نابليون في فخ السير الذاتية
سلطان فادن
“نابليون” فيلم تاريخي حقبوية آخر يقدمه المخرج الإنجليزي ريدلي سكوت. هذه المرة عن القائد العسكري الفرنسي الشهير نابليون بونابرت. يحكي الفيلم صعود وتسلق نابليون السريع إلى القمة في فرنسا، ثم انحداره وسقوطه. مع خط موازٍ في القصة عن علاقته القوية والمميزة بزوجته جوزفين. وبالتالي عمل الفيلم على توازن هذين المحورين الرئيسيين في عملية السرد.
جمهور المخرج سكوت كان خلال السنوات الماضية يترقب عملاً في قيمة فيلمه الجلاد “Gladiator”، وبالرغم من عدة أعمال متنوعة قدمها سكوت في السنوات الماضية، فهو لم يشبع جمهوره بعد.
الفيلم حصل على تقييمات أقل من الآمال والتوقعات “منصة روتن توميتو ٥٩٪ من النقاد، و٥٨٪ من الجمهور”.
التحدي الأساسي الذي وقع فيه سكوت ككثير من المخرجين غيره، هو فخ تقديم فيلم عن سيرة ذاتية، وبالتحديد لشخصية معروفة عالميًا. فالفوارق أصبحت قريبة بين عمل درامي يسرد سيرة ذاتية، مع أفلام وثائقية بسيناريو درامي.
في “نابليون” كان تحدي سكوت “كعادته كمخرج عنيد” أنه تعمد تقديم فيلم على طريقته الخاصة، ومنبثق من انطباعه الشخصي وبأسلوبه، ودون التزام بسرد جميع الأحداث. وهنا تحدي صناعة هذه النوعية من الأفلام، فكل متلقٍ عند مشاهدته الفيلم يدون في قائمته الشخصية ويترقب ويقارن مع الأحداث التي حصلت.
بعض المؤرخين أشاروا إلى أحداث مهمة تم عرضها في الفيلم كانت غير دقيقة تاريخيًا. وكانت حجة المخرج سكوت هنا هو قلة المصادر التاريخية الدقيقة المتوفرة، وكذلك مزاجية هذه التأريخ.
وفعلاً بعض النقاد الفرنسيين ذكروا أن الفيلم لم يظهر عظمة ومكانة نابليون وفرنسا، بينما أظهر المخرج تمجيدًا للإنجليز. وعلى الرغم أن سكوت “وهي ليست المرة الأولى” حاول أن يكون منصفًا تاريخيًا، ولكن هنا تكمن صعوبة تقبل مثل هذا الفيلم.
الفيلم أجاد في عكس الجو الملحمي، وكذلك في إخراج المعارك. الممثل يواكين فينكس حاول فرض أسلوبه وسيطرته بالقيام بدور نابليون، لكن لم تكن هناك مساحة كافية له للإبداع الفردي. أما فانيسا كيربي، فقد كان اختيارها مثاليًا لدور جوزفين.
على الرغم أن زمن الفيلم أكثر من ساعتين ونصف، فإن المأخذ الأكبر على الفيلم كان اختصاره وقفزاته للأحداث، مما أضعف التسلسل الدرامي. فجاء الفيلم كملخص تنفيذي لفيلم أطول زمنيًا وأشمل. وفعلاً تم تداول أن هنالك نسخة “للمخرج” مدتها حوالي ٤ ساعات ستخرج قريبًا. لكن الحكم والنقد هنا على النسخة التجارية المتوفرة هذه.
مثل هذه الأفلام لا يجرؤ على التحدي في تنفيذها إلا مخرجون كبار وعلى طريقتهم، تشفع لهم أعمالهم السابقة في التغاضي عن النواقص والتفاصيل.
مقولة الفيلم: نابليون: العالم كله يعلم بوصولي، ولكن ليس زوجتي؟
