التصنيف العمري بين الإفراط والتفريط
تركي صالح
التصنيف العمري هو نظام تصنيف وتقييم لتحديد مدى ملاءمة المحتوى الإعلامي المرئي والمسموع للفئات العمرية المختلفة، ومدى مطابقته للمبادئ والمعايير التي أقرتها الهيئة.
ويهدف التصنيف إلى توفير مجموعة من الفوائد المجتمعية، أهمها: مساعدة البالغين على اختيار المناسب لهم وللأطفال الذين هم في رعايتهم لحمايتهم من التعرض للمواد التي تسبب لهم ضررًا أو إزعاجًا، وتوفير معلومات كافية عن المصنفات، وتأكيد احترام القيم المجتمعية والمبادئ العامة والمعايير التي تحكم المحتوى الإعلامي في المملكة وفقاً للأنظمة. (الهيئة العامة لتنظيم الإعلام).
ويأتي التصنيف العمري للمصنفات كالتالي:
(G)
الفيلم مناسب لجميع الأعمار، والمحتوى ضمن إطار إيجابي وخالٍ من تأثيرات العنف أو التهديد، وأغلبها أفلام كرتونية.
(PG)
يُنصح بمرافقة الراشدين لمن هم تحت 12 عامًا، والمحتوى بشكل عام آمن، ولكن يُوصى بأن يُنظر فيما إذا كان المحتوى قد يزعج بعض الأطفال، مثل: القليل من العنف أو الحزن أو الخيال.
(PG12)
يلزم مرافقة الراشدين لمن هم تحت 12 عامًا، والمحتوى بشكل عام آمن، ولكن قد يتضمن مشاهد لا تكون مناسبة لهم؛ لذا ينبغي للراشدين تقييم ما إذا كان مناسبًا أم لا. وقد تتضمن هذه الفئة من الأفلام: الخيال العلمي، والأبطال الخارقين، أو أفلامًا مأخوذة من الكتب الكوميدية.
(PG15)
يلزم مرافقة الراشدين لمن هم تحت 15 عامًا، ومواضيع أفلام هذا التصنيف مناسبة للعرض لعمر الخامسة عشرة فما فوق، ويسمح بدخول صغار السن شرط وجود الراشدين، إذ قد يتضمن مشاهد لا تكون مناسبة لهم، مثل: أفلام الأكشن، والأبطال الخارقين، والخيال العلمي، والكوارث الطبيعية، والرومانسية بحبكة بسيطة، وأفلام الحروب البسيطة.
(R15)
يمنع دخول المشاهدين الأقل من 15 عامًا، والمحتوى يتضمن مواضيع ناضجة، تُعالج بشكل محتفظ ومناسب لمن هم في هذا العمر وما فوق، مثل: الحروب، والجريمة والعصابات، والرومانسية، والرعب، والعنف.
(R18)
يمنع دخول المشاهدين الأقل من 18 عامًا، والمحتوى يتضمن مواضيع أكثر نضجًا، وقد يحتوي على مشاهد عنيفة للغاية، والعنف المنزلي، أو مواضيع سياسية.
والإشارة هنا إلى أزمة بالأخص للعناية بالمفردات الدقيقة في أقسام التصنيف العمري، فهناك تصنيفات ينصح فيها بمرافقة الراشدين لمن هم في عمر معين، وتصنيفات أخرى ينصح فيها بالمرافقة، وهناك تصنيفات يمنع فيها المشاهدة لمن هم في سن أقل.
لفترة طويلة من الزمن كانت أهم قضايا المصنفات وأساليب عرضها هو (مقص الرقيب)، وهذا المقص يختلف في حجمه وأثره من بلد إلى بلد، أو لنقل من مجتمعات لأخرى؛ إذ يختلف حجم التقبل للعمل الفني من ثقافة لغيرها، ومن نظام سياسي لآخر، وحتى بين الفترات الزمنية لمجتمع واحد، فنجد أعمالاً فنية كانت تجد قبولاً ورواجًا في فترة زمنية تقابل بنفور وحساسية تصل للمعارضة في فترات لاحقة. وهذه الإشكالية شغلت المبدعين كثيرًا، إذ إن تقطيع الأعمال حسب الرغبات والاعتبارات والمحاذير وحتى (التابوهات) يفقدها تماسكها وينزع عنها قدرتها على التعبير والتواصل مع المشاهد، فضلاً عن أن هذا الفعل الرقابي لا يلتزم بمعايير محددة يمكن أن يأخذها صاحب العمل في اعتباره؛ لذلك جاء التصنيف العمري للمصنفات كحل وسط بين طرفين، فلا العمل يتعرض للقص أو المنع، ولا يتم عرضه لكل الفئات مقابل ذلك؛ وبالتالي فإنه لا يبحث عن حرمان أي مبدع من عمله، ولكن وظيفته أن يشاهد الإبداع المتلقى الذي يستوعبه.
لكن هذا التصنيف لم يحل المشكلة نهائيًا، إذ يعتبره كثير من المنتجين عائقًا لهم في سبيل تحقيق إيرادات جيدة لأفلامهم، لأن فئة الشباب هي الأكثر في المجتمعات النامية، خاصة هي المستهدفة في الأعمال الفنية، ومبدأ الاعتراض يأتي في تصنيف بعض الأعمال بأنها للراشدين مما يمنع دخول أغلبية المهتمين. بينما يرى أغلبية من السينمائيين أن التصنيف العمري يحمى النشء ويحافظ على الفلم من القص أو المنع.
لكن، ما هي المعايير التي تتم من خلالها عملية تصنيف الأفلام لتكون، مثلاً، خاصة بالبالغين (وهي الفئة الأكثر جدلاً)؟ في معظم دول العالم هناك 9 محددات للتصنيف العمري المقيد، هي: التعصب، والمخدرات، والرعب، والعري، والجنس، والعنف، واللغة البذيئة، والدين، والسياسة.
هذا بالنسبة لعروض السينما في الصالات، لكن التصنيف العمري أصبح أكثر أهمية فيما يتعلق بمنصات العرض الحديثة عبر التطبيقات وحتى الألعاب الإلكترونية؛ إذ يقع على عاتق الوالدين دور مهم وحمل ثقيل ومسؤولية جسيمة تتمثل في حماية الأطفال من التأثيرات السلبية التي تنتج عن المشاهدة غير المنضبطة للأعمال الفنية المختلفة، التي ربما يكون أغلبها غير مناسب لسنهم، ولا لثقافتهم، ولا دينهم، ولا حتى سلوكهم الشخصي والاجتماعي. وهذا الضبط الذي يمارسه الوالدان عبر تطبيق التصنيف العمري في متابعة الأعمال الفنية وممارسة الألعاب الإلكترونية، هو الإجراء الصحيح لحصول الفائدة والمتعة وتجنب الحرمان؛ فلا التفريط وترك الحبل على الغارب حل، ولا المنع والحرمان علاج.