دماغك عدوك
فاطمة العدلاني
في منتصف القرن الماضي قام البروفيسور كارت بتجربة أمل على الفئران، فأحضر بعض الفئران ووضعهم بأكواب منتصفها ماء وملساء يستحيل التسلق بداخلها والنجاة للخارج، ثم انتظر لرؤية المدة التي يستسلم فيها الفئران من المحاولة للخروج، فكانت مدة محاولات الفئران متفاوتة كما أن بني الإنس كذلك متفاوتون في قدرة تحملهم، فكانت أقصى مدة تحملتها الفئران وبعدها تم الاستسلام للغرق هي خمسة عشر دقيقة.
ثم قام بإعادة التجربة مع أخذ الفئران بعد عشر دقائق للخارج وتركهم يستريحوا قليلًا ثم قام بإعادة وضعهم في الأكواب وانتظر مدة ليرى ما المدة التي يستغرقها الفئران قبل توقف المحاولات واستسلامهم للغرق فكانت أكتر من ستين ساعة!
تخيل ستون ساعة نعم ليست دقيقة! وفي التجربة الأولى كانت خمسة عشر دقيقة فقط، ما تفسيرك لذلك؟
في الحقيقة أن الأمل يخلق قدرة في النفس غير محدودة ففي حين أن قدرة الفئران كانت خمسة عشر دقيقة بحد أقصى، زادت إلى ستين ساعة بعد معرفة الفئران أنه هناك دقيقة ما سيتم إنقاذهم فيها وعلى هذا الأمل طالت المحاولة لستين ساعة وعلى نفس المنوال الأمل يخلق في كل المخلوقات مالا يتوقعون تحمله في الظروف العادية!
وفي الحقيقة ومع أن أحيانًا كثيرة يكون الأمل في الثوابت الكونية حولنا إلا أنه في أحيانٍ أكثر يكون نابعًا في عقولنا.
يقول جيمس آلن وهو كاتب على الطراز القديم:
“دماغك عدوك، الإنسان هو العقل وهو من يستخدم أدوات التفكير ويشكّل بها ما يريد ويخلق ألف سعادة أو ألف ألم، أنه يفكر سرًا وبيئته ليست إلا مرآة له”
ودائمًا وأبدًا ما تنجذب لك الأقدار من خلال إيمانك بحدوثها فإذا اعتقدت بكونك ستكون وإذا رأيته لن يكون فلم يكن، فدائمًا وأبدًا توقع الأفضل وآمن بحدوثه بل وانتظره كما أنك تعلم قدومه يقينًا، هنا فقط سيأتي.
فتفكير الإنسان يمكن أن يقوده إلى الأمل أو إلى اليأس ، إذا أردت أن تصل لهدفك عليك أولًا أن تجعل من قوتك العقلية والنفسية ما يؤهلك أن تكون منبع التفسيرات الإيجابية حتى تكون مرتكزًا على قوة أمل ذاتية تكون مدخرًا لك.
يجب أن تعتقد أن هناك دائمًا لحظة ما بها الفرج، لحظة ما بها الانتصار، لحظة الوصول دائمًا وأبدًا ليست ببعيدة، لكن المحزن في الأمر أن لحظة الإستسلام لحظة إفلات اليد لحظة التخلي عن المحاولة مرة أخرى تكون لحظة قريبة جدًا من الفوز ولعل المحاولة الأخيرة هي التي تصيب، هي محاولة الوصول للهدف.