذبية التي تحظى بها الأفلام الأميركية في السوق البريطانية على النحو التالي، ووضع في الاعتبار أن يستخدم ذلك جزئيًا على الأقل على السينمات الوطنية الأخرى أيضًا:
كان التاريخ الخفي للسينما في الثقافة البريطانية وفي الثقافة العامة بشكل خاص هو تاريخ الأفلام الأميركية المعروف لدى الجمهور البريطاني. ولم تكن قوة السينما الأميركية أبدًا اقتصادية فقط.. كما كان السبب الأساسي لهيمنة هوليود سببًا فنيًا وثقافيًا. لقد وضعت السينما الأميركية في المقام الأول أنها معروفة في أميركا حيث قدمت تنوعًا كبيرًا واستهدفت الجمهور المهاجر بشكل كبير. وقد ساعدها ما جعلها معروفة في الوطن أن تكون معروفة بالخارج. وتميل أيديولوجية السينما الأميركية إلى أن تكون أكثر ديمقراطية منها في الدول الأخرى، وهذا يعكس بشكل جزئي الانفتاح الفعلي للمجتمع الأميركي، ولكنها قبل كل شيء استراتيجية بلاغية تستهدف إقناع الجمهور بفضائل ومزايا أن تصبح أميركي الجنسية. وبترجمة هذا من حيث مجال التصدير، فإنه يعني إبراز أمريكا باعتبارها تحظى بجاذبية شديدة وإن كانت بعيدة. وعند مقارنتها بالأفلام الأميركية بنفس الفترة، تظهر النسخ البريطانية مقيدة وخانقة، وخاضعة لنماذج فنية من الطبقة الوسطى وبقيم الطبقة الوسطة والعليا.
بدت مزاعم نويل سميث أحيانًا مبالغ فيها . حيث قال، على سبيل المثال، إن السينما البريطانية لم تكن أبدًا شعبية حقًا في بريطانيا ، متجاهلًا بذلك نجاح إيرادات التذاكر «البوكس أوفيس» على مدار أعوام متعددة لنجوم بريطانيين، وأفلام وأجناس ودوراتن أفلام. كما تعد المجادلة من منظور الجمهور البريطاني المعمم والموحد هو تجاهل الفروق الطبقية والعرقية والجنسانية والإقليمية.
ورغم ذلك، بدت إعادة تقييم نويل سميت للأفلام الأميركية من حيث جاذبية التطلعات الديمقراطية الواضحة مفيدة، وكبداية يزيل ذلك فكرة أن نجاح البوكس أوفيس الأمريكي في الأسواق الأجنبية ناتج فقط عن التلاعب في التسويق والتحكم الاقتصادي الشديد، وعلاوة على ذلك، يتحدى ذلك الهجمات التقليدية المتحفظة والراديكالية على الحضارة الأمريكية من خلال الإشارة إلى الطريقة التي باندماجها في تشكيل الثقافة البريطانية يوسع الذخيرة الثقافية المتاحة للجمهور. وكما اقترح توني بينيت، أن الحجة القائلة بأن أميركا متورطة بشكل من الأشكال في الإمبريالية الثقافية، رغم كون ذلك بلا معنى، تفتقد الكثير من التناقض الأساسي لأثر الثقافة الشعبية الأميركية في بريطانيا والتي كانت إيجابية من عدة جوانب وخصوصًا في توفير ذخيرة من الأساليب الموارد الثقافية، والتي، بطرق مختلفة تم جمعها بوعي ضد الهيمنة الثقافية للنخبة البريطانية التقليدية.
تم دمج الخطاب الديمقراطي والشعبوية في التنظيم الرسمي للفيلم الأميركي، مع دافع سردي قوي وديناميكي نحو التحقيق الفردي، رغم أن ذلك يشير أيضًا إلى قيود الخطاب حيث يتم التعبير عن المشكلات وحلها بشكل دائم فقط فيما يتعلق بالفرد في إطار النظام الأبوي الممول الذي لم يتغير بشكل كبير.
وعلاوة على ذلك، تربط سينما هوليود الكلاسيكية بشكل تقليدي الهيكل السردي لتحقيق الجاذبية الرومانسية لتشكيل زوجين من أجناس مختلفة ويضع الشكل السردي في صورة مرئية تثبت أن المشهد وتنظيم المشهد والمشاهدة ممتعة للغاية، وفي إطار السياق المادي لمشاهدة الفيلم والتي تؤكد عملية التخيل. وبشكل عام يميل هذا الشكل إلى إشراك المشاهد بالكامل في سلسلة معقدة من التعريفات بتجاهل تام لجنسية المشاهد «بالإضافة إلى عرقه وجنسه»، وكثيرًا ما يكون شكل النجم الذي يجمع بين تلك الاستراتيجيات المختلفة السردية والبصرية والتعريفية. ولا يقترح من ذلك أن العديد من الأفلام البريطانية على سبيل المثال لا تعمل وفقًا للنظام الرسمي ذاته، ولكن بشكل عام، من المقبول أن صناع الأفلام الأميركية قد ابتكروا واستخدموا واستغلوا هذا الشكل من صناعة أفلام مسبقًا وبثبات أكثر عن نظرائهم البريطانيين الذين عملوا مع مجموعة مختلطة أكثر بكثير وما تسمى البدائية وطرق التمثيل المتنوعة مقارنة بهوليود حيث أصبحت طرق التمثيل ذات طابع مؤسسي بحلول عام 1917.
كما أنه من المقبول عمومًا أن لهوليود موارد يفتقر إليها منتجو الأفلام البريطانية لاستخدامها الجاذبية المحتملة لطرق التمثيل المؤسسية. ولذلك، لم تستطع أبدًا السينما البريطانية الحفاظ على النظام النجمي على نفس المقياس المبهر كما فعلت هوليود لفترات طويلة من الزمن، لا سيّما وأن هوليود قد رغبت في الاستعانة بنجوم بريطانيين في أفلامها، وبذلك تزيد من دعم الجمهور البريطاني لتلك الأفلام.
إذا حصرنا النقاش على إنتاج الأفلام، فمن المنطقي في هذا السياق التحدث عن السينمات الوطنية باعتبارها أنشطة غير قياسية وهامشية. وبالطبع يتمثل أحد أجزاء هذه المشكلة في مفارقة أنه كي تحظى السينما بشعبية وطنية ينبغي أن تكون دولية في نطاقها. ويعني هذا أنها يجب أن تحقق المعايير الدولية الهوليودية.
وإلى حد كبير فهي أفلام الموزعين الأميركان الذين حققوا نجاحًا كبيرًا في البوكس أوفيس، ولذلك على صناع الأفلام الحائزين على شعبية البوكس أوفيس أن يصدروا معيارًا عند ممارسته يعني التحالف مع أنظمة التمويل بهوليود ومراقبة الإنتاج والتوزيع والتسويق. وينبغي أن تكون أي وسائل بديلة لتحقيق النجاح الشعبي الوطني، كي تكون صحيحة اقتصاديًا، مُتصورة على نطاق دولي، والتي تكون شبه مستحيلة بالنسبة لصناعة الأفلام الوطنية ما لم يكن لها سوق محلية كبيرة بشكل خاص، كما هو الحال في صناعة الأفلام في بومباي. وتكمن الصعوبة هنا في تحقيق نوع ما من التوازن بين الأهداف غير المتوافقة الواضحة للسينما الوطنية، لتكون صحيحة ولكن بدافع ثقافي “لتكون وطنية: فيما يتعلق أساسًا بالصناعة الدولية.
تاريخيًا، على الأقل في دول أوروبا الغربية، ثمّة حل واحد أساسي لهذه المشكلة، وهي استراتيجية مركزية لمحاولة التوفيق بين الأمور غير القابلة للتسوية والمحافظة على نموذج النوعية الثقافية الوطنية وتحقيق درجة نسبية لإمكانية الرؤية الدولية والاستحقاق الاقتصادي: إنتاج سينما فنية، وهي سينما وطنية ذات جودة «مدعومة من الدولة بطرق مختلفة». وكما قال ستيف نيال، لعبت السينما الفنية دورًا رئيسيًا في المحاولات التي تمت من قبل عدد من الدول الأوروبية لمواجهة الهيمنة الأميركية على أسواقها المحلية بالنسبة لصناعة الأفلام، وكذلك تعزيز صناعة الفيلم وثقافة الفيلم الخاصة بهم. وتم حشد النقاشات المتعلقة بالفن والثقافة والجودة والهوية الوطنية والمواطنة تاريخيًا مقابل أفلام الترفيه الجماهيري بهوليود، كما تُستخدم لتبرر الأنظمة الاقتصادية الوطنية الخاصة للدعم والحماية.
إلا أن هناك نقطتين إضافيتين يجب مراعاتهما، أولًا، هذه حالة أخرى لعمومية إنتاج الفيلم الوطني داخل موقع السوق الدولية حيث إن سوق سينما الفن هو حقًا دوليًا وفقًا للقرار، كما في مجموعة المهرجانات السينمائية وممارسات المراجعة، بالإضافة إلى غيرها من الوسائل الأخرى لتحقيق سمعة جيدة من الجانب الثقافي الدولي أو المحلي لهذه الأفلام. وثانيًا، ربما لا يكون الموقف محددًا جدًا مع كل ما سبق «نظرًا لزيادة الميل إلى الأفلام ذات الإنتاج المشترك دوليًا» بشكل دائم مع مشاركة إحدى شبكات التليفزيون الوطنية ذات الحد الثابت أو غيرها وتطوير نماذج الدعم والحماية الانتقالية للصناعة وحمايتها دخل المجتمع الأوروبي.
ومع ذلك حققت السينمات الفنية الدولية المتنوعة بشكل نادر نجاحًا شعبيًا وطنيًا لأسباب منها أنماط التعامل والتناسق الدولي الهوليودي على مستوى التوزيع والعرض والتسويق. وفي الحقيقة، بالنسبة لصناعة الأفلام البريطانية، نُظمت أذرع التوزيع والعرض لهذه الصناعة بشكل أساسي لتعزيز هيمنة السوق البريطانية بواسطة الأفلام الشعبية الأمريكية وتمديدها وتوحيدها. ولذلك أصبح لدي الأستوديوهات الأميركية الكبيرة شركات توزيع خاصة بها تعمل في بريطانيا، بينما أقامت الشركات البريطانية الكبيرة علاقات وثيقة مع المنتجين الأميركان والموزعين الذين كثيرًا ما يكون لهم مصالح مالية كبيرة في الشركات البريطانية. ووجدت الشركات البريطانية هذا النوع من التعاون ضروريًا منذ تنظيم صناعة الأفلام الأميركية بشكل أفضل قبل صناعة الأفلام البريطانية.
كما كانت قادرة على تبني السياسات الإمبريالية مع بعض النشاط وتخفيض رسوم الموزعين المحليين، منذ دخولهم إلى السوق البريطانية بعد معرفة أن التكاليف قد تم استردادها بالفعل من السوق المحلية الأمريكية الكبيرة .
بعبارة أخرى، إن تأثير هوليود على الأسواق المحلية دائمًا أكثر بكثير من مشكلة الفقر أو النخبوية في صناعة الأفلام المحلية. ويشير هذا إلى أنه يلزم استكشاف السينما الوطنية ليس فقط فيما يتعلق بالإنتاج بل أيضًا فيما يتعلق بمشكلات التوزيع والعرض والجمهور والاستهلاك داخل كل دولة. واليوم، الفكرة أن هوليود والتليفزيون، أصبحت جزءًا من التصور الشعبي لجمهور السينما البريطانية الذي يحتاج مراعاته بشكل جدي.
وعلى سبيل المثال أصبح تعريف السينما الوطنية من خلال مقارنة السينما الوطنية بغيرها وحده لا يكفي، كما نحتاج أن نأخذ في الاعتبار الطريقة الرئيسية الأخرى لتعريف السينما الوطنية، واقتراحي هو الوسائل الأكثر تطلعًا إلى الداخل توضح أن السينما الوطنية ليست باختلافها عن غيرها من السينمات بل بعلاقاتها بالهوية الوطنية والسياسية والاقتصادية والثقافية الموجودة بالفعل «بقدر ما يمكن إقامة هوية واحدة متماسكة ومجموعة من التقاليد». وبهذه الطريقة تعرف السينما البريطانية من حيث الخطابات الراسخة حول الانتماء البريطاني المعد بالفعل من خلال تحويل نفسه حول التشكيل التاريخي والثقافي، والأيديولوجيات المعرفة للهوية الوطنية والانتماء الوطني بدلًا من الإشارة إلى السينمات الوطنية الأخرى، مع الوضع في الاعتبار دائمًا أنه يجوز أن تكون هوليود نفسها جزءًا لا يتجزأ من التكوين الثقافي.
على أحد المستويات، من حيث الاقتصاد الثقافي، فإن السينما الوطنية هي هيكل صناعي خاص ونمط ملكية وتحكم في المصانع والعقارات والموارد البشرية ورأس المال ونظام تشريع بالدولة يحدد جنسية هذه الملكية الخاصة بالإنتاج بشكل أساسي. وتعتمد القوة الاقتصادية النسبية لصناعة الأفلام الوطنية على الدرجة التي يندمج فيها الإنتاج والتوزيع والعرض ويتم تنظيمها وتزويدها ورسملتها فنيًا، وكذلك حجم السوق المحلية ودرجة اختراق الأسواق الخارجية. وعلى مستوى الإنتاج، نحتاج أن نأخذ في الاعتبار كلًا من الوسائل وطرق الإنتاج المستخدمة «تنظيم العمل من حيث أنظمة الإدارة، وتقسيم العمالة والمنظمات المهنية والأيدولوجيات وتوفر التكنولوجيا وغيرها»، وكذلك قدرة المنتجين على الوصول إلى كل من الأسواق الخارجية والمحلية.
من المهم كذلك إدراك أنه حتى السوق المحلية ليست متجانسة، وغالبًا ما تقصر شركات الإنتاج نفسها عمدًا على مناطق محددة للاستخدام وخصوصًا عند مواجهتها بسيطرة الموزعين الأمريكيين بالخارج على البوكس أوفيس. في عدة حالات، تعتبر المناطق المحدودة للاستخدام هامشية «وهي قابلة للربح هامشيًا» من قبل هوليود “الأفلام منخفضة الميزانية والأفلام المصنوعة بشكل أساسي للسوق المحلية بدلًا من التصدير والسينما الفنية وغيرها”.
يجدر التأكيد مرة أخرى على دور الدولة وشروط تدخلها في ممارسات صناعة السينما، وتحديد معايير وإمكانيات السينما الوطنية «كمؤسسة صالحة اقتصاديًا وبدوافع ثقافية»، وعلى الأقل منذ منتصف العقد العاشر من القرن العشرين، عندما بدأت الحكومات في الاعتراف بقوة السينما الأيديولوجية الممكنة وقد تبدو السينما نفسها مثل نموذج ثقافي وطني ومؤسسة لديها وظيفة تأميم. ولكن من المهم أيضًا الاعتراف بأن الدولة تتدخل فقط عند الشعور بالخوف من القوة الممكنة للسينما الأجنبية وخصوصًا عند تعميم المنتجات وبالتالي الايديولوجيات والقيم داخل الأمة ومن المفترض أن يكون لها أثر ضار على اقتصاد تلك الأمة. بعبارة أخرى، في حين أنه من المفيد من الناحية المفاهيمية عزل سينما وطنية واحدة، فمن الضروري أيضًا أن يتم رؤيتها بالنسبة للسينمات الأخرى.
وينطبق الأمر ذاته بالطبع عندما نتناول الهوية الوطنية الخاصة بسينما وطنية معينة. وفيما يلي المجالات التي نحتاج إلى الاطلاع عليها؛ أولًا، المحتوى أو موضوعات الأفلام والتي يتم تمثيلها خاصة عند بناء الشخصية الوطنية، والخطابات السردية والدرامية السائدة، والتقاليد السردية والمواد المصدرية الأخرى التي يعتمدون عليها «وخاصةً الدرجة التي يعتمدون فيها على ما تم إنشاءه كثروة قومية أو أدب أو مسرح أو خلاف ذلك- وبعبارة أخرى، الطرق التي تدخل السينما نفسها عبر الممارسات الثقافية الأخرى والوسائل التي تعتمد عليها في التواريخ الثقافية الحالية والتقاليد الثقافية الخاصة بالأمم المنتجة، وإعادة تشكيلها في المصطلحات السينمائية وتخصيصها لبناء تقاليدها العامة. ثانيًا، هناك مسألة الإحساس أو بنية الشعور أو نظرة العالم الموضحة في تلك الأفلام. وثالثًا، هناك مساحة من أسلوب تلك الأفلام وأنظمة التمثيل الرسمية الخاصة بها «نماذج السرد والتحفيز التي تستخدمها وإنشاء الفضاء ومراحل العمل ووسائل بنائها للسرد والوقت وطرق الأداء التي تستخدمها وأنواع المتعة البصرية والمشاهد والعرض التي تشارك فيه»، وكذلك وسائل المعالجة وإنشاء الموضوعية «وخصوصًا درجة مشاركتها في صناعة الخيال وتنظيم معرفة الجمهور».
وبالنظر إلى السينما من حيث الهوية الثقافية، فيلزم أيضًا الانتباه للعمليات التي يتم تحقيق التجانس الثقافي بها داخل الدولة القومية والاطلاع على العلاقات الداخلية للتنويع والتوحيد وقوة تأسيس جانب خاص واحد من التشكيل الثقافي الجماعي كمهيمن سياسي ولتوحيدها وجعلها طبيعية. وكثيرًا ما استندت الروايات التاريخية في السينمات الوطنية إلى أفكار لا شك فيها للانتماء للوطن وإنتاجها، ويمكن البحث عن هوية وطنية مستقرة ومتماسكة فقط وتكون ناجحة فقط من خلال قمع الاختلافات والتوترات والتناقضات الداخلية مثل الاختلافات في الطبقة والعرق والجنس والمنطقة وغيرها. من المهم أيضًا الانتباه إلى النقلات التاريخية في إنشاء الانتماء الوطني والهوية الوطنية: دائمًا ما يكون الانتماء للوطن صورة أنشئت تحت ظروف خاصة وحقًا يمكن أن يعود الانتماء للوطن نفسه باعتباره مفهوم في الحس الحديث إلى أواخر القرن الثامن عشر. ويضع التاريخ كما قال بينيديكت أندرسون «أنه الأساس اللازم للسرد الوطني».
وكما اقترح ستيفين هيث «الانتماء للوطن ليس هبة، فهو دائمًا ما يكون شيء يمكنك اكتسابه»، تحتاج السينما إلى أن نفهمها كواحدة من الوسائل التي تكسب الإنسان الانتماء للوطن. ولذلك دائمًا ما تشارك تعريفات السينما الوطنية، على سبيل المثال، من جانب، إنشاء التجانس التخيلي للهوية والثقافة، وهي هوية وطنية يمكن تحقيقها بالفعل، ويتم مشاركتها بشكل واضح من خلال جميع الموضوعات البريطانية، وعلى الصعيد الآخر، تثمين مفهوم خاص جدًا للسينما الوطنية والذي يضم تجاهل كامل لمجالات التاريخ السينمائي البريطاني. وفي كل حالة، يتم تفعيل عملية الإدماج والاستبعاد، وهي عملية يتم من خلالها تركيز شيء واحد، وفي الوقت ذاته تهميش شيء آخر بالضرورة، وهي عملية يتم فيها تمثيل اهتمامات مجموعة اجتماعية خاصة كاهتمام وطني أو جماعي، منتجًا ما أطلق عليه أندرسون المجتمع المتخيل للأمة.
إن إعلانات السينما الوطنية هي جزئيًا نموذج واحد للاستعمار الثقافي الداخلي: وهو بالطبع وظيفة المؤسسات، وفي هذه الحالة وظيفة السينمات الوطنية هي الجمع بين الخطابات المتنوعة والمتناقضة والتعبير عن وحدة متناقضة ولعب دور في العملية المالية لتحقيق الإجماع واحتواء الاختلافات والتناقضات. وفي هذه الحالة يجب دائمًا أخذ حالة التناقض هذه في الاعتبار في أي مناقشة خاصة بالسينما الوطنية. ولا تعكس السينما أبدًا أو تعبر ببساطة عن الهوية والثقافة الوطنية المتجانسة والمشكلة بالكامل، كما لو كانت ملكية غير مهملة لجميع الرعايا الوطنية، وبالتأكيد لا تمنح الامتيازات إلا لمجموعة محدودة من أوضاع الرعايا والتي بها تصبح طبيعية ومستنسخة باعتبارها المواقف الشرعية الوحيدة للرعايا الوطنية. ولكنها بحاجة إلى اعتبارها على أنها تعمل بنشاط لبناء الموضوعية فضلًا عن التعبير ببساطة عن هوية ممنوحة مسبقًا.
وإذن السينما الوطنية هي مشكلة معقدة، ويمكنني القول إنها غير كافية لتقليل دراسة السينمات الوطنية فقط بالنظر إلى الأفلام المنتجة بواسطة دولة قومية خاصة أو بداخلها، ومن المهم الأخذ في الاعتبار ثقافة الفيلم بالكامل والمؤسسة الكاملة للسينما ومعالجة المشكلات التالية:
– مجموعة أفلام منتشرة داخل الدولة القومية ومنها الأفلام الأمريكية والأفلام الأجنبية الأخرى وكيف أُخذت إلى مستوى العرض؛ في العصر الحالي، بالطبع أن الأفلام المعروضة والمنتشرة أو المقدمة بعدة طرق والتي ليست معروضة فعليًا في السينمات «السينمات متعددة البث وسينمات مركز المدينة وسينمات بيت الفن وغيرها»: فهي تتوفر على شرائط فيديو ومن خلال وسائل بث متنوعة وعلى التلفزيون باعتبارها أفلام، ولكنها أيضًا موجودة ومعاد تدويرها في الحضارة الشعبية بشكل متبادل باعتبارها أيقونات ونقاط مرجعية ومعايير ومجموعات.
– مجموعة الجماهير المحددة اجتماعيًا لأنواع مختلفة من الأفلام وكيف يستخدم الجمهور هذه الأفلام في ظروف العرض الخاص، وهذا للقول أننا نحتاج إلى الانتباه ليس فقط لممارسات القراءة التاريخية وطرق المشاهدة والموضوعية والآلية العقلية والقوة الثقافية النسبية أو كفاءات القراءة لفئات مختلفة من الجمهور، بل أيضًا تجربة السينما في وضع ثقافي أكثر عمومية: مثل دور التسويق وتوقعات الجمهور، والأسباب التي تجعل جمهور محدد يذهب إلى السينما، والمتعة التي تحدث لهم بسبب هذا النشاط، والطبيعة المحددة للتجربة الاجتماعية والمجتمعية للسينما، والمتباينة وفقًا للطبقة الاجتماعية والعرق والجنس والسن وغيرها. ودور التلفزيون والفيديو في الوساطة ونقل التجربة السينمائية، وكذلك التجارب المختلفة المقدمة من أنواع متنوعة من ساحات العروض المسرحية. ومن الجدير بالذكر من وجهة نظر المؤرخين الاقتصاديين، مثل دوجلاس جومري، أنه يمكن النظر إلى صناعة الفيلم المشار إليها بدرجة عالية من الاندماج الرأسي والأفقي بأنه ليس أكثر أو أقل من دوائر سينمائية شديدة التنوع، حيثما يكون الإنتاج بالضرورة صناعة عالية المخاطر، وحيثما تكون السينمات مواقع ترفيهية للاستهلاك أو الدعاية لسلع بخلاف الأفلام وباعتبارها مواقع لتجربة خيال مشاهدة الأفلام.
– نطاق وعلاقة النقاشات المتداولة حول الفيلم داخل التكوينات الثقافية والاجتماعية وإمكانية وصولها النسبي إلى الجماهير المختلفة. ومن ضمن الأمور الحاسمة في هذه الخطابات هو التوتر، من جانب، بين تلك النقاشات العقلية التي تصر على أنه يجب أن تكون السينما الوطنية المناسبة واحدة من تلك التي توحي بحالة من الفن «ولذلك تلتزم بالتعريفات السائدة الحالية للسينما كنموذج فني»، والخطابات، من منظور طبقي معين، ترفض السينما الشعبية بهوليود لأنها ضعيفة ثقافيًا، وعلى الصعيد الآخر، تلك الخطابات الأكثر شعبية، حيث إنها في الواقع فكرة ترفيه جيدة تتخطى المشكلات الخاصة بالفن والانتماء الوطني.
ويشير هذا النقاش الأخير إلى أن السينما لا يمكن أن تكون إلا وطنية فقط، وتجتذب الجمهور الشعبي الوطني في حال كانت السينما من نوع الإنتاج الضخم، قادرة على إنشاء واستنساخ وإعادة تداول الأساطير الشعبية على نطاق واسع ومفصل وبرأس مال جيد ونظام تمويل جيد لاستخدامه في السوق. ومرة أخرى يجب الاهتمام بدور التليفزيون حيث إنه أحد العوامل التي تنشئ وتحفظ وتنظم ثقافات الأفلام ويمكن الوصول إلى النقاشات المقدمة حول السينما بصورة أكبر أو أقل.
ويعني استكشاف السينما الوطنية من هذا الجانب وضع تركيز أكبر على نقطة الاستهلاك وعلى استخدام الأفلام «الأصوات والصور والروايات والخيال» أكثر من نقطة الإنتاج. ويضم هذا نقل التركيز بعيدًا عن تحليل نصوص الفيلم باعتبارها أدوات للتعبير عن المشاعر الوطنية والاستجواب للمُشاهد الوطني الضمني، إلى تحليل كيف ينشئ الجمهور الوطني الهوية الثقافية فيما يتعلق بالإنتاج المتنوع من صناعة الأفلام الوطنية والدولية والتليفزيون والظروف التي تم تحقيق ذلك من خلالها.
تتصف الدراسات الحالية لحالة الفيلم بالتوتر بين أولئك الذين يعملون على الاقتصاد السياسي للسينما وأولئك الذين يحللون حالة بناء النص “textuality” ويحققون فيه والمشاهد المحتمل ومن خلال ما يقابله من غياب الكثير من العمل عن الجماهير الفعلية بما يتجاوز الاطلاع على الخطابات النقدية. اقترح بوردويل وستايجر وتومبسون أكثر شكل مقبول للعلاقة أو الوساطة بين الاقتصاد السياسي والنص من حيث نوع علم اجتماع المنظمات والأيدولوجيات المهنية.
وبوضوح، يوجد شيء ما قد يكون مثمرًا يتم اكتشافه فيما يتعلق بالسينمات الوطنية الأخرى، ولكنه لا يساعد حاليًا في سد الفجوة بين التحليل النصي وتحليل الخطاب النقدي في صيغة مطبوعة والمسافة الواسعة للجمهور الشعبي للفيلم ومسألة أن الجماهير يجب أن تكون حاسمة في دراسة السينمات الوطنية. فلما تكون السينما الوطنية ما لم يكن هناك جمهور وطني؟
المصدر: سوليوود