ميكروفون صبيان في مؤتمر النقد
تركي صالح
أتحدث كشخص مهتم بالشأن الثقافي ويتعامل مع السينما كمادة ثقافية من حيث الأسباب والغايات. وبما أن العمل الإبداعي يبدأ كفكرة، فإن الدخول إلى عقل المبدع “هنا المخرج” يأتي عن طريقين: التعاطي مع العمل قراءة والكشف، والثاني هو الطريق الذي قدمه مؤتمر النقد السينمائي والذي عقد بعنوان “ما وراء الإطار” عبر الحوار مع مخرجي الأعمال.
بعد افتتاح المؤتمر شاهد الحضور فيلم “صبيان وبنات” للمخرج الكبير يسري نصر الله. وبعد نهاية الفيلم بدأت جلسة حوارية مع مخرج العمل، الذي تحدث فيها عن صناعة الفيلم من ناحية الدافع في العمل، الذي وضح فيه أن دافعه الأول للعمل على إنتاج الفيلم هو الرد على من يدعي أن الحجاب المنتشر في مصر هو انتصار للجماعات الدينية، بينما هناك أسباب كثيرة لارتداء الحجاب تحكيها الشخصيات. ثم تحدث عن فنيات العمل وصعوبات مراحله.
في اليوم التالي كان من ضمن الفعاليات عرض للفيلم المستقل “ميكروفون” للمخرج المصري أحمد عبدالله. بعده عقدت جلسة حوارية مع المخرج، الذي تحدث عن فيلمه وسمع أسئلة واستفسارات الحضور ورد عليها، وكان ضمن الأسئلة سؤال كاتب هذه السطور، عن الدافع لصناعة الفيلم، هل هو أيديولوجي؟ هل اختفاء الإسكندرية في فيلم أحمد عبدالله مقصود؟ بمعنى أن تغييب الوجه المحافظ للمدينة جاء ليرسخ الغياب المأمول والتبشير بأسلوب حياة شبابي يحل محله. كان الجواب يتجه للتركيز على الفرق وظروفها مع عدم استبعاد أي تحليلات ممكنة.
تفرق حضور المؤتمر بين صالات وقاعات وفضاءات متعددة ومتنوعة المشارب، كان فيها الدرس والتمرين والتحليل والنقاش والتثاقف، والتثاقف كعملية ثقافية حيوية هو ما فهمته كغاية يصبو إليها المؤتمر، فنحن نتجه في ممارساتنا الثقافية إلى حالة ثقافية تشاركية نبتعد فيها نسبيًا عن التلقين والأستاذية، حيث يمكن سبر “ما وراء الإطار”.
لقد كانت فاعلية المؤتمر وحيوية نشاطاته ظاهرة من الساعات الأولى ومتواصلة في أثناء الفعالية، حيث توزع الحضور بين الصالات وفضاءات العرض وركن الأطفال “الناقد الصغير” الذي يعتبر بحق لفتة جميلة ومهمة لزرع بذور الإبداع وفتح آفاق التجريب لدى كل الفئات.
أسبوع من الزمن كان قصيرًا قياسًا بالشغف السينمائي والفعاليات المتلاحقة، حتى إن العديد من المشاركين كانوا يطمعون بساعات أطول ومناسبات أكثر. ورغب زوار المؤتمر أيضًا في امتداد زمن المؤتمر وزيادة عدد الأفلام واتساع الوقت للندوات في مسرح النقاد خاصة، حيث كان أغلبها يقتصر على ساعة تتوزع بين المقدم والضيف والجمهور.
شكرًا وزارة الثقافة، شكرًا هيئة الأفلام، والشكر موصول للشريك الإعلامي موقع «سوليوود» السينمائي، الذي كان حضوره لافتًا وتغطياته رائعة وشاملة.
تعليق واحد