قراصنة الأفلام.. اللصوص اللطفاء
إيمان الخطاف
يكاد لا يخلو بيت من جمهور قراصنة الأفلام، ممن يشاهدون الأفلام المسروقة ويتبادلون نشرها بدم بارد، مرة أو أكثر، وأحيانًا يعتبرون تصرفهم «فهلوة» وذكاء، والمضحك حين ينظرون إلى القراصنة بأنهم «فاعلو خير»، بوعي أو بدون وعي، بمعنى أنها ظاهرة منتشرة ويتقبلها معظم الناس.
وفي حين تتسامح كثير من دول العالم مع قراصنة الأفلام، تسن السعودية تشريعات رادعة لوقف هذا العبث، وأحدث رقم هنا هو حظر أكثر من 3800 موقع وتطبيق تم استخدامها للقرصنة خلال العام الماضي 2022، حسبما كشفت ندوة التشريعات وحقوق الملكية الفكرية، التي أقيمت الأسبوع الماضي في منتدى الأفلام السعودي بالرياض.
وهذا يعني حظر نحو 316 موقعًا شهريًا، و10 مواقع يوميًا، وهو رقم كبير جدًا. ورغم تأكيدات الهيئة العامة لتنظيم الإعلام أنها تعمل مع الموزعين للتأكد من أن جميع الأفلام التي تُعرض في السعودية تم منحها ترخيصًا لحق العرض، فإن هذه الأرقام المخيفة تشير إلى أن «الشق أكبر من الرقعة».
والمشكلة ذات بعدين، الأول يكمن في اعتياد كثير من الناس على المواقع المضروبة للأفلام والاعتقاد أنه لا حرج في تداولها وأن السرقة تتعلق فقط بالمنتجات الملموسة وما دون ذلك مستباح. أما البعد الثاني، فيتناول الأفلام التي بالكاد توجد على منصات العرض المدفوعة، رغم أن كثيرًا من الناس لديهم اشتراك أو أكثر، في «نتفليكس»، و«شاهد»، و«ديزني بلس» وغيرها، لكن هناك أفلامًا عظيمة لا توجد على هذه المنصات رغم اشتراك الجمهور، فما الحل هنا؟ الجواب الأقرب: مواقع قرصنة الأفلام.
والنتيجة، يتضرر صانع الفيلم ومنتجه، ونحصل على فيلم مسروق بدقة ضعيفة، وشاشة مليئة بالإعلانات الرخيصة في موقع يدمج الملفات الفيروسيّة للإيقاع بالمستخدمين والتلاعب بهم. وكل هذه السلبيات تزعج المشاهد حتى إن استطاع مشاهدة الفيلم، كما تجعل نسخة الفيلم التي حصل عليها بائسة ورديئة.
وبالنظر إلى الخسائر العالمية الناجمة عن القرصنة الإلكترونية، فقد وصلت العام الماضي إلى8.4 ترليون دولار أميركي، ومن المتوقع أن تبلغ حوالي 24 ترليون دولار أميركي بحلول عام 2027.
خلاصة القول، علينا أن نعترف بوجود نقص كبير يستغله قراصنة الأفلام، فلو كان هناك موقع أو تطبيق يجمع كل الروائع السينمائية ويقدمها بشكل دائم – ليس لفترة مؤقتة – نظير رسوم اشتراك معقولة، فهذا يعني القضاء التام على قرصنة الأفلام، ولا يوجد حل آخر، فمن سابع المستحيلات إقناع الجمهور المتعطش لرؤية فيلم ما ألَّا يشاهدوه بالمجان في موقع مشبوه، ما دمنا لم نوفر لهم البديل الرسمي والقانوني لمشاهدة الفيلم.
ولعل رؤوس الأموال السعودية تنتبه لهذا التحدي بتشكيل منصة مدفوعة تتيح مشاهدة النسخ الأصلية من الأفلام دون انتهاك حقوق الملكية الفكرية، ودون مخاوف من أية مخاطر محتملة من تصفح المواقع المشبوهة، وهذا بدوره سوف يشكّل وعيًا سينمائيًا عاليًا وتفاعلاً ناضجًا ما بين الجمهور والأفلام.
ولعل المضحك هنا أنه على الرغم من أضرار القرصنة وأثرها الاقتصادي والفني السيئ، فإن هناك من ينتصر لها، مثل الروائي باولو كويلو، حين قال «أرحب بكم لتحميل كتبي مجانًا، وإن أعجبتكم الكتب يمكنكم شراء النسخة الورقيّة منها، هكذا سنخبر دور النشر أن الجشع لن ينفعها».
رسالة كويلو وصلت وأثارت الكثير من الجدل، لكن من غير المعقول أن نضع كاتبًا تدُر كتبه الملايين سنويًا، في نفس كفة صانع الأفلام الذي يربح بشق الأنفس ويحاول الاستمرار في شغفه رغم كل شيء!
المصدر: سوليوود