لغة الإشارة في السينما
محمد الخالدي
تشهد صناعة السينما تطورات لافتة على مستوى العالم، مع الكم الهائل من الأفلام المنتجة، يُتاح لسكان العالم الاستمتاع بها، باستثناء 70 مليون أصم في كل أنحاء العالم؛ بالنظر إلى أنّ معظم الأفلام والأعمال الدرامية لا يُجرى ترجمتها إلى لغة الإشارة، إلا في الحالات النادرة.
في شهر يوليو الماضي، تابعنا مبادرة مصرية تحت عنوان «خطوات سينمائية»، استهدفت تنظم برنامج عروض سينمائية للصم وضعاف السمع، وهي الخطوة التي لقيت استحسان المجتمعات العربية التي رأت نورًا يسطح لهذه الفئة المحرومة من الإنتاج الفني والإبداعي.
تشير إحصاءات الاتحاد العالمي للصم إلى انتشار 80% من الصم في أنحاء العالم يتركزون في البلدان النامية، ويستخدمون أكثر من 300 لغة إشارة، وهو ما يحتاج وقفة جادة من القائمين على صناعة السينما لمنح هذه الفئة جزءًا من اهتمامهم، والعمل على ترجمة جزء من منتجاتهم إلى لغة الإشارة.
الأمر يحتاج إلى عمل منظم ومدروس وتعاون جماعي لإتاحة الأفلام السينمائية المحلية والأجنبية لعدد أكبر من ذوي الإعاقات السمعية مترجمة إلى لغة الإشارة، بالإضافة إلى إطلاق منصة إلكترونية مجانية للفيديو تخاطبهم وتوفر عناصر الترفيه لهم، وهو العمل الذي يحقق المسؤولية الاجتماعية لقطاعات صناعة السينما العربية.
على سبيل المثال، فإن قرابة 10% من الصم والبكم في العالم يعيشون في مصر بواقع 7.5 مليون مصري، بحسب الاتحاد العالمي للصم، وهذا العدد الضخم بحاجة إلى وقفة جادة لتوفير حقهم في الترفيه السينمائي.
بنظرة أخرى تجارية، فإن عدد الصم في المجتمعات العربية، لا سيما في السوق المصرية، ضخم للغاية؛ وهو ما يعني أن أيَّ عملٍ تجري ترجمته للغة الإشارة سيحقق مشاهدة عالية، وبالتالي سيحقق ربحية مرتفعة للقائمين على الصناعة.
الأمر يمكن أن يتسع ليشمل إدماج الصم في صميم العمل السينمائي من خلال المشاركة في طرح الأفكار التي تجري معالجتها دراميًا، فضلاً عن الاعتماد على هذه الفئة في مراحل الإنتاج، لا سيما المونتاج والعناصر الإضافية؛ وهو ما يوفّر لهم جزءًا من الحقوق الاجتماعية والوظيفية، وفي الوقت نفسه الاستفادة من قدراتهم الإبداعية.
الفن حق للجميع، والسينما عنصر رئيس للترفيه حول العالم، ومن المهم تحقيق هذا الهدف الشامل وترجمته في خطوات عملية تبرز أهمية فئة ذوي الإعاقة السمعية في المجتمع وتستفيد من قدراتهم البشرية الهائلة، وتحقيق نمو في سوق السينما؛ وكل هذا لن يحدث بجهود منفردة أو مبادرات شخصية، بقدر حاجته إلى جهود جماعية منظمة في الإطار العربي، مع الأخذ في الاعتبار التنوع في اختيار الأفلام التي تُترجم للغة الإشارة وعدم التركيز على نوعية معينة.